عرض تلفزيون الكويت في بداية الثمانينيات إسكتشا غنائيا رياضيا هزليا عن لعبة كرة القدم، بمناسبة انطلاقة احدى دورات كأس الخليج التي كانت بمثابة اكبر وأهم حدث رياضي يقام في دول مجلس التعاون، أطلق عليه كما اعتقد «الكورة دوارة»، والاسكتش يحكي واقع اللعبة، وكيف ان الكرة «مدورة» وتضع الفريق تارة في الامام واخرى في الخلف. وهو تعبير صادق عن اللعبة الشعبية الاولى، لكونها ليس لها صاحب ولا صديق... وقد نال هذا الاسكتش استحسان دول التعاون فقامت بعرضه على قنواتها، الا ان الشريط اختفى بعد غزو الكويت الشقيق، واتمنى الا يكون قد تمت مصادرته او نهبه كتحفة اثرية!

والاسكتش الهزلي يذكرني حاليا بموقف اتحادات كرة القدم بدول التعاون الخليجي، من تنظيم دورة كأس الخليج العربي لكرة القدم (20) التي ستقام في اليمن الشقيق، فهذه المواقف – للأسف – غير معلنة، ولا يعتد بها، وتتقلب بحسب تقلب الاجواء في دول المنطقة، لذلك تركت الحابل على الغارب في عدم اتخاذ موقف موحد من تنظيم هذه الدورة حتى هذه الساعة. وحينما اعلنت البحرين بداية العام عن خطورة تنظيمها في اجواء سياسية مشحونة بالازمات، وطالبت بايجاد مخرج لاحتوائها في اجواء مناسبة سواء بترحيلها الى بلد آخر او تأجيلها باتفاق الجميع، تصدى لهذا المقترح الحكيم بعض «عتاولة» كرة القدم الخليجية وأرادوا افشاله، فأعلنوا لوسائل الاعلام دعمهم اقامة الدورة في اليمن... وكأن هذا البلد مد يد الطلب للمساعدة حتى نقدم له يد العون! ومتعمدين تناسي ان هناك مشاكل امنية، تعيق بناء المنشآت الرياضية وترهب لاعبي وجماهير المنتخبات المشاركة. وهو الامر الذي لم يصادف تنظيم هذا العرس الخليجي منذ انطلاقته في البحرين قبل 40 عاما!

الآن، وبعد أن تكشرت أنياب الحقيقة وتأكدت صحة مقترح البحرين، بدأت هذه الدول تعطي الضوء الأخضر لوسائل إعلامها من دون ذكر المصدر -كالعادة- في انتقاد اقامتها في مثل هذه الاجواء المشحونة بالمخاطر، وان الاتحادات الخليجية اصبحت تنظر الى خطورة الموقف نظرة جد، وانها تطالب بتأجيلها او ترحيلها، وهو المقترح الذي تقدمت به البحرين بداية العام وكان بحاجة الى صوت العقل للالتفاف حوله، او تبني رأي موحد حتى لا تعرض ارواح لاعبي المنتخبات لخطر محتوم، او نعرض الدورة الخليجية الى انتكاسة حقيقية تؤدي الى الغائها او محوها من على خارطة الرياضة الخليجية.

الاسكتش الغنائي الكويتي يؤكد على ان الكرة دوارة، وان دوام الحال من المحال، لكن بعض الاتحادات الخليجية نسيت هذا الاسكتش الهزلي الذي كان سيبصرها بخطورة الموقف منذ البداية، وسامح الله (الغزو) الذي صادر هذا الشريط الرياضي!