العدد 1125 - الثلثاء 04 أكتوبر 2005م الموافق 01 رمضان 1426هـ

الرياض وبغداد أكبر من الإساءات!

حيدر محمد haidar.mohammed [at] alwasatnews.com

تصريحات مرفوضة كل الرفض تلك التي أطلقها وزير الداخلية العراقي بيان جبر صولاغ، والتي اشتملت على ألفاظ نابية ومهينة للمملكة العربية السعودية الشقيقة. السعودية قوة مجاورة، وعامل استقرار وضمان استراتيجي لأمن المنطقة، والرياض لعبت دورا إيجابيا في خدمة القضية العراقية بغض النظر عن اتفاقنا أو اختلافنا معها في الاجندة. تبادل الشتيمة بين البلدين العزيزين على قلوبنا لهو أمر محزن وقد ينذر بالسوء، لأننا كشعوب خليجية تحديدا، ندرك تماما أهمية الدور السعودي في منظومة الجامعة العربية، ونقدر للمملكة الشقيقة بقيادة خادم الحرمين الشريفين مكانتها العالمية المرموقة. وكما أن العراق الشقيق منذ آلاف السنين كان مهدا للحضارة الانسانية الراشدة، فإن المملكة كانت أرضها موطنا لانطلاق دعوة التوحيد بقيادة خاتم الرسل. ومنذ ذاك كانت المملكة ولاتزال طرفا أساسيا مؤثرا في المعادلات الاقليمية والدولية. وما يحز في النفس أن تصريحات الوزير العراقي تزامنت مع موجة ضغوط شديدة تمارسها الادارة الاميركية المتغطرسة بفرض عقوبات على المملكة بحجة "الاقليات المظلومة"، ولعمري منذ متى كانت واشنطن حريصة كل هذا الحرص على "حفظ حقوق الشيعة"، وهي التي ساندت نظاما دكتاتوريا طوال ثلاثين عاما في العراق، وساندت نظام صدام حسين في دخول حرب لا إنسانية ضد إيران الإسلامية ذات الغالبية الشيعية! سمو الأمير الفيصل دبلوماسي محنك، ولا نشك في إخلاصه لعروبته ولأمته تماما كما نعتقد الأمر ذاته للوزير العراقي، لكننا نرى أن مثل هذه التصريحات ستستغل من قبل أعداء العراق والمنطقة، وستشجع على تنامي فجوة نفسية بين أكبر بلدين عربيين في منطقة الخليج. وخيرا ما فعل سمو الأمير الفيصل عندما كشف عن زيارة وشيكة جدا لوزير الخارجية الايراني الجديد الى الرياض للتباحث في القضايا المشتركة، والملف العراقي خصوصا، لأن استعداء طهران في هذه الظروف العصيبة لن يصب أبدا في صالح الاستقرار والتضامن بين دول المنطقة، وخصوصا مع المؤشرات الايرانية التي أطلقتها الحكومة الايرانية الجديدة بقيادة محمود أحمدي نجاد الذي تمنى علاقة استراتيجية فريدة من نوعها مع الشريك السعودي. الكثير منا ربما خالف ما ذهب إليه الأمير الفيصل قبل أيام عن خضوع العراقيين إلى أهواء جارة مسلمة كبرى هي إيران، ولكن مهما كان الأمر ينبغي أن توضع هذه التصريحات في سياقاتها الطبيعية والموضوعية من دون أن نسمح لها بتهديد علاقة متميزة بين جارين عربيين يشتركان في الدين واللغة والوحدة السيو/ جغرافية. ولعل من نافلة القول أن نؤكد أن أية اختلافات بين وجهات النظر هي أمر مشروع مادامت نابعة عن وعي وإخلاص وبصيرة وحب للعراق وشعبه، وحكومتا الرياض وبغداد قادرتان أكثر من أي وقت مضى على إزالة مثل هذه الاختلافات، لأن ما يجمع الجارين أكبر بكثير وأكثر عمقا من تصريح أبتر خارج من هنا أو هناك. والحكومة العراقية الجديدة بقيادة إبراهيم الجعفري دائما وأبدا ما عبرت عن شكرها للمملكة الشقيقة قيادة وشعبا على وقوفها بثقلها بجانب القضية العراقية التي تمر في مرحلة بالغة الحساسية. أما وصدرت هذه التصريحات فيجب معها إعلاء صوت العقل والحكمة وعدم السماح لها بمعالجة إعلامية مفرطة. انها دعوة مخلصة من القلب للأشقاء في الرياض وبغداد، بأن يعتبروا الشتائم المتبادلة "سحابة صيف عابرة"، فليس ثمة وقت للتناحر بل وحتى الخلاف والاختلاف، فأمتنا تواجه تحديات تاريخية، وأعداؤها يتربصون بها الدوائر، ويحيكون لها المؤامرات الجسام، كفى ما حصل وعفا الله عما سلف

إقرأ أيضا لـ "حيدر محمد"

العدد 1125 - الثلثاء 04 أكتوبر 2005م الموافق 01 رمضان 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً