قصة واقعية حدثت معي مؤخراً، باحث كويتي يعد رسالة دكتوراه عن العلاقات الإيرانية - الخليجية في جامعة مصرية... احتاج إلى نصوص لخطابات الرؤساء الإيرانيين منذ الثورة الإسلامية العام 1979 وإلى اليوم لقراءتها واستخلاص نتائج تخدم البحث... صاحبنا الذي زار أربع عواصم عربية وخليجية لم يجد ضالته في أي من مراكز الأبحاث التي تنسب لنفسها أنها مختصة بالشأن الإيراني... ولم يعثر على خطابات الرؤساء الإيرانيين لا من السفارات ولا من غيرها من الأماكن!
تجربة مريرة تنمّ عن خلل واضح تجاه ما يسمى بمراكز الأبحاث العربية التي مازالت تفتقر إلى الحد الأدنى من مستلزمات البحث، أي توفير البيانات والوثائق والمواد الأصلية ومن المصدر الأم...
المسألة لم تعد ترفاً عند الحديث عن مراكز الأبحاث المتخصصة بقضايا الجيران مثل إيران أو تركيا أو إسرائيل بل هي تمس الأمن القومي والمعلوماتي للدائرة العربية، خاصة إذا ما نظرنا إلى العلاقة العربية - الإيرانية وما يعتريها من مطبات ومواجهات ومنغصات تكاد تعصف بالتركيبة القائمة وتصل إلى مرحلة التغير من داخل بعض الأنظمة والمجتمعات العربية...
من أين يستقي أصحاب القرار في العواصم الخليجية وغيرها معلوماتهم عن إيران؟
أغلب الظن أن الخليج ومعهم باقي العرب مازالوا يمارسون دور المستهلك للمعلومات أو بالأصح دور «البوسطجي» الذي يقوم بنقل وإيصال الرسائل من مراكزها إلى الآخر دون أن يكون لهم فيها بصمة أو وقفة...
الحديث هنا عن قواعد البيانات والمعلومات وليس عن مستوى القراءة والتحليل... استطلاع بسيط لأسماء مراكز الأبحاث والدراسات المنتشرة في العالم العربي والمختصة بإيران يؤدي بك إلى حالة من الضياع إذا لم تصب بنوع من الهستيريا... لأنك ستواجه واقعاً مؤلماً ومخيفاً، بأنه لا يوجد مركز خليجي أو عربي واحد يملك مقومات وإمكانيات الرد على سؤال بسيط، فيما إذا كانت تتوفر لديه نصوص خطابات الرؤساء الإيرانيين...
هناك تجربة جديرة بأن تكون أمثولة تصلح للكلام عن مراكز الأبحاث ذات القيمة المضافة والحقيقة وهي نموذج يمكن البناء عليه، أعني مركز الأبحاث الفلسطيني في بيروت وقبله مؤسسة الدراسات الفلسطينية، هذا المركز ماذا فعل؟ أعد مجموعة كوادر بشرية ذات اختصاصات عالية تجيد اللغة العبرية إضافة إلى لغات حية أخرى مثل الفرنسية والإنجليزية وقدم لها دعم مالي يتيح للعاملين فيه التفرغ بالكامل بحيث ينتج تقارير ودراسات وأبحاث وبمستويات متقدمة جعلت منه هدفاً إستراتيجياً وعسكرياً لإسرائيل أقدمت على سرقة محتوياته ونقلها من بيروت العام 1982 أثناء غزوها للبنان...
نحن اليوم نتحدث ونحلل الشأن الإيراني وفقاً لتقارير «يديعوت أحرنوت» وجامعة تل أبيب وجامعات غربية وأنا هنا لا أقلل من أهمية تلك الدراسات بالمطلق أضرب المثل بها لأبين أننا في العالم الخليجي وهو على تماس مباشر بالشأن الإيراني ليس فيه مركز أبحاث إيراني وعلى غرار مركز الأبحاث الفلسطيني كل ما هو متوفر عبارة عن أخبار وكالات أنباء وتقارير صنعها وهندسها الآخرون وفق أجنداتهم ومصالحهم وثقافتهم وليس وفق مفاهيم ومصالح وأجندات بلدان الخليج العربي ومن باب اعرف إيران كما هي في الداخل وبما يفترض أن يعمل به في مراكز الأبحاث... أستبعد هنا إدخال الجانب الرسمي في تعاملات الدول أي بتقارير العسكر والدبلوماسيين فهذا شان آخر له قنواته وأساليبه... إيران من الداخل هو ما نعنيه وبالمناسبة وليس من باب الدعاية، فصحيفة «القبس» الكويتية عملت على تقديم خدمة صحفية أظن غير موجودة في أي صحيفة عربية وهي الصفحة الأسبوعية الخاصة بما تكتبه الصحف الإيرانية (مقالات - دراسات) وهذا عمل مهني نحتاج إليه بقدر حاجتنا إلى مراكز أبحاث حقيقية وليست على طريقة مراكز التوليد والنقل وعقد المؤتمرات والندوات للوجاهة والدعاية... وكأنها مراكز أبحاث ذات أهداف سياسية تلهث وراء البروباغندا وليس وراء الحقائق والوقائع...
في الستينيات وبعد النكسة مباشرة قام صاحب مجلة «الحوادث» اللبنانية... الأستاذ سليم اللوزي بمبادرة لم تكن معهودة ولا مألوفة، بأن وضع عنوان الصفحة «إسرائيليات» وأوكل المهمة إلى شاب لبناني خريج الجامعة اليسوعية... الزميل غسان كنج يعاونه عدد آخر من الزميلات والزملاء وطلب منهم بعبارة مختصرة، نقل الصورة من داخل إسرائيل كما هي وليس كما أوصلها إلينا إعلام أحمد سعيد والهزيمة المرة، وقتها تعرض للشتم والملاحقة وحرق الإطارات وإغلاق مجلته لأنه تجرأ على نقل الحقيقة وكما هي من خلال الصحافة والدراسات ووسائل الإعلام والكتب والإذاعات الإسرائيلية...
لعبة خداع الرأي العام العربي مازالت مستمرة وإن بأسلوب مختلف عن كيفية التعاطي بالقضية الفلسطينية والصراع العربي الإسرائيلي...
إيران موضوعة على خريطة تتطلب من بلدان الخليج العربي بالدرجة الأولى رفع مستوى التعامل معها من درجة البوسطجي ومستهلك المعلومات إلى درجة تجعله قادراً على خلق خبراء وكوادر مؤهلة علمياً وثقافياً ومحللين وموثقين للشأن الإيراني الذي يعاني هو الآخر من تقييد حريات التعبير ومن عمليات غسل للدماغ تحيكه أجهزة السلطة الحاكمة تجاه من يختلف معها بالرأي بالداخل وتجاه من يعارضها في الخارج... فهناك ما يمكن وصفه بحالة الستار الحديدي الذي يذكرنا بالأنظمة الشمولية...
مراكز الأبحاث في الخليج والمتخصصة بالشأن الإيراني معطوبة وتكاد أن تكون غائبة بالمرة لولا بعض المجاملات والشكليات هذا بخلاف مراكز الأبحاث الأخرى الواقعة تحت هاجس غياب التمويل اللازم والضروري وهاجس «التحرر» من التبعية للسلطات الحكومية أو لغيرها...
بعيداً عن لغة التنظير والفذلكة السياسية، هناك حالة عجز عربية وخليجية على بناء مراكز أبحاث ومعلومات سواء مختصة بالشأن الإيراني أو التركي أو الإسرائيلي تماثل مراكز وأبحاث إسرائيلية أو غربية أو حتى تقترب منها... وهذا بالطبع لا علاقة له بمراكز البحث العلمية البحتة المتخصصة في مجالات شتى في العلوم التطبيقية والرياضيات والصحة وغيرها...
العدد 2967 - الأربعاء 20 أكتوبر 2010م الموافق 12 ذي القعدة 1431هـ
عبد علي عباس البصري (بماء الذهب)
ارجو من الخوه القراء كتابه هذا المقال وتعليقه على اسوار وبويتات البحرين ومدارسا . ليكونون احرار ويستقوا ثقافتهم بأنفسهم وبجهدهم ، وأن لا يعتمدوا على الخطاب المسجدي فقط فقط فقط بل يجب ان ينوعوه بقراءه الثقافات الاخرى من العالم وبالعين المجرده ، لا بمناظير عربيه . النت كفيله بترجمه كل اللغات الى العربيه . افتح عيونك قبل ان يصيبها العمى من الظلام المزدوج , السائر بلا هدايه لا تزيده سرعته الى بعدا عن الحقيقه؟
الامراض الجسمية تعصف بسكان الخليج ...
الامراض الجسمية تعصف بسكان الخليج وفي تزايد واموال تهدر ولا مركز ابحاث ولا تكليف احد مراكز الابحاث في العالم لدراستها وجامعات تفتح كل يوم لكنها مع مزيد الاسف لا تخرج سوى من لا قدرة لهم على البحث واتبع بهم كوادرها فاي البحوث قدمت لنا هذه الجامعات في بلداننا وحملة الدكتوراة يتزايدون يوما بعد يوم ...
اسرائيل هي جارة
لا اقلل من الموضوع الذي تناولته ولكن يجب لفت نظرك الى استخدام كلمة جار لاسرائيل . عسى أن تكون زلة قلم لا غير !!!!
هل فيهم عاقل او رشيد
اخي العزيز أحسنت و اجدت و لكن السؤال هل في هذه الدول من عاقل او رشيد بل هنالك عابث و عبيد
طبعا انا احذرك هنا بأسم وزارة التنمية الاجتماعية انك معرض للغلق و التصفية اذا تعارضت تقارير مركزك المقترح مع توجهات الحكومة
تحياتي