كلمة جلالة الملك أمس في بداية انعقاد الدور الرابع من الفصل التشريعي الأول لمجلسي الشورى والنواب يحمل في ثناياه رسائل كثيرة، نأمل أن نراها تتحقق وأن تزداد أكثر لكي تتشجع القوى السياسية المقاطعة للبرلمان على الدخول في العملية السياسية من كل أبوابها المفتوحة حاليا، ومن الابواب التي ستنفتح مستقبلا. لقد بدا واضحا ارتياح جلالته من مناقشة النواب لموازنة الحكومة، وهي المرة الأولى التي يتم فيها طرح أسئلة كان مجرد التلويح بها قبل عدة سنوات يرسل الشخص السائل إلى السجن. أما اليوم، فبالإمكان طرح عدد من الأسئلة، ومن المتوقع أن تزداد الأسئلة في الفترة المقبلة. وانعكاسا لهذه الشفافية الأكبر، أصبحت البحرين في العام الماضي من أفضل الدول العربية اجتذابا لرأس المال، وهي مؤهلة لأن تجتذب المزيد من رؤوس الأموال مع ازدياد الشفافية. وكانت "الوسط" قد انفردت قبل عدة أسابيع بنشر البيان الختامي لمصروفات الحكومة للعام الماضي، وهذه أول مرة منذ الاستقلال يتم نشر البيان الختامي للمصروفات وتتم مقارنتها بالموازنة، وهذا يؤكد دور الصحافة المنشود في العهد الإصلاحي الذي يرعاه الملك. جلالته أشار إلى أنه يأمل بان يبدأ العمل بقانون الضمان الاجتماعي مع مطلع العامل المقبل، مع خطة متكاملة لتوظيف أكبر عدد من المواطنين. كما أشار الى ان مشروع إصلاح سوق العمل سيخضع أكثر لعملية المشاورة، وأنه لن تكون هناك مواد تفرض على المجتمع أو القطاع الخاص إلا بعد مزيد من المشاورات، وأن أي تطبيق للمشروع سيأخذ في الاعتبار ضرورة التدرج والمرونة والوقوف عند كل محطة قبيل اتخاذ قرار نحو الخطوة التالية. وفي هذا الحديث تلبية مباشرة لمطالب غرفة التجارة والصناعة، وكذلك لآراء الخبراء الذين يستشيرهم مجلس التنمية الاقتصادية. وهذا التصريح يعتبر تأكيدا للنهج الذي يدعو إليه جلالة الملك وهو السير بصورة جماعية وتوافقية نحو الأهداف المنشودة. القطاع الخاص ينشط حاليا، وكثير من رؤوس الأموال تأتي من خارج البحرين، وأصحاب رؤوس الأموال سيشركون في الاستشارات الجارية حاليا، وهذا أمر آخر يمكن استيحاؤه من خطاب الملك. ولاشك أن هذه الخطوة سيرحب بها أصحاب الأعمال الخليجيون الذين بدأوا في تحريك المشروعات الضخمة في البحرين خلال السنوات الأخيرة، والذين من المتوقع أن يحركوا المزيد من المشروعات الاستثمارية قيد التنفيذ. الكلمة الملكية أيضا طلبت من البرلمان أن يناقش برنامج الحكومة بالتفصيل وأن يطلب من الوزراء تحديد أولوياتهم وتكون لهم كامل الصلاحية في مناقشة البرنامج بهدف إقراره أو رفضه. وهذا يعتبر تطويرا عن الماضي، فالحكومة نشرت برنامجها مرة واحدة منذ بداية الانفتاح، وعرضته على المجلس من دون أن تكون هناك مناقشات لاقراره أو رفضه. وهذه الدعوة تحتاج إلى تفعيل مباشر من النواب الذين يمكنهم أن يعبروا عن رأي الناس بموضوعية وحرفية، بعد أن مضى على عملهم ثلاث سنوات، وهم الآن يدخلون العام الرابع. إن انتخابات البرلمان القادمة ستشهد تطويرا حقيقيا إذا دخلت "جمعية الوفاق" في الانتخابات، لأنها بذلك ستمثل مشاركة أكبر شارع سياسي ابتعد عن البرلمان لحد الآن. وفي الحقيقة، فإن جميع القوى والشخصيات بدأت تشتغل على أساس أن "الوفاق" ستدخل الانتخابات، ما يعني أن الترتيبات يجب أن تأخذ في الاعتبار قوة فاعلة سيكون لها دور مشهود عندما تشارك لتعبر عن جمهورها، وهو ما آمله شخصيا أن يتحقق، لما في ذلك من مصلحة للمواطنين وللبحرين ولـ "الوفاق" نفسها
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 1122 - السبت 01 أكتوبر 2005م الموافق 27 شعبان 1426هـ