العدد 1122 - السبت 01 أكتوبر 2005م الموافق 27 شعبان 1426هـ

أهالي المقشع يطالبون بالتدخل لوقف المهزلة

سكينة العكري comments [at] alwasatnews.com

أهالي المقشع، تلك القرية الصغيرة التي لاتزال تحت أنقاض الفقر والعوز والحاجة حتى بعد أن أطلق سمو ولي العهد مبادرته التي دعت إلى توفير مساكن جديدة لأهالي القرية، لنقلهم من حالهم المأسوية إلى حال أفضل، يبدو من خلال المتابعة والالتقاء ببعض الأهالي المتضررين، أن قصتهم بدأت الآن ولم تنته، بما يذكرني بالمثل الشعبي "سخنا الماء وفر الديك"! فالفرحة التي شعروا بها وأحسوا بأنها انفراجة لأزمة سكنية وفقر يعانون منه، ما لبثت أن ضاعت منهم. سمو ولي العهد الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة عندما زار القرية، ورأى الحال المعيشية الصعبة التي يعيشونها، وعدهم خيرا وكان عند كلمته، فحول الوعد إلى واقع بتوفير المساكن، ولكن المتنفذين المحسوبين على أهل القرية وممثلي الشعب حالوا دون حصول الأهالي على استحقاقاتهم، فزادت معاناتهم وبدأت حينها مشكلاتهم تكبر. فسابقا كانوا يعانون فقط من مشكلة الفقر وسوء الأوضاع المعيشية وعدم توافر السكن الملائم الذي توفر للإنسان كرامته، ولكنهم الآن اتسعت مشكلاتهم لتشمل حتى النسيج الاجتماعي والعلاقات الاسرية والإنسانية بينهم، والسبب يرجع بشكل مباشر إلى الآلية المستخدمة والتي توصف بالمستبدة وغير العادلة في توزيع البيوت بعد الانتهاء منها، إذ قام البعض باستغلال نفوذه وسلطته ومكانته في القرية، إلى جانب سيادة الأمراض الاجتماعية المعروفة كالمحسوبية والواسطة في توزيع البيوت على الأقارب، ما جر القضية إلى منعطف آخر أكثر خطورة على وضع الأهالي. هذا إلى جانب ممارسة البعض نوعا من الانتقام والثأر في محاولة لرد الاعتبار، ولاسيما أن هناك وعودا انتخابية أطلقها أحدهم للناخبين إبان الانتخابات النيابية السابقة بأنه سيساعدهم في الحصول على بيوت وأراض في حال الدعم والتصويت له، وأنه لن يسعى إلى تقديم الامتيازات والخدمات لهؤلاء الذين لا يرغبون في تقديم العون والمساندة له، ومع ذلك لم يلتزم بوعوده إذ إن البعض صوتوا له ولكنه لم يف بالتزاماته تجاههم، وبذلك فإن الوقت قد أزف لأخذ ثأره من الناخبين. هناك تجاوزات بالجملة سلط الضوء عليها أهالي المنطقة المتضررون الذين التقيت بهم شخصيا في هذا الملف، والأمور تبدو متشابكة ومعقدة للغاية. بعض العوائل تم وعدها بإعطائها بيتين ولكن عند توزيع البيوت تقرر إعطاؤها بيتا واحدا فقط، على رغم أن عدد أفراد الأسرة يصل إلى "26" فردا، إلى جانب الكثير من التفاصيل المحزنة، فعندما يتم توجيه اتهام من قبل الأهالي إلى النائب من خلال الصحافة والإعلام يأتي التبرير والجواب من قبله بأنه لا دخل له في عملية التوزيع وآلياتها، وأن الصندوق الخيري بالمنطقة هو من يقوم بهذا الدور، ناسيا ومتناسيا أن رئيس مجلس أمناء الصندوق هو نفسه الشخص المتورط في عملية التوزيع "فهو القاضي والمتهم في آن واحد"! وهناك إشارات واضحة وأمثلة صارخة بأنه قد قام بتوزيع البيوت وفقا لمعايير غاية في الغموض وعدم الشفافية، وتعتمد بدرجة كبيرة على المحسوبية والقرابة. فقد وضع قائمة تحتوي في مجملها على أقاربه ضاربا بعرض الحائط أصحاب الحالات الخاصة ومدى حاجتهم للسكن، على رغم حرص ورغبة الأهالي أن تكون وفقا للأحقية والضرورة بحيث يأخذ كل صاحب بيت قديم بيتا جديدا إلى جانب بقاء بيته القديم. وهذا هو أساس المبادرة التي جاء بها سمو ولي العهد. ولكن الواقع أفرز نتائج غير مرضية وقاسية جدا، فالفقير ازداد فقرا والغني ازداد غنى بحسب وجهة نظر الأهالي، إذ إن أصحاب البيوت القديمة والآيلة للسقوط بقت بيوتهم مكانها ولم تتحرك، وأصحاب البيوت الحديثة تسلموا بيوتا جديدة إلى جانب احتفاظهم ببيوتهم، لذلك ضج أهالي القرية من هذا الوضع السيئ والذي يزداد سوءا، وهم بذلك يأملون من ولي العهد التدخل الفوري في الموضوع وبشكل مباشر لوقف المهزلة التي يعيشونها، ويفكرون في إرسال رسالة يعبرون فيها عن معاناتهم ويوضحون جوانب الموضوع، فسموه الأقدر على إدارة الملف. أهالي المقشع يطالبون القائمين على تنفيذ المكرمة الالتزام أولا بما جاء فيها من مضامين والالتزام بروحها، إذ يحرصون على بقاء القرية القديمة كما هي، ولهم في ذلك مجموعة من المبررات حيث ذكريات الطفولة والصبا والحفاظ على التراث والأصالة، ويرون أن القرية إذا كان من المقرر لها أن تهدم وتمحى ملامحها فالأولى أن تهدم جميع قرى البحرين، فليس للمقشع خصوصية تختلف كثيرا عما هو سائد بالنسبة إلى القرى الأخرى إذ توجد أيضا بيوت آيلة للسقوط. كما يرفضون رفضا قاطعا تحول مشروع الإسكان إلى عمارات سكنية، لما له من تبعات كثيرة وعدم رغبة الأهالي في الحصول على طلباتهم الإسكانية من خلال مشروع العمارات السكنية، وإنقاذ ما يمكن إنقاذه. إن أهالي القرية وللأسف الشديد تعرضوا إلى ضغوط كثيرة وعلى جميع الأصعدة فقد قام أنصار النائب باللف والدوران على الجميع، تارة يلجأون إلى كبار السن من أجل إقناعهم بأهمية التوقيع على التعهد والإقرار بتسليم البيت، وتارة يحاولون إحداث مشكلات بين أفراد الأسرة الواحدة، وما خفي كان أعظم. أهالي القرية همشوا في الكثير من الخطوات والمراحل السابقة، سواء في اختيار وتشكيل اللجنة التي تشرف على تنفيذ المشروع، إوالتي لم تكن تحظى برضا وارتياح الأهالي لعملية الاختيار، وبالتالي لا تمثلهم. كما ان اللجنة نفسها لا تمتلك القرارات النهائية، فاللجنة نفسها تتفاجأ في الكثير من الأحيان بما يحصل على أرض الواقع، وهي لم تجتمع أصلا سوى اجتماعين فقط، ولكن يتم استغلال الأمر إعلاميا بأن اللجنة اجتمعت واجتمعت، واللجنة في حقيقة الأمر لا تحدد مواقف ولا تحدد معايير ولا آلية "لا تحل ولا تربط"، وأن هناك صوتا واحدا هو السائد وبالتالي استغلال المكانة والسلطة في غير مكانها. الأهالي عبروا عن مطالبهم أكثر من مرة بتبني آلية توزيع البيوت عن طريق القرعة وليس عن طريق الانتقاء المتبع حاليا، كما يكون أعضاء اللجنة التي يريدها الأهالي من خارج المنطقة، بحيث تتميز بالحيادية والاستقلالية، لا بالتبعية وعدم القدرة على اتخاذ القرارات الموضوعية. أهالي القرية لديهم اقتراح وجيه وغاية في الأهمية والموضوعية وينال استحسان الأغلبية، وهو أن يتم توزيع البيوت بالشكل الآتي: صاحب البيت القديم يتسلم بيتا جديدا ويحتفظ ببيته القديم، وبالتالي أصحاب البيوت القديمة جميعهم يتسلمون بيوتا جديدة، وبالتالي يتبقى "30" بيتا يتم توزيعها على أصحاب الطلبات الإسكانية القديمة، وهذا من وجهة نظرهم معيار منصف للغاية. الكرة الآن في ملعب أصحاب القرار، ونأمل أن يتفاعلوا مع القضية بشكل يتلاءم مع حجم الملف. * كاتبة بحرينية

إقرأ أيضا لـ "سكينة العكري"

العدد 1122 - السبت 01 أكتوبر 2005م الموافق 27 شعبان 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً