بدت ملامح الخريطة السياسية الجديدة للبحرين تتضح مع الإعلان النهائي لنتائج الجولة الأولى للانتخابات النيابية والسياسية، والتي كشفت وكما قلت في مقالي السابق السبت الماضي بعنوان «الأحد... خريطة سياسية جديدة» عن سعي السلطة لتقليص الدور الديني السني في مجلس النواب المقبل.

وبات ذلك واضحاً من خلال نتائج الجولة الأولى التي كان أبرز ضحاياها قيادات ونواب «السلف/ الأصالة» و«الأخوان المسلمين/ المنبر الإسلامي»، لصالح نواب سنة مستقلين مدعومين من التيار الحكومي.

باعتراف النائب عادل المعاودة (وهو من قيادات التيار السلفي وكتلة الأصالة والفائز بالتزكية) في أكثر من محفل وافتخاره بأنهم يتناغمون مع الجهات الرسمية فإن ذلك لم يشفع لهم لإعادة انتخاب كوادرهم في المجلس المقبل، إذ استبدلوا بنواب مستقلين/ اقتصاديين/ ليبراليين «موالاة» أيضاً، في إشارة واضحة لسعي السلطة لإحداث تغيير في الخريطة السياسية النيابية السنية، وذلك بعد سقوط ثلاثة من نواب «الأصالة» بشكل نهائي، ودخول رئيس الكتلة غانم البوعينين في جولة ثانية صعبة جداً قد تسقطه هو الآخر.

على صعيد تيار المنبر ورغم أن فرصة لازالت قائمة لوصول خمسة من كوادرهم لمجلس النواب، إلا أن عدم حسم أي من مرشحيها المنافسة من الجولة الأولى واضطرارهم للدخول في جولة ثانية، كشف عن «هشاشة» حضور «الإخوان المسلمين» في دوائرهم، وعدم قدرتهم حسم الموقف لوحده بعيداً عن الدعم «الحكومي».

ربما يتساءل البعض ما هي أسباب هذا التغير في الخريطة السياسية السنية، والأمر من وجهة نظري واضح، وهو سعي جهات نافذة لكسر السيطرة الدينية (سنية/ شيعية) على المجلس النيابي، الأمر الذي كان له آثار سلبية اقتصادية جمة بحسب النظرة الرسمية وأبرزها كان في مشاريع «حظر الخمور»، و«ملاحقة الدعارة والفجور» الذي تبناه التيار الديني بشقيه في المجلس وأحرج السلطة كثيراً.

ربما إن الأمر يصعب على الجهات النافذة بالنسبة للخريطة السياسية الشيعية داخل مجلس النواب، وبدا ذلك واضحاً من خلال نتائج الجولة الأولى التي فرضت واقعها في ظل الإقبال الكبير والتحشيد الوفاقي للتصويت، وهو الأمر الذي نتج عنه تغيير «الخريطة السياسية السنية» فقط من خلال إدخال اقتصاديين/ ليبراليين مقربين للجهات الرسمية لخلق التوازن و«حماية المصالح الاقتصادية البحرينية» على حد تفسير البعض.

الخريطة السياسية في مجلس النواب المقبل لن تكون كما كانت في الدورين السابقين، فقد يأفل نجم «المنبر الإسلامي» و«الأصالة» أو يخفت ضوؤهما، في ظل تصاعد أنوار «المستقلين» و«الاقتصاديين» لتصبح القوى البرلمانية واضحة المعالم منحصرة في «الوفاق» و«المستقلين» و«الاقتصاديين».