شهدت الحدود المغربية - الإسبانية قبل وقت قليل اشتباكات بين قوات أمن إسبانية ومئات المهاجرين غير الشرعيين الذين ينتمي معظمهم إلى أصول إفريقية بسبب اختراق هؤلاء المتسللين الحواجز الشائكة التي تفصل بين جزيرتي سبتة ومليلة الواقعتين في شمال المغرب. الاشتباكات أوقعت خمسة قتلى بسبب إطلاق قوات مدريد الرصاص المطاطي عليهم وجرحت العشرات منهم الأمر الذي أعقبه قمة بين البلدين تبحث مسألة الهجرة السرية. الاحتياطات الاحترازية التي بدأت مدريد التشدد في تطبيقها جاءت في أعقاب تفجيرات مارس/ آذار 2004 التي استهدفت قطارات وأوقعت مئات القتلى، وشنت حرب الإرهاب ضد أولئك الذين ينتمون خصوصا إلى أصول شرق أوسطية. تسلل تلك الفئات والذين يخاطرون بأرواحهم ومالهم لغاية الوصول إلى بر الأمان عند الطرف المحاذي للغرب، يتكرر بين الحين والآخر بدافع إيجاد فرص عمل. هجرة البشر مماثلة لهجرة الطيور التي هي الأخرى لم تنجو من كيد المراقبين، إذ باتت الطيور حاليا تشكل خطرا آخر يهدد حياة البشر بسبب مسئوليتها في نقلها فيروس يدعى "انفلونزا الطيور" الذي أخذ حديثا ينتشر بكثافة في منطقة جنوب شرق آسيا وأخذت منظمة الصحة العالمية على عاتقها مسئولية إطلاق تحذيرات من احتمال خطورة بلوغ الفيروس إلى منطقة الشرق الأوسط ومن ثم صعوبة تداركه والقضاء عليه مستقبلا. مفارقة بين الحدثين أن الأول يصور معاناة البشر وهجرتهم المرة تاركين أهلهم وأولادهم للبحث عن فرصة حياة أخرى التي غالبا ما تصل إلى نتيجة مأسوية بالنسبة إلى هؤلاء المهاجرين الذين ينتمون إلى الشرق الأوسط وهم "الإرهابيون" في نظر الغرب، فيما الحدث الآخر يصور هجرة الطيور ومغبة نقلها للفيروس إلى الشرق الأوسط. إذا، الشرق الأوسط لم يقتصر النظر إليه من الجانب السياسي بل أصبح مراقبا أيضا صحيا وبيئيا لما تشكله تلك المنطقة الجيو استراتيجية من أهمية قصوى لدى ذوي النفوذ الذين يجدونها منبعا يدر عليهم كثيرا من الأرباح
العدد 1125 - الثلثاء 04 أكتوبر 2005م الموافق 01 رمضان 1426هـ