في الوقت الذي نشاهد فيه التحولات تلو التحولات داخل جسم المعارضة في البحرين، وأصبحنا نأمل خيرا، فإن الوضع لا يبدو مشجعا في الجهة المقابلة، أي في داخل الدولة وأجهزتها المختلفة. فمثلا، في الوقت الذي لا تخضع فيه الدولة لرقابة مستقلة على أدائها المالي، إذ مازال المعارضون يطالبون باستقلالية ديوان الرقابة المالية وإلحاقه بمجلس النواب المنتخب، تقوم هي بحصار المؤسسات الخيرية والتضييق عليها مرة تلو الأخرى، فالصناديق الخيرية وقبلها الفقراء يدفعون ثمنا غاليا، بسبب الإجراءات التضييقية من قبل وزارة الشئون الاجتماعية التي تراقب الصادر والوارد باسم القانون، وكذلك إجراءات بعض المصارف التي فرضت ضريبة على التحويلات المالية للصناديق الخيرية. وفي الوقت الذي مازالت "كتبة كتيبة الموالاة" كما يقول زميلنا قاسم حسين، تحاسب المعارضة ليلا ونهارا، على ماضيها، واتهامها بأجندات خفية لم تتغير، إلا أن الدولة لا تقبل أن يتحدث أحد عن ماضيها، فضلا عن أن يحاسبها أحد عليه، ويكفي هنا ما نص عليه قانون المجلسين من أنه لا يحق لمجلس النواب محاسبة الحكومة عن أمور حدثت قبل انعقاد أول جلسة من جلسات المجلس الوطني. الدولة تقصف معارضيها، عبر كتيبة من الكتبة الذين احترفوا الشتم لكل ما هو غير حكومي، يوميا على صفحات الصحف، لكنها لا تقبل أن تتم استضافة أي معارض للحديث عن شأن سياسي داخلي، لا في الراديو ولا التلفزيون، وحتى الصحافة ضاقت على المعارضة بما رحبت صفحاتها، إلا في صحف قليلة ربما لا تزيد على الصحيفتين حاليا، فالدولة مازالت تثور إذا عطس معارض أمامها. من هذه الإطلالات لابد من السؤال؛ لماذا لا تحاور الدولة أحدا؟ فبدلا من إتقان التهميش والحصار للمعارضة، لابد من إتقان فن الحوار والتوافق مع الآخر. وأزعم القول؛ إن أحدا لم يستطع إقناع الدولة بالحوار معه، إلا التجار الذين استطاعوا فرض رتم وخيارات يريدونها على مشروع إصلاح سوق العمل
العدد 1122 - السبت 01 أكتوبر 2005م الموافق 27 شعبان 1426هـ