كشف تقرير «المياه: إدارة مستدامة لمورد متناقص»، في افتتاح المؤتمر السنوي للمنتدى العربي للبيئة والتنمية (أفد) الذي انعقد في 4 و5 نوفمبر/ تشرين الثاني واختتم أعماله يوم أمس (الجمعة) في فندق حبتور غراند في بيروت بمشاركة صحيفة «الوسط» بصفتها عضواً إعلاميّاً، أن العالم العربي سيواجه بحلول سنة 2015 وضعية «ندرة المياه الحادة» ونقص الغذاء، إذ ستنخفض حصة الفرد السنوية من المياه إلى أقل من 500 متر مكعب، أي 10 مرات أقل من المعدل العالمي الذي يتجاوز 6000 متر مكعب للفرد.
وحذر التقرير من أن الوضع سيزداد تدهوراً في غياب تغييرات جذرية في السياسات والممارسات المائية، مع ما يستتبع ذلك من مضاعفات اجتماعية وسياسية واقتصادية خطيرة، لافتاً إلى أن المصادر المائية في العالم العربي، التي يقع ثلثاها خارج المنطقة، تُستغل إلى أقصى الحدود، كما أن أكثر من نصف سكان في العالم العربي سيعانون من شح في المياه بحلول العام 2025.
وبين التقرير أن ثلاث عشرة دولة عربية هي بين الدول التسع عشرة الأفقر في المياه في العالم، وكمية المياه المتوافرة للفرد في ثماني دول هي اليوم أقل من 200 متر مكعب سنويّاً، أي أقل من نصف الكمية المعتبرة ندرة حادة في المياه. وينخفض الرقم إلى ما دون 100 متر مكعب في ست دول. وسيبقى العراق والسودان فقط العام 2015 فوق خط ندرة المياه، وسيزيد تغيير المناخ الوضع تعقيداً، مع احتمال مواجهة الدول العربية مع نهاية هذا القرن انخفاضاً يصل إلى 25 في المئة في الأمطار وارتفاعاً قدره 25 في المئة في معدلات التبخر.
وأعلن يوم أمس (الجمعة) التوصيات الختامية في السراي الحكومي. وتلا ذلك غداء دعا إليه رئيس الحكومة سعد الحريري، وهو أحد الأعضاء المؤسسين للمنتدى، وحضره المشاركون في المؤتمر.
وقد أوصى المشاركون في المؤتمر بمطالبة الحكومات العربية بإلحاح بفرض تعريفات جديدة للمياه من شأنها ترشيد استخدام هذه الموارد وتحقيق استرجاع كلفة المشاريع المائية بشكل تدريجي مع تعزيز العدالة الاجتماعية من خلال دعم الأسعار ملاحظين أن أسعار المياه في البلدان العربية منخفضة بشكل مصطنع.
كما أكدوا ضرورة أن تعمل المؤسسات الصناعية الخاصة على تطبيق إجراءات التصرف الرشيد في المياه لخفض الكميات المستعملة في كل وحدات الإنتاج ومنع تلوث مصادر المياه والتقليص في حجم المياه المستعملة وضمان معالجتها.
ومن التوصيات التي خرج بها المؤتمر استغلال المياه بطريقة محكمة وخفض نسبة المياه المهدورة وزيادة نسبة المياه المعالجة وإعادة استعمالها وتأمين إنتاج أكثر للمياه وتحقيق تقدم في تكنولوجيا تحلية الماء لتيسير استعملاها على نطاق واسع.
وأكدوا اعتماد سياسات فلاحية تحفز الفلاحين لتحسين أساليب الري وتغيير أنماط الإنتاج والتوجه إلى الزراعات ذات القيمة المضافة العالية مع تكييف استعمال المياه المالحة في الإنتاج الزراعي والتركيز على المنتوجات التي تتحمل أكثر من غيرها الجفاف.
وتمت الدعوة إلى سن تشريعات مائية تعالج النقائص الحالية وإنشاء آليات لتنفيذها وإقامة مناطق محمية حيوية للموارد المائية وفرض عقوبات على كل من يحاول إلحاق الأضرار بالموارد المائية.
وبعد الانتهاء من إعلان التوصيات ذكر رئيس مجلس الوزراء اللبناني سعد الحريري خلال مأدبة الغداء التي أقامها في السراي الكبير إنه يتعين على حكومات الدول العربية العمل على تنفيذ هذه التوصيات فالمهم ليس في إصدارها وإنما في تنفيذها.
وتحدث الحريري عن أهمية التعاون العربي المشترك واعتبره السبيل الوحيد لتحقيق النجاح للعالم العربي حتى يكون مركز قوة في المجتمع الدولي. وفي صباح أمس تواصلت فعاليات المؤتمر، تخللها تقديم دليل «أفد» عن كفاءة استخدام المياه في الصناعة والزراعة والمنازل، وهو الدليل الأول من نوعه الذي طُوِّر خصيصاً للمنطقة العربية.
وشهدت الجلسة الصباحية برئاسة وزير الري والموارد المائية السوداني كمال علي محمد، نقاشات لأوراق عمل عن الحوكمة وإصلاح التشريعات المائية. وقدم رئيس الكتلة النيابية لحزب الخضر للتقدم التونسي منجي الخماسي التجربة التونسية لحوكمة المياه، التي توصلت إلى تعبئة 88 في المئة من الموارد المائية المتاحة، مع رسم خطة تستهدف بلوغ نسبة 95 في المئة بحلول العام 2015.
وتناولت جلسة أخرى شراكة القطاعين العام والخاص في عالم المياه، وترأسها أمين عام المجلس الأعلى للخصخصة في لبنان زياد حايك. كما عقدت جلسة خاصة عالية المستوى لمناقشة المشاركة العربية في مفاوضات المناخ المقبلة في كانكون (المكسيك) والورقة التي أعدها المنتدى العربي للبيئة والتنمية عن سبل المساهمة العربية الإيجابية، وقد شارك في الجلسة وزير البيئة اللبناني محمد رحال ووزير البيئة السوداني جوزيف ملوال دينق ونائبة مدير الهيئة الوطنية المكسيكية للمياه غريزيلدا ميدينا لاغونا، وأدارها محمد العشري. وقدم السفير المكسيكي خورخي ألفاريز، بتكليف من حكومته، عرضاً لآخر المفاوضات الخاصة بالقمة.
واختتم المؤتمر بحوار مفتوح بين الوزراء ورؤساء المنظمات ومعدّي تقرير «أفد» في فندق حبتور غراند.
وكان أمس الأول (الخميس) شهد انطلاق وافتتاح المؤتمر بحضور وزير الإعلام اللبناني ممثل راعي المنتدى طارق متري بحضور عدد من الوزراء وبمشاركة أكثر من 500 مندوب من 52 بلداً يمثلون شركات ومنظمات غير حكومية ومؤسسات بحوث وأكاديميين ووسائل إعلام.
إلى ذلك، أكد رئيس اللجنة التنفيذية للمؤتمر السنوي للمنتدى العربي للبيئة والتنمية عبدالرحمن العوضي في كلمته أن العالم العربي يواجه خطر نقص المياه والغذاء ما لم تتخذ خطوات سريعة وفعالة لمعالجة أزمة شح المياه، حتى لو أمكن استخدام كل مصادر المياه العذبة المتوافرة في المنطقة بالدول العربية ستجد نفسها كمجموعة تحت خط ندرة المياه، فالعرب سيواجهون بحلول 2015 وضعية ندرة المياه الحادة حيث تنخفض الحصة السنوية من المياه للفرد إلى أقل من 500 متر مكعب وهذا الرقم يقل بأكثر من 10 مرات من المعدل العالمي الذي يتجاوز 6 آلاف متر مكعب للفرد.
وأضاف أن البلدان العربية تقع في المنطقة الأكثر جفافا في العالم حيث إن اكثر من 70 في المئة منها أراض قاحلة، موضحاً أن تغير المناخ سيزيد الوضع تعقيداً إذ إنه من المتوقع أن تواجه البلدان العربية مع نهاية القرن الحادي والعشرين انخفاضاً يصل إلى 25 في المئة في الأمطار مع ارتفاع 25 في المئة في معدلات التبخر وكنتيجة لهذا ستنخفض الإنتاجية الزراعية بنسبة 20 في المئة.
وأشار إلى أنه لما كانت إمدادات المياه السطحية عاجزة عن تلبية الحاجات المتعاظمة لزيادة السكان والتنمية الاقتصادية تم استغلال المياه الجوفية بما يتجاوز الحدود المأمونة، وقد أدى هذا إلى انخفاض كبير في مستوى طبقات المياه وتسبب بتلويث الخزانات الجوفية كما دفع النقص في المياه عدداً من البلدان العربية الى الاعتماد على تحلية مياه البحر لتلبية الجزء الكبير من حاجاتها البلدية والصناعية.
وأشار العوضي إلى أن «إحدى التوصيات المحورية للتقرير أنه قبل الإقدام على استثمار مبالغ طائلة لزيادة إمدادات المياه، يجب تنفيذ تدابير أقل كلفة لخفض خسارة المياه وتحسين كفاءتها. وهذا يعني إعادة النظر في دور الحكومة، فيتحول من التركيز الحصري على دور المزوِّد للمياه إلى دور الهيئة الناظمة والمخططة».
وحذر من أن وضع الموارد المائية في العالم العربي خطير ويزداد سوءاً، وقد تكون ندرة المياه التحدي الأكثر خطورة الذي ستواجهه المنطقة خلال العقود المقبلة. وختم قائلاً: «نأمل أن يساهم هذا المؤتمر في الدفع نحو انتهاج سياسات مائية سليمة من أجل إدارة مستدامة لهذا المورد المتناقص».
من جهته، ذكر وزير الإعلام طارق متري في كلمته أن العالم العربي هو المنطقة الأفقر في العالم من حيث توافر المياه العذبة.
وأوضح أن تغير المناخ سيزيد الوضع تفاقماً إذ تتوقع التقارير العلمية انخفاض كميات المياه العذبة المتاحة في الدول العربية بما لا يقل عن 25 في المئة خلال القرن الحالي ويضاعف المشكلة الازدياد المتسارع في مستويات الاستهلاك وأعداد السكان وخاصة في المدن ما يدفع حصة الفرد من المياه نزولاً إلى مستويات خطيرة لذلك فإنه يترتب على الدول العربية وضع سياسات وتنفيذ برامج لإدارة المياه ضماناً لتوفير هذا المورد الحيوي على نحو متكافئ لتأمين متطلبات الحياة والتنمية وهكذا لا بد من استغلال المياه المتوافرة بكفاءة لنحصل على أعلى قدر من الإنتاج باستعمال أقل كمية من المياه وهذا يتطلب إصلاحات جذرية في المؤسسات والقوانين والأنظمة.
كما ألقى المدير والممثل الإقليمي لمكتب غرب آسيا حبيب الهبر كلمة أشار خلالها الى أن الماء يعتبر أنفس مادة توجد على كوكب الأرض حيث يشكل الماء المصدر الأساس للحياة على هذا الكوكب إذ إن الحياة ستكون عدما من دونه فهو يروي ظمآنا وينبت زرعنا ويخفف التلوث الناتج من أنشطتنا المختلفة وبذلك يجعل من حياتنا متعة ورفاهية.
وقال إن ندرة المياه على كوكب الأرض ذات أسباب مختلفة منها الطبيعة ومنها ما يتسبب فيه الانسان ذاته حيث يوجد على كوكب الارض من الماء الصالح للشرب ما يكفي لستة مليارات إنسان ولكن هذه الكمية موزعة بشكل غير متساوٍ على هذا الكوكب ما يعرض جزءاً كبيراً منه للتبذير والتلوث والإدارة غير المستدامة.
وذكر الهبر أنه على مستوى المنطقة العربية فإننا عندما نتحدث عن الجفاف الطبيعي فإننا نعني بذلك ندرة مصادر المياه الجوفية والسطحية غير أن ما يزيد الوضع سوءاً هو تعرض هذه المصادر النادرة أصلا للاستخدام غير الرشيد من جهة وتدهور تلك المصادر من حيث الكمية والنوعية من جهة أخرى حيث تتعرض تلك المصادر للتبذير والتلويث بشكل مستمر، مشيراً الى أن المشكلة الكبرى التي يواجهها العالم العربي هي الفقدان الكبير للتوازن بين العرض والطلب على الماء من جهة وعدم وجود سياسات واستراتيجيات للإدارة المتكاملة لمصادر المياه التي تتلاءم مع الزيادة المطردة للسكان وتغير من الممارسات غير السليمة لقطاع الزراعة من جهة أخرى وخاصة في الدول الأقل نموّاً حيث إن مستوى إنجازها للأهداف الإنمائية للألفية بشأن المياه يعتبر ضعيفاً جدا. وأضاف أن المنطقة العربية تواجه اليوم تحدياً جديداً يضاف الى التحديات الطبيعية والتاريخية بشأن توافر المياه ويتمثل هذا في ظاهرة التغير المناخي الذي يساهم كثيراً في تفاقم ندرة المياه في المنطقة العربية حيث إن التوقعات تشير الى أن المنطقة ستشهد في السنوات المقبلة زيادة في التقلبات المناخية وتطرفاً في الظواهر الجوية المختلفة يزيد على ما نشاهده الآن من الآثار المدمرة للجفاف والمتمثلة في نقصان الأمن الغذائي وزيادة حالات سوء التغذية الخاصة في المناطق الريفية الفقيرة كما أن التوقعات تشير الى زيادة وتيرة التأثيرات السلبية لتغير المناخ في المنطقة العربية الأمر الذي يحتم علينا جميعاً أن نضع في أولويات برامجنا التنموية التركيز على وضع استراتيجيات التكيف للتخفيف من التأثيرات السلبية على دولنا وخاصة المناطق التي هي أكثر حساسية وتأثراً بهذه الظاهرة.
وقال المدير والممثل الإقليمي لمكتب غرب آسيا حبيب الهبر إنه وبغض النظر عن ظاهرة التغير المناخي وما يمثله من تهديد لهذه الثروة الطبيعية فإنه توجد حاجة ملحة لمعالجة ندرة المياه وخاصة إذا ما علمنا بأن تدهور البيئة المتمثل في إزالة الغابات وتجفيف الأراضي الرطبة واستخدام التقنيات القديمة في الري والاستغلال غير الرشيد للمياه الجوفية وتلويث المياه السطحية كل ذلك يزيد من تفاقم مشكلة ندرة المياه.
من جهته، قال أمين عام المنتدى نجيب صعب في الجلسة الافتتاحية عن شح المياه: «لأن النكبة المائية تقرع أبواب العرب نضع بين أيديكم تقرير المياه: إدارة مستدامة لمورد متناقص، على أمل أن يساهم مع نتائج نقاشات المؤتمر وتوصياته في عكس اتجاه الكارثة المائية. فتحديات المياه واحدة، وينبغي الاستفادة من جميع التجارب لحلها».
إلى ذلك اشتمل المؤتمر على عرض فيلم وثائقي «القطرة الأخيرة»، الذي أعده المنتدى، وتناول أوجه معاناة الدول العربية من شح المياه وتعرّضها المتزايد للتأثيرات الكارثية لتغير المناخ، في ظل النمو السكاني المتسارع وغياب استراتيجيات إدارة المياه المستدامة.
وخصصت الجلسة الأولى في يوم 4 نوفمبر/ تشرين الثاني لعرض وضع المياه في الدول العربية، وترأسها محرر تقرير «أفد» والمدير التنفيذي السابق لمرفق البيئة العالمي محمد العشري.
وبحثت الجلسة الثانية برئاسة وزير الطاقة والموارد المائية اللبناني جبران باسيل سبل إدارة الموارد المائية المتوافرة وترشيد استهلاكها في الزراعة والصناعة والبلديات، والحلول البديلة كالتحلية واستخدام المياه الرمادية.
وقال الوزير باسيل: «إن وجودنا في منطقة نادرة المياه قد يسبب نزاعات، ولكن يمكن تحويل هذا المورد أيضاً إلى سبب استقرار وتفاهم، وعلى الدول التي لديها شيء من الوفرة أن تمد العون إلى الدول المجاورة». وتحدث عن الوضع المائي في لبنان قائلاً: «إنه، نظريّاً، لا يجوز أن يكون في أزمة، ولكن الإدارة غير الجيدة تسبب العجز، وتترجم في شراء المواطنين مياهاً وفي عطش الأرض، وخصوصاً أن لا تحلية لمياه البحر ولا تكرير يذكر للصرف الصحي. مشيراً إلى أنه يتم إعداد استراتيجية مائية شاملة وخطة متكاملة للصرف الصحي مع نهاية 2010». تلت كلمة الوزير باسيل طاولة مستديرة عن برامج المياه لدى المنظمات الإقليمية والدولية.
أما الجلسة الثالثة فكانت برئاسة عضو لجنة المياه والأشغال في مجلس الشورى السعودي علي الطخيس، وبحثت في صناعة المياه، وعرض خلالها مدير مركز علوم الفضاء في جامعة بوسطن فاروق الباز دراسة خاصة أجراها لتقرير «أفد» عن اكتشاف مياه جوفية في الصحارى العربية بواسطة صور الأقمار الاصطناعية.
وقال الباز: «إن المياه الجوفية تمثل أحد أثمن الموارد الطبيعية في العالم العربي، وثمة أجزاء واسعة في هذه المنطقة مازالت تنتظر استكشاف مكامنها، بما في ذلك المساحات الشاسعة المغطاة بالرمال في الصحراء الأفريقية الكبرى والربع الخالي».
وناقشت الجلسة الرابعة برئاسة رئيس جامعة البتراء ورئيس الوزراء الأردني السابق عدنان بدران الأبحاث المائية والتربية في الدول العربية.
العدد 2983 - الجمعة 05 نوفمبر 2010م الموافق 28 ذي القعدة 1431هـ
الحلول لا تتطلب مبالغ طائلة بل ممارسات سليمة
نعم والله هذا ينبطق علينا نحن في اليمن المنكوب ..إضافة الى أسباب شحة اليمن من المياه ، يعاني اليمن من هدر ما بقى من موارده المائية في زراعة القات ..التي لاتسمن وتشبع من جوع بل تهدر الماء وتفشي السرطان وتفرق الاسر الى آخر القائمه ..
اللهم نشكو اليكم حكامنا