لو كنت نائبا برلمانيا لتغيبت عن جلسة النواب أمس خشية أن أستقبل شهر الرحمة والمغفرة والرضوان بقانون التجمعات والمسيرات الذي كان على جدول أعمال مجلس النواب في أول أيام شهر رمضان المبارك. وحسنا فعل رئيس لجنة الشئون الخارجية والدفاع والأمن الوطني أحمد بهزاد حينما طلب من المجلس إعادة التقرير إلى اللجنة المشتركة "التشريعية والخارجية" لإجراء مزيد من الدراسة عليه لأنه بذلك حافظ على صيام أربعين نائبا، ولست أرى مفطرا من المفطرات أكثر هتكا للصوم من تمرير قوانين تقييد الحريات وتكميم الأفواه. لا أدري ما الذي دعا النائب بهزاد إلى طلب إرجاع التقرير وتأجيل مناقشته، هل لأنه اعتبر مناقشة مثل هذا القانون من المفطرات السياسية! فأراد له ولزملائه النواب صوما مقبولا فسحب التقرير لإعادته إلى المجلس بعد عيد الفطر، أم إن الأمر ليس كذلك وكان سبب سحب التقرير استجابة لرغبة بعض النواب الذين اعتبروا القانون ناقصا من دون المواكب الحسينية، فأرادوا له أن يصدر بكامل حلة قانون أمن الدولة وليس بجزء منها؟ النواب وهم يلفظون أنفاسهم الأخيرة داخل المجلس، يجب أن يستفيدوا من الدور الأخير ويستثمرونه في التكفير عن القوانين التي أصدروها وسط احتجاجات شعبية واسعة وأول تلك القوانين قانون الجمعيات السياسية الذي مازالت أصداء رفضه مدوية ومازال ذلك القانون صدمة لم يتعاف منها جسم الجمعيات السياسية بعد. إذا كان الهدف من إرجاع قانون التجمعات تضمينه المواكب الحسينية مرة أخرى، فسيتأكد للمراقبين أن المجلس لا يتحرك بوطنية خالصة، وإنما يتحرك بطائفية كل مناها أن يتغير طابع هذا البلد وتراثه وتستورد له تراثا آخر غير الذي عرف به، وهذه لوحدها جريمة يستحق أن يعاقب عليها مجلس النواب وفق القوانين والأنظمة الدولية، فهل يفعلها النواب ويثبتون تهمة تغيير التراث والعادات والتقاليد مع سبق الإصرار والترصد؟ هذا ما ستجيب عليه جلسات ما بعد العيد وأعوذ بالله من المفطرات
إقرأ أيضا لـ "عقيل ميرزا"العدد 1125 - الثلثاء 04 أكتوبر 2005م الموافق 01 رمضان 1426هـ