تصاعدت في الآونة الأخيرة احتمالات مشاركة المعارضة في الانتخابات النيابية المقبلة بعد مقاطعة دامت ثلاث سنوات، كانت فيها الجمعيات السياسية تدفع بسخاء ضريبة امتناعها عن المشاركة في التشريع، فقد خرج إليها قانون الجمعيات السياسية المكبل للحريات وقريبا ستستقبل قانون التجمعات والمسيرات - الذي لن يكون أرحم من سابقه - لتعود الساحة إلى تشنجها واحتقانها السابق، وخصوصا أن هناك من النواب من يسعى إلى تضمين مواكب العزاء بين بنود القانون الأخير. رغبة المعارضة في المشاركة ربما تدفع السلطة التنفيذية إلى تمرير القوانين التي ترغب في عدم تعطلها بصورة سريعة قبل انتهاء الدور الرابع من الفصل التشريعي الأول لمجلس النواب، وذلك لتفويت الفرصة على المعارضة حتى لا تعرقل أو تقف حائلا دون تمرير القوانين المرغوبة من الحكومة، وبما أن الدستور يكفل للنواب حق مراجعة وتعديل القوانين الصادرة في وقت سابق، فإن الفصل التشريعي الثاني - الذي سيمتد إلى أربع سنوات - سيكون شاقا بالنسبة للمعارضة، إذ عليها أن تعالج ما مرره السابقون، وهنا لن تتاح لها الفرصة كي تسن تشريعات تتوافق مع أجندتها السياسية ومع طموحات وآمال المواطن البسيط، والأمر لا يقف عند ذلك، فهي ربما توفق في التصويب وربما لا، فليس بالضرورة أن يتوافق الشوريون معها في ما تبتغي، وعندها سيصبح انعقاد المجلس الوطني أمرا واردا في الأوقات العاصفة، ومن هذا المنطلق يطالب البعض ومنذ الآن بتقليص عدد أعضاء مجلس الشورى حتى تترجح كفة النواب في مقابل المعينين، إلا أن هذا الأمر يبدو بعيد المنال في الوقت الحالي. بعد التصديق على قانون الجمعيات السياسية ثار تساؤل كبير لدى المواطنين مفاده، هل كان امتناع المعارضة وعلى رأسها الوفاق عن الدخول الى المجلس التشريعي خطأ أم صواب؟ وكان تصرف الوفاق في فترة لاحقة هو الجواب، عندما تعالت أصوات الكثير من أعضائها للمشاركة، درءا لكل مفترق طرق يؤدي بالعمل السياسي إلى الزوال، حتى أمسى الجميع مطمئنا على المرحلة المقبلة من الممارسة البرلمانية، إلا أن على الوفاق أن لا تنشغل فقط بإصلاح ما أفسده السابقون بقدر ما تفكر في تأمين مستقبل الجيل المقبل من شباب هذا الوطن