بعد أن استنزف مرض انفلونزا الطيور الخزينة العالمية من خلال رصد الموازنات الضخمة لمواجهته ومكافحته، ها هي اليوم أخبار انفلونزا الخنازير تتصدر نشرات الأخبار العالمية، وها هي الخزائن الدولية تفتح أبوابها استعداد لاستنزاف المليارات الأخرى لصد هذا المرض الخنزيري الجديد والقضاء عليه قبل أن يقضي على العالم، وعلى رأس تلك الدول الولايات المتحدة الأميركية التي لم تستنفر خزائنها فقط لذلك، بل كل قواها الأخرى لأن قدرها هذه المرة أنها جارة المكسيك التي تحتضن 1300 حالة حتى اليوم، هذا فضلا عن أنها هي نفسها تحتضن ثمان حالات أخرى!
ومع كل حالات الطوارئ القصوى التي أعلنتها بعض الدول، وستعلنها الدول الأخرى لا حقا، بما فيها البحرين، إلا أنني أجزم جزما قاطعا أن انفلونزا الهوامير أكثر وباء من انفلونزا الخنازير! وإذا كان مرض انفلونزا الخنازير يصيب البشر فإن انفلونزا الهوامير يصيب البشر والحجر والبر والبحر وكل شيء، وإذا كانت المكسيك تتصدر دول العالم في الإصابة بانفلونزا الخنازير، فإنني أخشى هنا في البحرين أن نتصدرها في الإصابة بانفلونزا الهوامير!
الفرق بيننا وبين المكسيك وغيرها هو أنهم فتحوا أبواب خزائنهم على مصراعيها لمكافحة مرض انفلونزا الخنازير، ونحن هنا فتحنا أيضا أبواب خزائننا على مصراعيها ولكن لنضمن تفشي انفلونزا الهوامير! ومع انتشار هذا الوباء ونخره في عظام الوطن إلا أننا لم نفلح حتى اليوم في ضبط حالة واحدة، وحجزها في المحجر لأنها ذات حصانة لا حدود لها.
مشكلتنا أو مشكلة شباكنا هي أنها غير قادرة إلا على اصطياد الميد، والنيسر، والباسج، وعندما تصل هذه الشباك إلى الهوامير فإنها تنطوي طي الصحف وتفقد القدرة على العمل، لذلك فإن انفلونزا الهوامير لا يمكن السيطرة عليها والحجر على المصابين بها، لأنها في مأمن وسلام من كل ما يعكر صفوها فضلا مما يتسبب في اصطيادها!
لا أعتقد هذا الاعتقاد بشأن انفلونزا الهوامير لوحدي فقط!! وكثيرون هم الذين يسبحون به ويعتقدون به اعتقادا راسخا لأنهم يرونه أمامهم واقعا يتحرك، ومشكلتنا الحقيقية هي قدرتنا الفائقة على محاسبة الصغار، وقدرتنا الفائقة أيضا ولكن لحماية الكبار، لذلك أرجو تلقى دعوة سمو ولي العهد في سن تشريعات قادرة على ضبط الفساد وحماية المال العام من النهب، صداها في السلطات الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية!
إقرأ أيضا لـ "عقيل ميرزا"العدد 2425 - الأحد 26 أبريل 2009م الموافق 01 جمادى الأولى 1430هـ