أملها أن تكون أول امرأة كويتية تدخل قاعة عبدالله السالم في تاريخ الكويت، بعد أن كانت أول وزيرة كويتية، لذا فإنها تختلف عن الأخريات في إمكانيتها، وفي موقعها، وفي طموحها، كيف لا وهي التي أدّت القسم أمام مجلس الأمة الكويتي لأربع مرات متتالية وسط اعتراضات وموجات عالية من الصراخ والمقاطعة, اليوم دون سواه تخوض المبارك الانتخابات الكويتية أمة 2009م بتفاؤل كبير لكي تصل إلى الكرسي الأخضر الذي ينتظر المرأة الكويتية، فهل تصلح المبارك ما أفسده الدهر؟، وهل تفتح باب مجلس الأمة للكويتيات كما فتحت باب تقلد كرسي الوزارة لهن؟
معصومة المبارك هي أستاذة علوم سياسية في جامعة الكويت، حاصلة على شهادة الدكتوراة من جامعة دنفر العام 1982م، وهي ناشطة في مجال حقوق المرأة وتكتب عمودا يوميا في صحيفة الأنباء الكويتية، وتعد أول وزيرة في تاريخ الكويت؛ حيث أصبحت وزيرة للتخطيط ووزيرة دولة لشئون التنمية الإدارية سنة 2005، ثم لاحقا وزيرة للمواصلات وذلك بالتشكيل الوزاري يوليو/ تموز 2006، بعدها عُينت وزيرة للصحة بالتشكيل الوزاري لعام 2007. إلا أنها قدمت استقالتها من منصبها كوزيرة للصحة في 25 أغسطس/ آب 2007 عقب حريق اندلع في مستشفى في الجهراء أسفر عن مقتل شخصين في المستشفى.
ما الذي تميزت به المبارك؟ وعلى ماذا يعول الكويتيات في شخصيتها؟ الناشطة الإسلامية خديجة المحميد تؤكد أن أهم ما يسجل للوزيرة المبارك هو «شجاعتها في قبولها المنصب الوزاري لثلاث مرات متتالية في ما يقارب السنتين، وهو منصب قصير العمر لا يعين على الإنجاز وطارد للكفاءات في ظل بيئة سياسية غير مستقرة ولا تعتمد نظما معيارية قياسية لعملها سواء على مستوى الحكومة أو البرلمان، كما أنها بيئة تراثية تشكك في قدرات المرأة القيادية، وهناك في الواقع من يعمل لإسقاط المرأة عن أي منصب وزاري، وتكريس ثقافة أنها لا تصلح للقيادة لأنهم يعتبرونها ناقصة عقل، وحينما تطلب الظرف السياسي من الدكتورة معصومة أن تترك الوزارة متحملة مسئولياتها الأدبية والسياسية بعد الحريق في مستشفى الجهراء تركته بالشجاعة نفسها التي تقلدته بها «أما المحامية الناشطة في حقوق المرأة كوثر الجوعان فترى أن معصومة المبارك أثبتت لمن يقول إن نساء الكويت ضعيفات عاطفيات، ومحدودات القدرات لا يصلحن للسياسة ومراكز صنع القرار، إنهن يصلحن في كل مكان وفي كل موقع وإن المبارك «استقالت لتعلم الرجال أن هناك مسئولية سياسية يجب أن يتحمل المسئول الأول تبعاتها». لكن من الذي أزاح المبارك؟ ومن الذي دفع بعجلة استقالتها؟ الإعلامية فاطمة حسين تشير إلى أن الوزيرة السابقة «دخلت سدة الحكم كمواطنة جادة متسلحة بالذكاء والعلم والتواضع، وسارت على أشواك الصراط المستقيم، رافعة كفها في وجه رياح التخلف لإيمانها بأن الكويت الوطن تستحق من النهوض من كبوتها بعقول وقلوب وأياد مشتركة ما بين النساء والرجال، ذاك كان ذنبها العظيم!».
نعم إن كان ذلك ذنبها العظيم، فمعصومة مبارك تصر على السير مضيا، ولكن من باب آخر عجزت عنه نساء الكويت، لذا فهي أول امرأة كويتية تعلن ترشحها لانتخابات نواب 2009م، وسط تشاؤم وعزوف نسائي، وهي تفضل أن تخوض الانتخابات كمرشحة مستقلة في الدائرة الأولى، لكن مبارك تدرك يقينا أن نظام الدوائر الخمس الذي طبق في الانتخابات الأخيرة، لا يوفر حظوظا للمستقلين فكيف إذا كانوا نساء لذا كانت تستدرك في حديثها: «وربما أن ظروف الانتخابات تجبرني على التنازل عن استقلاليتي والانضواء تحت مظلة إحدى الكتل أو التجمعات». فأي الكتل ترنو إليها هل التيارات الإسلامية الشيعية لكونها شيعية والدائرة الأولى معقل شيعة الكويت أم التكتلات الليبرالية لكونها تميل إلى الفكر الليبرالي؟ فهي تدرس ذلك جيدا، والخيارات أمامها محدودة وبخاصة إنها امرأة، وشيعية، وليبرالية.
اليوم مبارك تنوي الانتقال من السلطة التنفيذية إلى السلطة التشريعية، وهي أمام نتيجتين لا ثالث لهما إما الفوز أو الخسارة، فإن خسرت فهو دليل على أن الكويت تفرز نوابها نتيجة الموروث الاجتماعي بأن العمل السياسي عمل رجالي، وبالتالي سيكون المجال خصب لنساء الكويت للمطالبة بنظام الكوتا وبخاصة أن مبارك نفسها تؤيد وتنادي بذلك، وقد صرحت غير مرة في هذا الاتجاه إذ تقول «يجب إفساح المجال للمرأة للوصول إلى المقعد النيابي بالكوتا كعملية مرحلية لتمكين المرأة، ويكون لها فرصة لتختبر قدراتها وأعتقد أن جولتين انتخابيتين كافيتين» وإن نجحت معصومة المبارك، ووصلت إلى قبة المجلس كيف ستتعامل مع النواب الذين سيكرر انتخابهم مرة أخرى، والذين قالت لهم يوما «سأرد الصاع صاعين» لمن «وجّه لي كلاما أعتقد أنه أحرجني»؟
إقرأ أيضا لـ "رملة عبد الحميد"العدد 2426 - الإثنين 27 أبريل 2009م الموافق 02 جمادى الأولى 1430هـ