العدد 2972 - الإثنين 25 أكتوبر 2010م الموافق 17 ذي القعدة 1431هـ

مجابهة السلام: أعلنوا النصر وتوقفوا عن البناء

غيرشون باسكن - المدير التنفيذي العام المشارك لمركز إسرائيل/ فلسطين للبحوث والمعلومات، وعضو منتخب لق 

25 أكتوبر 2010

نحن شعب إسرائيل، نحتاج لأن نقف ونعلن: نعم لقد انتصرنا. وقفنا أمام العالم كله، ونحن أقوى من جميع قوى العالم مجتمعة. لنتوقف الآن عن إضاعة مواردنا الثمينة على المستوطنات.

لنعترف أن زعماء حركة الاستيطان لم يعارضوا وقف البناء لأن بعض المتزوجين الشباب لا يستطيعون تحمُّل قيمة الدفعة الشهرية على وحداتهم السكنية. لم يعارضوها لأنه لم يمكن إضافة غرفة صفّية جديدة أو روضة أطفال حتى لو كانت هناك حاجة إليها نتيجة للنمو الطبيعي. لم يعارضوها بسبب التعاطف الذي شعروا به حيال أصحاب شركات الإسكان الذين بدأت أرباحهم بالهبوط.

لقد عارضوا وقف البناء لسبب واحد فقط: لأن بناء المزيد من المستوطنات والمزيد من الطرق للمستوطنين فقط، والمزيد من المنازل لمزيد من الناس يعني منع إنشاء دولة فلسطينية في الضفة الغربية.

إلا أن قلة من زعماء الاستيطان يملكون الشجاعة ليقولوا ذلك بشكل مباشر. قد ينبع حياؤهم من إدراكهم أن إنشاء الدولة الفلسطينية أمر محتوم لا مناص منه، آخذين بالاعتبار ليس فقط الإجماع الدولي حول هذه القضية وإنما كذلك أن 75 في المئة من الجمهور الإسرائيلي يدرك أن ذلك مصلحة إسرائيلية استراتيجية.

عندما بدأ مناحيم بيغن وقيصر الاستيطان آرييل شارون توجههم الاستيطاني بعد نصر الليكود عام 1977، كان هدفهما المُعلَن منع إنشاء دولة فلسطينية في الضفة الغربية. وعندما قال اسحق شامير إنه يعارض أية مفاوضات مع منظمة التحرير الفلسطينية، صرح أن معارضته لم تكن بسبب أن ياسر عرفات ومنظمة التحرير الفلسطينية إرهابيين أو لأن أيديهم ملطخة بالدماء اليهودية، وإنما لأن التفاوض مع منظمة التحرير الفلسطينية يعني التفاوض حول إنشاء دولة فلسطينية.

هناك اعتقاد مبهم قد يكون ساذجاً أو شريراً مشؤوماً (أو قد يكون خطة) تمكّن المستوطنين وقادتهم من الاستمرار والإصرار على السيطرة على كامل الأراضي في الضفة الغربية وفي الوقت نفسه إنكار الشعب الفلسطيني حق تقرير المصير والحرية والدولة. هل يعتقدون حقاً أن مليونين ونصف المليون من الفلسطينيين في الضفة الغربية سوف يسقطون مطالبهم فجأة لينهوا الاحتلال؟ هل هناك فرصة أن يعتقد المستوطنون وقادتهم أن الشعب الفلسطيني سوف يرضخ ببساطة للسيطرة الإسرائيلية المستمرة؟ هل يعتقدون حقاً أن الفلسطينيين سوف ينحنون أمام أسيادهم ويقولون «شكراً» بسبب بعض النمو الاقتصادي وإزالة بعض نقاط التفتيش؟

عليهم أن يدركوا أنه حتى بموجب السيناريو المختلف تماماً، أثناء عملية «الدرع الواقي» عندما كانت حياة الفلسطينيين في الضفة الغربية أقرب إلى جحيم حيّ، لم يحمل الفلسطينيون أمتعتهم ويرحلوا إلى أرض أخرى. لن يترك الفلسطينيون أرضهم. لن يتنازلوا عن حقوقهم. لن يقبلوا العيش تحت الاحتلال. لن يقبلوا نوعاً من الاستغلال الذاتي. لماذا يفعلوا ذلك؟ هل نقبل بذلك لو كنا في مكانهم؟

إن توق شعب ما للحرية هو أمر يجب أن نفهمه. لقد حول حبنا للأرض التي تركناها قبل ألفي عام وحلمنا بالعودة إليها في كل مرة صلينا بها إلى حركة سياسية جمعت بين التصميم والذكاء والبراغماتية، وقد خلق ذلك إسرائيل في أرضنا المحبوبة. لن يتبخّر وعي الفلسطينيين بانتمائهم إلى هذه الأرض التي يشعرون أن جذورهم فيها عميقة، والتي تشكّلت عليها هويتهم والتي ضحوا بدمائهم من أجلها، لأن المستوطنين وزعماءهم قرروا منع إنشاء الدولة الفلسطينية.

لقد حان الوقت للمستوطنين وقادتهم لأن يفهموا أن مؤسسة الاستيطان التي بنوها قد نجحت. لقد أوجدوا حقائق على الأرض، معظمها لا يمكن عكسه. سوف تضم إسرائيل، في أية معاهدة سلام، معظم المستوطنين ومدنهم وبلداتهم. سوف يستقبل 4,1 في المئة، أو 254 كيلومتراً مربعاً من الأرض 75,6 في المئة أو 335,000 من المستوطنين، تاركاً نحو 108,000 مستوطن في ما يقرب من 94 مستوطنة صغيرة خارج المناطق التي سيجري ضمها.

سوف يواجه هؤلاء المستوطنون عدداً من الخيارات: يستطيعون أن يأتوا إلى وطنهم إسرائيل، يستطيعون الانتقال إلى المناطق التي جرى ضمها، الأمر الذي يسمح لهم بالبقاء في أجزاء من يهودا والسامرة، أو قد يتقدم البعض منهم ليصبحوا مواطنين في فلسطين ليعيشوا تحت السيادة الفلسطينية. أو يستطيعون الاستمرار في القتال ضد إنشاء الدولة الفلسطينية. يعود هذا لهم وحدهم.

يركب المستوطنون وزعماؤهم خيولهم عالياً اليوم. إنهم يظنون أنهم قد فازوا. بقي رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو صامداً ضد ضغوط المجتمع الدولي بأكمله. تظهر استطلاعات الرأي العام بوضوح أن غالبية كبرى من اليهود الإسرائيليين يعارضون استمرار وقف بناء المستوطنات. والغريب أن غالبية كذلك تدعم حل الدولتين، وهم ليسوا متعاطفين مع المستوطنين.

كيف يمكن تفسير هذا التناقض؟ ببساطة. يكره الإسرائيليون أن يُملى عليهم ما يجب أن يفعلوه. إنه مبدأ «الدافكا» اليهودي. ولكن معظم الإسرائيليين لا يرغبون رؤية مواردهم وقد ضاعت على بناء طرق وشوارع ومبانٍ في مستوطنات يعلمون أنهم سوف يخلونها. عندما فرض علينا العالم ترك غزة، قاومنا، ولكن عندما وصلنا إلى القرار بأنفسنا، حصل هذا القرار على دعم الغالبية. ومع دقات الساعة، أصبح الأمر الآن عقلية تشبه «اقطع أنفك كيداً لوجهك».

لا يشكل استمرار سلوك المستوطنين غير المسئول بالاستمرار بالبناء عائقاً أمام الالتزامات التي وافقت عليها الحكومة في خريطة الطريق فحسب وإنما هو ضد مصالح دولة إسرائيل والشعب اليهودي والمؤسسة الصهيونية. من أجل إسرائيل، يجب إنشاء دولة فلسطينية على 22 في المئة من الأرض بين النهر والبحر. ليس هناك أي احتمال آخر إذا أردنا الاستمرار كدولة نفتخر بها.

لا يقدّم المستوطنون أي حل. إنهم يرغبون فقط باحتلال كل الأرض وهم مستمرون بتجاهل حقوق الفلسطينيين. يشكّل استمرار مؤسسة الاستيطان انتحاراً وطنياً ملفوفاً بستار من الإلهام الإلهي، والحماسة الوطنية والمعارضة المتشددة المسلّحة للعالم بأكمله. المستوطنون وقادتهم هم أنبياء أخذ إيمانهم ذاتي التحقيق بأن العالم كله ضدنا، يصبح حقيقة.

نحن، شعب إسرائيل، نحتاج لأن نقف ونعلن: نعم لقد فزنا. صمدنا أمام العالم وقلنا «لا» لرئيس الولايات المتحدة. نحن أقوى من جميع قوى العالم مجتمعة. لنوقف الآن الاستيطان وبناء المستوطنات. لنفاوض على سلام حقيقي بنية صادقة، ليس لأننا نتعرض للضغط لكي نفعل ذلك ولكن لأن ذلك في مصلحتنا.

العدد 2972 - الإثنين 25 أكتوبر 2010م الموافق 17 ذي القعدة 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً