العدد 2979 - الإثنين 01 نوفمبر 2010م الموافق 24 ذي القعدة 1431هـ

«كتلة التربويين» في مجلس النواب!

فاضل حبيب comments [at] alwasatnews.com

.

عشية إغلاق صناديق الاقتراع، وفرز نتائج الجولة الثانية من الانتخابات النيابية التي أُجريت مؤخراً، يتبيَّن لنا وصول عدد من التربويين إلى قبة البرلمان، سواءً كانوا مدرسين أو أساتذة بالجامعات، فقد شهد مجلس النواب - وعلى مدى السنوات الثماني الماضية - وجود كتل تابعة لجمعيات سياسية محسوبة على المعارضة وأخرى قريبة من الخط الرسمي للدولة، إلى جانب مستقلين حققوا فوزاً ملحوظاً بخلاف توقعات المراقبين في انتخابات هذا العام 2010، بحيث تختلف في رؤيتها وبرامجها وأولوياتها عن بعضها البعض، في تنمية ثقافة برلمانية قائمة على تفعيل الأدوات التشريعية والرقابية من جهة، أو مباشرة الملفات الخدماتية اليومية أو المعيشية من جهة أخرى.

والسؤال المطروح بعد نيل عدد من التربويين أصوات وثقة الناخبين، هل نحن بحاجة فعلاً إلى وجود «كتلة التربويين»؟

إن استحداث كتلة جديدة في برلمان 2010 تحت مسمى «كتلة التربويين» هو أمر في غاية الأهمية، ويصبُّ في خدمة قضايا التعليم في هذا البلد العزيز، فقديماً قالوا «لا يحك ظهرك إلا ظفرك»، هذا المعنى يدركه تماماً كل معلم أو تربوي أصبح من اليوم فصاعداً عضواً في مجلس النواب.

إن من أبرز سمات «كتلة التربويين» أنها فوق الاصطفافات الطائفية أو الفئوية الضيِّقة التي تشكل عقبة كأداء أمام العمل البرلماني، كما وتتميز بدورها في التخفيف من درجة حرارة الطائفية التي لازمت بعض مداولات مجلس النواب في الفصلين التشريعيين السابقين، فلا يختلف اثنان بأن التعليم هو مستقبل البحرين، وهذا ليس شعاراً نرفعه اليوم لنسقطه غداً!

نقدِّر جهود النواب السابقين الذين أجمعوا - وبالرغم من تعدد انتماءاتهم وتوجهاتهم - على جملة من الملفات المعيشية التي تلامس الخبز اليومي للمواطن البحريني كعلاوة الغلاء مثلاً، في الوقت الذي يشكل التعليم خبزاً يومياً فريداً من نوعه، فهو ركيزة أساسية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية وغيرها، إذ من المؤكد أن ملفاً مهماً كالتعليم يمكن أن يشكل نقطة التقاء بين جميع الكتل.

إن المواطن المتعلم تعليماً مرموقاً هو ثروة حقيقية للبحرين، فالإنفاق المالي الكبير على قطاع التعليم هو من باب الاستثمار في الموارد البشرية على المدى البعيد، وليس من باب الاستهلاك أو الترف، كما أن العوائد المستقبلية ستأتي بأضعاف ما ننفقه اليوم، لتستفيد منها الأجيال القادمة.

قد يكون من المناسب بعد تشكيل كتلة التربويين في مجلس النواب أن تتناول ملف التعليم من خلال الأبعاد التالية:

أولاً: رفع مخصصات قطاع التعليم من الموازنة العامة للدولة، لدعم خطط وبرامج وزارة التربية والتعليم في تحسين أداء المدارس، وتشجيع البحث العلمي في ضوء دراسات مسحية شاملة لكلفة المؤسسات التعليمية بكل مكوناتها وعناصرها، والنظر إلى احتياجات كل مدرسة على حدة لتخصيص موازانة تتلاءم مع حجمها وعدد طلابها، لنبتعد بالتالي عن مفهوم الإدارة المركزية.

ثانياً: تعزيز التشريعات التي تضمن جودة التعليم، ومتابعة آخر المستجدات أو التقارير التي تصدر عن هيئة ضمان جودة التعليم والتدريب، ليتم محاسبة الجهاز التنفيذي، سواءً على مستوى مراجعة أداء المؤسسات التعليمية ومراكز التدريب، وعقد الامتحانات الوطنية ومن ثم تحديد مواطن الضعف ومواطن القوة في المدارس ومؤسسات التعليم العالي والمهني، لضمان تطبيق أفضل الممارسات الدولية.

ثالثاً: إصدار القوانين والتشريعات لحماية الطفولة المبكرة، من خلال إيجاد صيغة توافقية على قانون للطفل في السلطة التشريعية (بغرفتيها الشورى والنواب)، والذي شهدنا خلال الفصل التشريعي الثاني تحفظاً من لجنة شئون المرأة والطفل في مجلس الشورى بخصوص كيفية صياغة القانون، والذي قيل إنه استُنسخ من التجربة المصرية بكل ما فيه، من دون النظر لخصوصيات الواقع البحريني، وكذا تحفظ المجلس الأعلى للمرأة على كثيرٍ من مواده، وبالتالي فإننا نرى ضرورة إصلاح قطاع رياض الأطفال، فهو جزء لا يتجزأ من التعليم الأساسي (الابتدائي)، فالحقائق العلمية تؤكد على أن 80 في المئة من عقل الطفل يتكون في السنوات الخمس الأولى، كما ويستطيع على الأقل من التحدث بخمس لغات، وأن 10 في المئة تتكون حتى العام السادس, بينما تتكون 10 في المئة الباقية من خلال المواقف والتجارب والخبرات التي يمر بها الإنسان في حياته، علاوة على أهمية الإسراع في وضع الاستراتيجيات التي تضمن جودة هذا القطاع المهم، بتوفير جميع وسائل الرعاية الجسمية والنفسية والغذائية والرياضية وما إلى ذلك، وعدم السماح للجهود العفوية من قبل جهات غير تربوية للعبث بهذا القطاع.

رابعاً: إعادة النظر في رسم التخصصات بالجامعات والمعاهد المختلفة في ضوء حاجة البلد المستقبلية وربطها بسوق العمل، من خلال التنسيق بين قطاع التعليم والقطاعات الحكومية أو الخاصة، وتشجيع المبادرات الوطنية لتطوير التعليم والتدريب مثل «التلمذة المهنية»، هذا المشروع الذي يستحق كل الدعم والتشجيع.

خامساً: حفظ مكانة التعليم العالي من حالة الفوضى وضعف المخرجات، والنظر فيما يواجهه من صعوبات، ومدى التزام مجلس التعليم العالي بالشروط والمعايير للترخيص لمؤسسات التعليم العالي على مختلف المستويات (راجع المادة 5 من قانون رقم «3» لسنة 2005 بشأن التعليم العالي)، وحماية حقوق الخريجين من أبنائنا الطلبة عند معادلة شهاداتهم، فمن حقهم أن يحاطوا علماً بسبب تأخير مدة صدور المعادلة، والتي تصل إلى قرابة السنة في بعض الأحيان!

سادساً: إيجاد قناة للتواصل مع ممثلي قطاع التعليم «جمعية المعلمين البحرينية»، أو الجهات الرسمية ذات الصلة «الهيئة الاستشارية للمعلمين»، فهما جهتان يجب على كتلة التربويين - حال إبصارها النور - التنسيق والتعاون الدائم معهما.

سابعاً: تأسيس قناة فضائية خليجية متخصصة في قضايا التعليم، واستقطاب أبرز الطاقات الإعلامية والتربوية الخليجية لوضع استراتيجية لهذه القناة، فجزء من العمل البرلماني هو التواصل مع الخارج والعلاقات مع الكيانات الأخرى سواءً الخليجية أو العربية أو الدولية، فنحن لا نحلم، وإن كان من حقنا أن نحلم، لأن لدينا تجربة مضيئة في هذا السياق في ثمانينيات القرن الماضي، وتحتاج إلى إرادة تفعيل بصورة مستعجلة، وهي مؤسسة الإنتاج البرامجي المشترك لدول الخليج العربية، تحت إشراف وزارات الإعلام لإنتاج مسلسلات وبرامج شيّقة وتعليمية وتثقيفية ذات طابع خليجي مشترك، ومقرها الرئيسي في الكويت.

إن سرد هذه الأبعاد أو المهام لكتلة التربويين لا يعني حصرها، وإنما من باب ترتيب الأولويات، ليكون التعليم النافذة الأوسع التي نطل من خلالها على الكثير من المشكلات في مجتمعنا، والتي ترجع إلى وجود خلل في البنية التعليمية، لذا فنحن بحاجة إلى أن ننفتح أكثر على تفاصيل تجارب بعض الدول المتقدمة في مجال التعليم كالدول الإسكندنافية مثلاً، فجميع المدارس الابتدائية في الدانمارك توفر طبيباً أو فنياً للأسنان، إذ يتعلم الأطفال منذ صغره كيفية العناية أو الوقاية من كل أشكال التسوس، في الوقت الذي يعد تخصص جراحة الفم والأسنان من التخصصات النادرة في الدانمارك نظراً لقلة المصابين بها، إذ من يريد أن يتخصص في الجراحة فعليه أن يسافر إلى دول أخرى مثل إنجلترا!

لا نهدف من الإشارة إلى تجارب بعض الدول المتقدمة في قطاع التعليم سوى الوقوف على إرادات هذه الدول والشعوب، فمن المخجل حقاً أن نجد إدارات مدرسية تحاسب معلميها على استهلاكهم السريع لأقلام السبورة، أليست هذه كارثة تعليمية؟!

أيها السادة النواب... «التعليم ملف استراتيجي»، فأنتم الأقوياء إذا ما تحالفتم على هذا الأساس، ليكون المشهد التعليمي هو المشهد الذي يتصدر جدول أعمالكم.

إقرأ أيضا لـ "فاضل حبيب"

العدد 2979 - الإثنين 01 نوفمبر 2010م الموافق 24 ذي القعدة 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 3 | 2:10 ص

      ماشاء الله

      كلام منطقي لكن موواقعي
      لان على هاي المبدا كتل الدنيا لازم تتشكل
      بس اضم صوتي ان التعليم يحتاج وقفة جادة كما هي الصحة

    • زائر 2 | 1:20 ص

      نريد ثلاث كتل

      نبغي تشكيل كتلة البيئيين، وكتلة ثانية لحماية المال العام. وكتلة لاسترجاع الاراضي.

    • زائر 1 | 11:02 م

      بهلول

      يعيوني ... خلهم يتفقون على الكتلة الصحية أول

اقرأ ايضاً