العدد 1122 - السبت 01 أكتوبر 2005م الموافق 27 شعبان 1426هـ

تطبيع أم تضبيع؟!

أحمد البوسطة comments [at] alwasatnews.com

عادة ما يستقبل صاحب الحاجة من صديقه بسؤاله: ها بشر، "سبع ولا ضبع؟!"، فإذا أجاب بـ "سبع"، فذلك يعني أنه نجح في مهمته، وإذا أجاب بـ "ضبع"؛ فإن البشارة سيئة، أي انه لم يحقق مراده: "غراب"، الله وكيلك. شالوم، "طيب الذكر"، دعا في تصريح ذات مرة، الدول العربية التي تقيم علاقات سرية مع كيانه اللقيط إلى "الكف عن خجلها وتمنعها" وكشف ذلك على الملأ. وجاءتنا البشارة "الرسمية ضبعا": بـ "رفع الحظر عن البضائع الإسرائيلية، ثم جرى الحديث بقوة حول التطبيع"، لأنه في بعض الدول لم يعد هذا "التطبيع" إثما عربيا حتى تكون الاتصالات سرية في عالم لم يعد للأسرار مكان، إلا في شرقنا الحبيب - عين عذاري -: "يطبع" مع العدو و"يضبع" مع شعوبه. حكومتنا، ليست استثناء عن الشرق الحبيب، لذلك، قررت إلغاء المقاطعة الاقتصادية "للكيان اللقيط". "نعم اتخذنا فعلا هذا القرار. هناك اتفاق تجارة حرة وقعته البحرين والولايات المتحدة، واتفاقات التجارة لا تطبق قرارات المقاطعة"، كما جاء على لسان مسئول كبير. وماذا نفهم من ذلك؟! بحسب فهمي المتواضع، ان التطبيع قادم عبر البوابة الأميركية و"الاستقواء" بها، وهو اتهام توجهه حكومتنا إلى المعارضة بين الحين والحين، ويقوم "كتاب الموالاة" بفزعة عندما يسمعون كلمة "الخارج" من معارض يجتمع هنا وهناك، بينما المعارضة في أسمى صورها تعني "الاختلاف في الرأي"، ويستخدم "الخارج" عادة كورقة مهمة في الضغط على الداخل، وبين الداخل والخارج ترابط عضوي لمسيرة الإصلاح وتقريب الدول المتخلفة ديمقراطيا صوب الديمقراطية الحقيقية. يقول الكاتب المصري ماركوس ملطى عياد في مقال بعنوان: "لو أصغيتم لهمساتنا ما صرخنا": "لاعب كرة القدم إن ظلمه ناديه فإنه يرفع شكواه إلى الاتحاد الدولي "الفيفا"، فلم لا يتهمه أحد بالخيانة أو العمالة أو بتشويه سمعة مصر أو بالتطرف كما يتهمون الأقباط؟". كان الأجدر بحكومتنا أن تفكر ألف مرة قبل التطبيع مع الكيان اللقيط، وقبل أن تعرض علينا "مهاراتها الدبلوماسية التصالحية مع "إسرائيل" من خلال اتفاق التجارة الحرة مع الولايات المتحدة"، أن تطبع مع المعارضة البحرينية في الداخل، وتطبع مع الشعب بإيجاد الحلول للملفات العالقة، أو أقلها كشف ضريبة الخمسة فلوس "للمجهود الحربي" الذي تتخذه الحكومة من طوابع البريد منذ العام ،1967 وكما يقال: "فجحا أولى بلحم ثوره". وعلى رغم ما يستند اليه الكثير من الكتاب من ذرائع لضرورات التطبيع، أو رفع الحظر الاقتصادي، أو كسر الحاجز النفسي مع الكيان الصهيوني، أو التدرب على التسامح الإنساني مع هذا الكيان، فإن من الواجب على صناع القرارات المصيرية محاورة شعوبهم والاعتراف بها، والتنازل لها، وإظهار لفتة كريمة من خلال منع إصدار قوانين تقيد من حريتها؛ أليس جحا أولى بلحم ثوره؟! أو أليس الهرولة نحو الشعب ومصالحته أجدى وأنفع للحكام والمحكومين بكثير من سكان المستوطنات، أو رضا واشنطن ومجاملتها على حساب المستضعفين الذين يدفعون من البدء حتى الخاتمة الثمن من دمائهم وعرقهم وطاقاتهم في تصحيح علاقة مع كيان لا ناقة لنا فيه ولا جمل؟!

العدد 1122 - السبت 01 أكتوبر 2005م الموافق 27 شعبان 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً