أقر الناخبون الجزائريون بغالبية ساحقة بلغت 97,4 في المئة ميثاق السلم والمصالحة الوطنية الذي اقترحه الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة. وقال وزير الداخلية الجزائري يزيد زرهوني: "إن نسبة المعارضين لم تتجاوز 2,64 في المئة، مشيرا إلى أن نسبة المشاركة في الاستفتاء الذي جرى أمس بلغت نحو 80 في المئة من إجمالي الناخبين الذين يحق لهم التصويت والبالغ عددهم 18,3 مليونا. وأكد أن المشاركة الكثيفة للشعب الجزائري في الاستفتاء وتصويته بالموافقة على ميثاق المصالحة يعد تزكية لخطة الرئيس بوتفليقة للخروج من دوامة العنف الدموية في البلاد، مشددا على ضرورة أن تعمل الحكومة الآن على إصدار القوانين اللازمة لترجمة نتائج الاستفتاء على أرض الواقع. ويعرض الميثاق عفوا عمن يسميهم المتشددين المحتجزين أو الفارين أو الذين يحملون السلاح ويسقط الإجراءات القانونية الأخرى، ولكنه يستثني من العفو الذين شاركوا في مذابح مثل تلك التي وقعت في العام 1997 في ضاحية بن طلحة في العاصمة وقتل فيها 400 مدني. كما يدعو الميثاق إلى طي صفحة "المأساة الوطنية"، ولكنه يحظر على المسئولين السابقين في الجبهة الإسلامية للإنقاذ المحظورة المشاركة في الحياة السياسية، في خطوة يقول محللون إنها جاءت لضمان عدم اعتراض الجيش. ويعتبر أنصار المقاطعة أن الميثاق بشكله الحالي يشكل حال فقدان ذاكرة جماعية لأنه يكرس مبدأ عدم معاقبة قوات الأمن على تجاوزاتها في أعمال العنف التي شهدتها البلاد، وخصوصا ملف المفقودين. ولتأكيد معارضتهم للعفو الشامل دفن بعض ذوي ضحايا العنف الذي يعصف بالبلاد منذ 13 عاما بطاقات الاقتراع بجوار مقابر ذويهم، مطالبين بتحقيق العدالة قبل أي عفو محتمل. إذن النسبة المرتفعة للمشاركة في الميثاق قد لا يكون سببها الاقتناع به وبأنه سيكون "المفتاح السحري" لحل مشكلات الجزائر المختلفة والتي تؤثر على المواطن مباشرة، وإنما لأن الجزائريين "ماتوا" تعبا وخوفا مما يحدث من قتل وإرهاب لا يوصفان ويريدون أن يتشبثوا بأمل جديد عله ينقذهم من الوضع الراهن. وأولئك الذين قاطعوا أيضا محقون لأن فقدان الأهل والأصدقاء بهذه الصور البشعة "قتل وتقطيع جثث" يسبب حرقة لا تهدأ قبل معرفة المسئول الحقيقي عن هذه الجرائم ومحاسبته، فهل يحصل الطرفان على الراحة المنشودة ولو بعد حين؟
إقرأ أيضا لـ "خليل الأسود"العدد 1121 - الجمعة 30 سبتمبر 2005م الموافق 26 شعبان 1426هـ