بعد ثلاث سنوات عجاف حان الوقت للبرلمان وهو في مستهل دور الانعقاد الرابع أن يولي اهتمامه بالمسائل الاقتصادية. فخلال السنوات الماضية ركز البرلمانيون على كل أنواع الأمور إلا المسائل الاقتصادية. أو على أقل تقدير لنقل إن الأمور الاقتصادية التي تهم العباد والبلاد لم تمثل الأولوية لدى المشرعين مع بعض الاستثناءات هنا وهناك.
بعض الأخطاء الاقتصادية
في هذه الحلقة نركز اهتمامنا ببعض التجاوزات الاقتصادية التي حدثت في البرلمان مثل زيادة أيام العطل السنوية وتمرير موازنة السنتين الماليتين 2003 و2004 بسرعة البرق وفشل الحصول على مبلغ "بونس" لجميع البحرينيين والتسبب في هروب الحفلات الترفيهية من البلاد. أولا، زيادة عدد أيام العطل السنوية من 13 يوما إلى 15 يوما في السنة، الأمر الذي لا يخدم المصلحة الاقتصادية للبلاد. بالمقارنة يبلغ عدد أيام العطل في قطر 10 أيام في السنة "الأقل بين دول مجلس التعاون". وهذا بدوره ساهم في حصول قطر على المركز الأول بين دول المنطقة فيما يخص القدرة التنافسية للاقتصاد. فزيادة عدد أيام العطل السنوية لا يخدم مسألة جلب الاستثمارات للبلاد. المعروف أن الاقتصاد البحريني يعاني من أزمة بطالة حادة وهو بحاجة ماسة إلى الاستثمارات المحلية والأجنبية لتنشيط الاقتصاد وبالتالي إيجاد وظائف جديدة. لا أعتقد أننا بحاجة إلى التذكير بحجم البطالة في البحرين، إذ لايزال أكثر من 20 ألف مواطن "بدون" يمثلون نحو 14 في المئة من حجم القوى الوطنية. ثانيا، تمرير موازنة السنتين الماليتين 2003 و2004 من دون تمحيص يذكر. وتبين لنا حجم الأخطاء التي وقعت في الأرقام النهائية للعام ،2004 إذ ارتفعت الإيرادات الفعلية بواقع 61 في المئة والمصروفات بنحو 11 في المئة وتحويل العجز المتوقع إلى فائض. بل عملت الحكومة على تدويل جزء من الفائض لمصروفات المشروعات وجزء آخر لشراء الأسلحة وتسجيل فائض حقيقي محدود. نتمنى أن يقوم الإخوة في البرلمان بفتح تحقيق في مسألة الأرقام النهائية للسنة المالية، إذ حدث تغيير في الإيرادات والمصروفات والعجز فضلا عن التفاصيل الأخرى مثل تدويل الفائض. ثالثا، عدم القدرة في الحصول على "البونس" لجميع المواطنين. بل تبين أن الحكومة هي من قررت منح "بونس" قدره 200 دينار فقط للمواطنين العاملين في الدوائر الحكومية. في بداية الأمر كان الحديث عن منح كل مواطن 500 دينار فضلا عن وعود أخرى، لكن لوحظ أن الحكومة وافقت على مبلغ "البونس" المحدود أصلا وذلك بعد إقرار البرلمان موازنة السنتين الماليتين 2005 و.2006 حقيقة، ما شاهدناه هو حصول نوع من الشد والجذب بين التيارات الدينية والسياسية الموجودة تحت قبة البرلمان. فرأينا أن إحدى الكتل البرلمانية أثارت موضوع "العيدية" للعام الماضي بينما أصر تيار على فكرة 500 دينار. لكن في نهاية المطاف فشل الطرفان في فرض رأيهما على الحكومة. فقد أقدمت الحكومة على منح مبلغ ضئيل، وذلك على رغم تحقيق فائض مالي ضخم في العام .2004 رابعا، التسبب في إلغاء بعض الحفلات. أدت تصرفات بعض أعضاء البرلمان في إلغاء بعض البرامج الترفيهية المزمع عقدها في البحرين، والأهم من ذلك إيجاد ثقافة جديدة مفادها أن الحفلات الترفيهية غير مرحب بها في البحرين، أو على أقل تقدير نجح البرلمان في زرع الخوف والفزع في قلوب من تسول له نفسه إقامة الحفلات الترفيهية بشكل علني، إذ لوحظ إحياء بعض المناسبات في البحرين من دون وجود ترويج يذكر في وسائل الإعلام. نواصل حديثنا يوم غد "الأحد" بتقديم بعض المقترحات الاقتصادية للفترة المقبلة
إقرأ أيضا لـ "جاسم حسين"العدد 1121 - الجمعة 30 سبتمبر 2005م الموافق 26 شعبان 1426هـ