27 امرأة يمارسن الدعارة ليس حبا في ممارستها، وإنما لسداد ديون متراكمة عليهن في المصارف، لكونهن مطلقات أو أرامل، وإذا لم يدفعن فإن معنى ذلك الحجز على كل ما لديهن وطردهن من بيوتهن مع أولادهن. قد تصدم هذه الحقيقة الكثيرين، لكنها واقع مرير اضطرت إليه أولئك الأمهات لأنه الوسيلة الوحيدة لتسديد هذه الديون التي قمن باقتراضها لأسباب ضرورية وهن يعملن أو كان ينفق عليهن أزواجهن قبل وفاتهم، وفجأة مات الزوج وانقطع المال وتراكمت الديون والمصرف يريد أمواله. فماذا تفعل أمثال أولئك النساء؟ بعضهن لا يملكن العلم والعمل وبعضهن الآخر لديهن العلم ولكنهن بحثن عن وظيفة فلم يجدن، والأبناء ومطالب الحياة الأساسية لا تتوقف فمن أين يجئن بالمال للإنفاق على أسرهن وتسديد الديون المتراكمة عليهن؟ لكل واحدة من أولئك النساء البائسات قصة مأسوية وحرمان وفقر تتقطع له النفوس الخيرة، جاءني بها عبدالكريم بوعلاي الذي كرس نفسه لمساعدة الفقراء منذ زمن طويل، وأعتبره يدي اليمنى في إلقاء الضوء - باعتباري كاتبة - على هذه المآسي التي لا يعرف عنها الكثيرون في البحرين. وأنا واثقة من أن قلوب المسئولين في الدولة والمصارف والمقتدرين ماديا لن تتخلى عنهن وستمد لهن يد المساعدة لكي يجدن حلولا لديونهن المتراكمة والتوبة عن الدعارة والعيش بكرامة حياة شريفة فاضلة. إحدى هذه الأمهات اقترضت من المصرف لبناء حمام لبيتها وسقف يمنع عنهن المطر الذي كان يتساقط عليهن من السقف القديم... وقامت بشراء سيارة قديمة لقضاء احتياجات أسرتها، لكنها لسوء الحظ تحطمت في حادث وبقي الدين يتراكم... فلم تجد أمام ترام الديون وعدم قدرتها على السداد إلا الدفع ببناتها لممارسة الدعارة لكي يمكنها سداد الديون وإطعام أبنائها وحتى لا يحجز المصرف على ما لديها. إن كل ما أتمناه أن تدرس المصارف حالات أولئك الأرامل اللواتي لا يعملن وتراكمت عليهن الديون، ويقومون بدراسة ظروفهن المادية القاسية ويقومون بإلغاء الديون عنهن كما تفعل الدول الغنية عندما تلغي ديون الدول الفقيرة حتى يجنبن أولئك النساء الشريفات الانحراف طلبا للمادة. أرملة كانت تعمل في شركة بحرينية، كبر أبناؤها ووصلوا إلى المرحلة الجامعية. شاء سوء حظهم أن تكون درجاتهم أقل بدرجات قليلة لقبولهم في جامعة البحرين، حاولت مع رئيسة الجامعة أن تقبل أبناءها لفقرهم فلم تقبل بحسب قوانين الجامعة... اضطرت هذه الأم أن تقترض مبلغا من المال لتقوم بتدريس أبنائها في جامعة خاصة، سارت الأحوال بشكل جيد إلى أن فرضت عليها الشركة التي تعمل لديها التقاعد المبكر، لتنفيذ سياسة الاستغناء عن بعض الموظفين لتوفير النفقات، وتراكمت عليها الديون وأبناؤها مازالوا في الجامعة... والمصرف الأجنبي يطالبها بتسديد الدين الذي أخذته؟ فماذا تفعل؟ هل تقضي على مستقبل أبنائها بعد أن ذاقت الفقر في طفولتها وشبابها؟ اضطرت أن تمارس الدعارة لتحصل على المال الذي يمكن أبناءها من إكمال تعليمهم. فهل يمكن لذلك المصرف أو أي مقتدر في البحرين تبني تدريس هذين الطالبين وإعادة هذه المرأة إلى الحياة الشريفة؟ والمؤلم حقا أن يستغل أحد الأشخاص وظيفته في توزيع الزكاة على الأرامل والمطلقات في إحدى الوزارات فيرغم أولئك النساء على ممارسة الرذيلة معه حتى ينفق عليهن من زكاة الناس المسئول عن توزيعها... وهذه المعلومة حصلت عليها من أولئك النساء أنفسهن... حتى أن إحداهن حاولت أن يقال هذا الرجل بسبب تعرضه لها... ما اضطر إلى إحالته على التقاعد بدل إقالته... لكن بعد أن اعتدى على الكثيرات. وكان يجب أن يعاقب بالسجن على ما ارتكب. امرأة مطلقة لديها ثلاثة أطفال معرضة للطرد من شقتها بعد أن ساعدها أهل الخير أربعة أشهر. والآن يحاول معها صاحب مكتب العقارات أن تنحرف معه لكي يلغي عنها الإيجار. فماذا تفعل مثل هذه المرأة التي لا تعمل ورماها زوجها هي وأبناءها ولا يسأل عنهم؟ هل يوجد حل لها لدى المسئولين مادام قانون الأحوال الشخصية لم ير النور ولا أدري لماذا؟ وأين يسكن أمثال أولئك المطلقات اللواتي ليس لديهن مؤهل ليعملن. مآس كثيرة لم أذكر إلا القليل منها تعيشها أولئك النساء ولا يجدن حلا لواقعهن المأسوي إلا ببيع أجسادهن لتسديد ديونهن وإعالة أبنائهن... فهل من حلول عملية يمكن أن تساعد المصارف ومعها المسئولون في الدولة... كما تكرم رئيس مجلس الوزراء بأن أمر أن تدفع الدولة فواتير الكهرباء للأسر الفقيرة، كذلك القادرون ماديا، في توفير حياة شريفة وكريمة لأولئك النساء وأطفالهن... أتمنى ذلك والقوائم موجودة لدى عبدالكريم بوعلاي. والله لن ينسى من يفرج كربة أي إنسان ليفرج له سبحانه كربة يوم القيامة. * كاتبة بحرينية
إقرأ أيضا لـ "سلوى المؤيد"العدد 1121 - الجمعة 30 سبتمبر 2005م الموافق 26 شعبان 1426هـ