العدد 1123 - الأحد 02 أكتوبر 2005م الموافق 28 شعبان 1426هـ

الصناعات والمعلوماتية وصلابة التاريخ

جعفر الجمري jaffar.aljamri [at] alwasatnews.com

-

الصناعات تنزع إلى الضجيج، فيما المعلوماتية تنزع إلى الصمت، الأولى تتبنى الإفشاء والإعلان وأقرب إلى الفضيحة، فيما الثانية تتبنى الصمت، الإتزان، وأقرب الى الخلوة، الاعتكاف كما يرد في الأدبيات الصوفية والفقهية. العالم تغير، ما يعني أن العقلية التي تدير وتتحكم في شئون العالم هي الأخرى تغيرت، وهو تغير لا يعني بالضرورة إلى الأمثل والأحسن والأكمل، بل قد يعني النقيض من كل ذلك. تتجه الصناعات بكل ضجيجها وصخبها نحو تأكيد مزيد من هدوء وسكينة العالم، وتتجه المعلوماتية نحو تأكيد مزيد من نظمية العالم ورفاهيته ويسر انتقالاته وقفزاته النوعية. والبشرية لم تتصالح، أو على الأقل، جزء كبير منها لم يتصالح مع شروط ومداخلات ومفاجآت القرن الجديد، لأن القرن الماضي كان صدمة على أكثر من صعيد، أولها صدمة الإمعان في تحريف التاريخ، والاتجاه به ناحية الاستفراد ومن ثم الإملاء، فيما الصدمة الأكبر تتركز في تحريف الجغرافيات، بالنظر إلى أن التاريخ صلب في علائقه باشتراط أن الذي يرصده ويكتبه شاهد صلب. تترك الجغرافية عرضة لأكثر من عراء، ما يفقدها الصلابة المرتجاة جغرافية رخوة تظل عرضة لإعادة التشكل، ومثل تلك الرخاوة وإمكان التشكل، يدفعان بالجغرافية إلى أن تكون أداة سهلة للتفجير، وتسخيرها كحزام ناسف في وجه عالم لا يخلو هو الآخر من رخاوته. الصناعات والمعلوماتية يصنعان المستقبل، ويفترض أنهما يمهدان لكتابة تاريخ يستمد صلابته من أثر ما يتركانه على مجمل واقع الإنسان، فيما يفترض أن يمهدان في الوقت نفسه لصلابة جغرافيات عانت طويلا من سطوة الحروب والانتهاكات التي أثخنتها طويلا

إقرأ أيضا لـ "جعفر الجمري"

العدد 1123 - الأحد 02 أكتوبر 2005م الموافق 28 شعبان 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً