العدد 2967 - الأربعاء 20 أكتوبر 2010م الموافق 12 ذي القعدة 1431هـ

إشكاليات ضعف اللوبي السياسي والدعم المادي والمعنوي تظلل ترشح نساء 2010

في ندوة صحافية عقدها موقع بوابة المرأة الإلكتروني

الوسط - محرر الشئون المحلية 

20 أكتوبر 2010

خلصت ندوة صحافية عقدها موقع بوابة المرأة الإلكتروني أخيراً وأدارتها وأعدتها للنشر الكاتبة الصحافية ندى الوادي إلى عدد من النقاط المرتبطة بملف ترشح النساء في انتخابات 2010، كان أبرزها الحاجة إلى خلق كيان نسائي مشترك بين الجمعيات السياسية أو ما يشبه اللوبي للضغط بشأن دعم النساء الحزبيات للترشح ضمن قوائم جمعياتهن، إلى جانب ضرورة بدء حملات الدعم الفني والتوعوي والإعلامي لترشح المرأة الرسمية منها والأهلية باكراً، وتشجيع الجمعيات السياسية على تبني مشروعات للتنمية السياسية لنسائها لخلق قيادات نسائية مستقبلاً. فيما شكلت قضية التمويل للحملات الانتخابية للمترشحات الملف الأكثر تعقيداً والعائق الأكبر الذي يواجه النساء والرجال معاً في خوض الحملات الانتخابية.

وتنشر «الوسط» هذه الندوة الصحافية بالتزامن مع موقع بوابة المرأة الذي يقوم بعرضها عبر الفيديو.

فقد بقي القليل جداً على موعد الاستحقاق الانتخابي في 2010، ونحن نقترب من يوم الانتخاب نقف لنتأمل الوضع الخاص بالمترشحات في انتخابات 2010.

ونحن هنا أمام عدد من الحقائق، حقيقة أن عدد المترشحات في هذا العام تقلص إلى النصف تقريباً، حقيقة أخرى أن غالبية المترشحات تنزلن مستقلات من دون دعم أي تيار أو جمعية سياسية، وحقيقة أن غالبية المترشحات المستقلات تعانين صعوبات في التمويل وجمع المتطوعين وإدارة الحملات، وتعانين من الإشاعات ومن المال السياسي وقصور الدعم الأهلي وتحديات كبيرة أخرى.

ظواهر أخرى لابد من تسليط الضوء عليها أيضاً، فالوجوه النسائية التي تترشح في انتخابات البحرين بالضرورة حديثة على العمل السياسي، تتقدم للترشح متأخرة جداً، من دون خبرة سابقة في إدارة الحملات أو تخطيط مسبق لما ينتظرها في الانتخابات. المترشحات المستقلات تعجزن في الغالب عن خلق تحالفات سياسية، تعجزن عن الظهور النوعي في وسائل الإعلام المحلية. ظاهرة أخرى مهمة هي أن الجمعيات السياسية الإسلامية التي تفوز غالباً في الانتخابات البحرينية لا تتقدم بترشيح كوادرها النسائية، ولاتزال هذه الوجوه مدفونة في جمع الأصوات للمرشحين الرجال.

لمناقشة هذه المحاور استضاف موقع بوابة المرأة الإلكتروني ندوة صحافية جمعت عدة أطراف متنوعة لتطرح الأفكار وتناقشها على الطاولة. وقد حضر الندوة كل من الكاتب والسياسي والمهتم بقضايا المرأة: عبيدلي العبيدلي، معاون الأمين العام للمجلس الأعلى للمرأة والمترشحة السابقة ضوية العلوي المترشحة الحالية عن محافظة المحرق هدى المطاوعة، عضو شورى جمعية الوفاق الوطني الإسلامية رملة عبدالحميد، رئيسة جمعية نهضة فتاة البحرين ابتسام علي، والصحافيان في صحيفة «البلاد» البحرينية حسين خلف وراشد الغائب.

كيف تقيمون حضور المرأة كمرشحة وسط الزخم السياسي في انتخابات 2010؟

- العبيدلي: أعتقد بأن الواقع البحريني وخصوصاً في عهد المشروع الإصلاحي قد ولد مجموعة من الظروف التي تعتبر من المعوقات أمام المرأة البحرينية، ومنها التكالب الذكوري على السلطة السياسية. ويأتي علاوة على ذلك الجانب الحضاري أو الثقافي، وهو الذي يحكم تصرف المرأة نفسها، فهي إلى حد ما تشعر بأن هناك ما ينتقصها، وهذا أمر لا يحمل على المرأة ولكن على المجتمع، ويترجم إلى سلوك لدى المرأة في تعاطيها مع مهنتها أو العمل السياسي.

- الغائب: أعتقد بأن هناك مشكلة مرتبطة بالقوانين السياسية التي ترسم وضع ومشاركة المرأة في الحياة السياسية. وربما أركز هنا على الجمعيات السياسية ذات التوجه الليبرالي، فهذه الجمعيات على رغم سعيها الدؤوب تجاه تمكين المرأة السياسي، لم تستطع حتى اليوم تطبيق نظام الكوتا حتى في أنظمتها الإدارية الداخلية. فإذا كانت الجمعية ليبرالية وتؤمن بحقوق المرأة السياسية ولم تستطع أن تحقق نظام الكوتا داخل الجمعيات فالعتب مشترك بينها وبين الجهة الرسمية التي ترفضه أيضاً.

- العلوي: أجد أن عدد المرشحات تقلص لأن المرأة البحرينية أصبحت تدرك صعوبة تجربة الترشح. فالمرأة في البحرين تخوض الانتخابات مستقلة وهو أمر صعب للغاية، وبعد التجربتين اللتين خاضتهما أصبحت أكثر وعياً ونضجاً سياسياً، إذ لم تعد تريد المشاركة فقط من أجل المشاركة مثلما كان الأمر في التجربة الأولى أو حتى الثانية، لقد بدأت تستقرئ الواقع بشكل أكثر وعياً وتقيس حظوظها وترسمها.

وربما أتساءل هنا: أين دور الجمعيات السياسية التي هي أكثر قرباً من الناخب من المستقلين، فلماذا لا تقوم بدعم المرأة وخصوصاً التي تعمل ضمن كوادرها بالشكل الصحيح سواء مادياًَ ومعنوياً؟

لقد أشارت المرشحات السابقات في الدراسة التي قام المجلس الأعلى للمرأة بإعدادها عن الانتخابات الماضية إلى أن النساء المرشحات كن يعانين في موضوع التحالفات السياسية، إذ لم تتمكن في الغالب من تشكيل هذه التحالفات، ولذلك فإنني أرى أن قلة أعداد النساء المشاركات في انتخابات 2010 هو مؤشر إيجابي من وجهة نظري، لأنه يعني أن المرأة بدأت تفكر في أن تكون مقنعة في نزولها وأنها تنزل الانتخابات لكي تفوز.

- خلف: أعتقد بأننا يجب أن نلتفت هنا إلى العقل السياسي الذي يدير أي تيار سياسي في البحرين. فمعظم التيارات السياسية الإسلامية تحديداً انطلقت من العمل الدعوي والخيري والاجتماعي، وقد كان من الواضح وجود المرأة بقوة في هذا العمل. ويظهر ذلك بوضوح مثلاً في جمعية المنبر الإسلامي الذراع السياسي لجمعية الإصلاح. هذا التيار ليس لديه تحفظ مبدئي على مشاركة المرأة، بل إنه يعترف بالدور الكبير للمبلغات والدعويات في صنع شعبيته الكبيرة. ولكن المشكلة تكمن في جانب مهم وموضوعي وعملي، وهو أن هذا التيار لا يمتلك كوادر نسائية تستطيع النزول في الانتخابات. ولو أخذنا مثالا على ذلك هيفاء المحمود وهي عضو إداري مهم في الجمعية، فهي طبيبة متميزة وإحدى الشخصيات المهنية التي لا يمكن تجاوزها، لكنها لا يمكن أن تتخلى عن مهنتها في سبيل النزول للترشح في الانتخابات. وبالمقاربة نفسها مع جمعية الوفاق الوطني الإسلامية توجد لجنة نسائية متميزة في جمعية التوعية الإسلامية المرتبطة بها، وترأس صفية رضي هذه اللجنة لتساهم بشكل فعلي مع الكوادر النسائية في خلق شعبية التيار في الشارع. ومن ذلك أقول إن المرأة موجودة بالفعل في العمل السياسي الإسلامي، فلماذا نقوم بحصر تمكينها السياسي في التمثيل في البرلمان؟ فهل تحتاج هذه المرأة التي خاضت العمل السياسي والدعوي ودخلت السجون في سبيل مبدأ ما إلى تمكين سياسي أو حضور في البرلمان؟

- ابتسام: تمثيل المرأة في البرلمان هو تتويج للعملية الديمقراطية كلها. فوجود الرجل في البرلمان لا يغني عن وجود المرأة، فحتى مع وجود مرشحين يدعمون حقوق المرأة إلا أن الناخبات أصبحن أكثر وعياً من السابق وأصبحن يبحثن عملياً فيما تم تقديمه من خلال البرلمان. إن المرأة عندما تكون لديها قضية وتدخل البرلمان فسيكون ذلك دفعاً لها، وصحيح أن لدينا لطيفة القعود نائبة في البرلمان لكنها وحدها لن تفعل شيئاً، نحتاج إلى أكثر من واحدة، لأن وجود صوت للمرأة في البرلمان يعد من أبسط حقوقها.

غير أنني أؤكد أن المشكلة تتشكل عندما تتقدم إحدى النساء للترشح وتطالب بدعمها وانتخابها فقط لأنها امرأة، وهذا خطأ لأن هناك رأيا مميزا يتطور تدريجياً عند الناخبين، فقد أصبحوا أكثر صعوبة في الإقناع ويجب على المرشحين أن يكونوا مقنعين جداً لكي يحصلوا على أصواتهم، ولم يعد خطاب ترشيح المرأة فقط لأنها امرأة كافياً.

- رملة: المرأة البحرينية موجودة في كل الأماكن وأثبتت وجودها بالفعل، وفي التيار الإسلامي نحن نؤكد هذا الأمر. فعضوية البرلمان هي جزء من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لأنه جزء من دفع الضرر ومحاربة الفساد وتقويم أي اعوجاج. ولكن العمل السياسي لا يتم فقط بدخول البرلمان. فقد يشمل وضع البرامج ودفع المترشحين وهذا عمل الكثير من النساء ودوره كبير للغاية. أما بالنسبة لضرورة دخول اسم نسائي ضمن قوائم مرشحي الجمعية أو التيار فهذه مسألة مرتبطة بالثقافة المجتمعية، فنحن لا نؤسس إلى عالم رجل وعالم امرأة في المطالبة بالحقوق، فمن يتقدم لهذا الدور سواء كان رجلاً أو امرأة فليتقدم. فإذا لم تدخل امرأة فهذا لا يعني أننا ناقصون في الفكر أو التوجه الإنساني. كما أن تصويت النساء للرجل لا يعني أننا إمَّعة وأننا نصوت بناء على سياط الكرباج. فالمرأة مع الرجل شقيقة في العمل الإنساني، وتشترك معه في حق الاختيار، وهي كلها محاولة لكي يتقدم عملهما السياسي المشترك.

وهنا أحب أن أشير إلى أن المرأة البحرينية بطبيعتها تميل للسلم الاجتماعي، فهي لا تميل إلى التقدم للمواجهة مع السلطة أو الشارع، وحتى الآن لم تأت المرأة البحرينية بخطابات مؤججة تفرض نفسها على الشارع قبل أن تفرضها عليها السلطة. ولذلك أرى أنه في المستقبل القريب قد تكون هناك امرأة بهذه المواصفات وعندها يمكنها أن تتقدم للترشح وتنال الدعم المطلوب من قبل التيارات السياسية.


أين هي اللوبيات النسائية؟

رملة، لا يفوتك أن الكثيرين يلومون جمعية الوفاق تحديداً على عدم إنزال مترشحة امرأة، وأنهم يقولون إن الجمعية لو أنزلت وجهاً نسائياً فسوف يفوز بالتأكيد. ولا يفوتك أيضاً انتقاد الكثيرين للمرأة الوفاقية معتبرين إياها «ماكنة لجمع الأصوات لا أكثر»، فما تعليقك على كل ذلك؟

- رملة: كل ما يقال هو كليشيهات صحافية، فجمعية الوفاق مكبلة بإرادة الناخب وبطبيعة الدوائر. أنا شخصياً عضو في شورى الوفاق وقد كنا نقدم رجلاً ونؤخر رجلاً من قائمة المرشحين بسبب طبيعة الدوائر، وكانت الأسماء النسائية مطروحة وعوملت بالمثل. فالشارع والدوائر الانتخابية لها خصوصيتها وما تفرضه وبالتالي فإن على الجمعية أن تقوم بالاستجابة. وبالمثل أيضاً فحتى لو كانت الجمعية تبحث عن الأكفأ في الدوائر فإنها تستجيب في النهاية لإرادة الناخبين. المشكلة بالنسبة للمرأة في الوفاق أنها لم تحقق بعد معادلة الدائرة، فالوفاق ليست ضد المرأة.

- خلف: لدي رد على رملة وهو ما نقرأه في الصحافة المحلية من عدم وجود توافق بين الناس والشارع على كثير من المرشحين الرجال الذين طرحتهم جمعية الوفاق في هذه الانتخابات، بل إن هناك استياء كبيراً من أداء بعض النواب السابقين الذين عادت الجمعية لتطرح أسماءهم من جديد، وبالتالي فإن التحدي في إيجاد اسم يتوافق عليه أهالي الدائرة هي نقطة شاملة للرجل والمرأة. نحن على قناعة بالنسبة للوفاق بأن لديها كوادر نسائية متميزة وهو ما نراه من حضور المرأة الوفاقية في الحملات الانتخابية بشكل كبير جداً، ولكن المشكلة تتمثل في عدم وجود لوبي نسائي حقيقي داخل الوفاق، فنساء الوفاق ناجحات ومتميزات في العمل المهني لكنهن لم يتمكن بعد من صياغة لوبي بالمعنى السياسي داخل الوفاق. كما أنني أعتقد بأن التدافع بين الرجال داخل الوفاق من أجل الترشح دهست فيه المرأة الوفاقية.

يقول الكثيرون بأهمية وجود لوبي نسائي ضاغط وخصوصاً في الداخل السياسي لتحريك الأجواء لصالح ترشح المرأة. ونحن نرى أن النساء العاملات في التيارات السياسية المختلفة لا يجتمعن معاً لتحقيق هذا الهدف. فما هي المشكلة؟

- رملة: نحن مثلاً في جمعية سياسية إسلامية وبالتالي فإن لدينا ثقافة معينة ومحاذير شرعية محددة نسير ضمن أطرها ولا يمكن أن تفرض الجمعيات الليبرالية علينا أفكارا غيرها. ومن ضمن أفكارنا الرئيسية أيضاً أن الوصول إلى كرسي البرلمان هو تكليف وليس تشريفا. فنحن لا نريد أن تنتشر ثقافة اللوبي في الجمعية، الأفكار المختلفة مطلوبة في أي ساحة، لكننا لا نريد أن نصنع «لوبيات» داخلية للحصول على كرسي ما.

لكن جمعيتكم بالذات تعقد تحالفات سياسية في ملفات مختلفة مع تيارات أخرى ليبرالية، فلماذا لا يتم ذلك في هذا الملف؟

- رملة: نحن نعمل من أجل المطالبة بالحقوق العامة، وقد بدأنا التنسيق بين الجمعيات لزيادة عدد الكوادر النسائية في الجمعيات ولكن هذا التنسيق لم يستمر نتيجة اختلاف الإدارات. إننا لا نحبذ أن تتهافت المرأة لكي تكون الأبرز في العمل السياسي، فنحن لا نريد أن نحول العمل السياسي إلى عمل شكلي.

- ابتسام: إن وجود المرأة في العمل السياسي هو مشاركة منها في المواطنة، فنحن لا نريدها شكلاً طبعاً، وليس السعي لتمثيلها هو سعي لجعلها شكلا. وإنما نسعى لوضعها ضمن قائمة المدافعين عن الحقوق العامة بشرط أن تكون كفوءة مثلما يشترط أن يكون الرجل المدافع عن حقوق الناس كفوءاً. نحن نحارب وضع المرأة كشكل أو كـ «رزَّة» لتجميل الطبق السياسي ونطالب طبعاً بوجودها وفاعليتها.

- رملة: الجميع متفق على أننا لا نريد إيصال المرأة غير الكفوءة إلى البرلمان. لكن ما أقصده هنا هو أنه حتى المرأة الكفوءة إن لم تصل فما هي المشكلة؟ إذا تم تحصيل الحق على يد شخص آخر فما هي المشكلة؟

- ابتسام: المشكلة هي في حقها في التمثيل، فالمسألة مرتبطة ارتباطاً مباشراً بالحق.

- خلف: أريد الإشارة إلى أن المرأة في الجمعيات السياسية محتاجة إلى أن تشكل «لوبي» لتدفع باتجاه العمل السياسي النسائي، فاللوبي عمل سياسي رجالي بامتياز يمارسه الرجال مثلما نرى، ولن تستطيع المرأة أن تضغط سياسياً من دونه. وفكرة اللوبي هي فكرة مشروعة في العمل السياسي وهو عمل يمارسه الرجال في العمل السياسي الإسلامي وهو ما ترونه بأنفسكم. فنحن نرى بوضوح وجود تيارات ولوبيات داخل جمعية الوفاق والمنبر الإسلامي مثلاً، وأنا أعتقد بأن من معوقات وصول المرأة الوفاقية أو المنبرية هو عدم تفكيرها في عمل اللوبي.


قصور التنمية السياسية للمرأة في الجمعيات

من خلال هذا الحديث يمكننا الانتقال إلى المحور التالي من محاور ندوتنا وهو واقع النساء في الجمعيات السياسية، وكيف يمكن أن يشكل معوقاً لفرض المرأة نفسها سياسياً على قوائم جمعياتها السياسية، إذ يجب أن نلفت النظر هنا إلى أن جمعية الوفاق ليست استثناء بالنسبة لمسألة الضغط النسائي، إذ لا يختلف الوضع كثيراً في الجمعيات السياسية الليبرالية. ما هي المشكلة إذاً؟

- العبيدلي: يجب في البداية أن أؤكد أن المطالبة لم تأت من أجل تفعيل تمييز غير حقيقي للمرأة، فنحن نطالب بالعدالة بينها وبين الرجل، أما بالنسبة للجمعيات السياسية فإنني أعتقد بأنها لو كانت جادةً في تبنيها لقضية تمكين المرأة سياسياً فعليها أن تقوم ببناء برنامج مرحلي لخلق كوادر نسائية حقيقية تتميز بالخبرة ويمكن أن تساهم في خلق قيادات مستقبلية. إذا كان هدف الجمعيات السياسية هو تنمية سياسية للمرأة فيجب أن تجير قوى المجتمع السياسي بأكملها لخدمة هذا الهدف. نحن نعلم بأن حصة المرأة في مجالس إدارة الجمعيات السياسية على اختلافاتها قليلة، وهذا التخلف لا تتحمل وزره المرأة فقط، ولكنه يتأثر كذلك بالقيم الاجتماعية التي تتربى عليها المرأة. فما لا يمكن أن نصدقه أبداً مثلاً أن من بين الأربعين شخصا الذين دخلوا البرلمان البحريني لا توجد امرأة بحرينية مثلهم أو حتى أفضل منهم.


تقييد قانون الجمعيات الأهلية و«التنمية»

المحور التالي في هذه الندوة هو دعم المجتمع المدني للنساء المترشحات والمعوقات القانونية التي يواجهها. فنحن نعلم جميعاً بأنه لا يحق للمجتمع المدني أن يقوم بأي عمل سياسي مباشر في الانتخابات بنص القانون، ما يشكل معوقاً لدعم الجمعيات النسائية للمرشحات. فما هي أبرز آثار ذلك على مترشحات 2010؟

- ابتسام: يجب التأكيد هنا أن العمل السياسي لا يبدأ بالترشح والانتخاب، فالعمل السياسي هو عمل متراكم يبدأ بمشاركات وخطوات كثيرة قبل الترشح والانتخاب. ولذلك أحب أن ألفت النظر هنا إلى أهمية تخصيص برامج للتنمية السياسية للنساء والفتيات تحديداً ضمن أجندات عمل الجمعيات السياسية. نحن نعلم بأن المرأة موجودة بالفعل في العمل السياسي ولكنها لا تظهر في سدة العمل السياسي، وهو عمل تراكمي، فلا يكفي أن أكون في مجلس إدارة جمعية سياسية معينة لكي أكون سياسية، فقد أكون إدارية ناجحة ولكن ذلك لا يضمن لي أن أكون سياسية ناجحة.

أما بالنسبة للمجتمع المدني فنحن كجمعيات نسائية مقيدون بقانون الجمعيات الأهلية الذي ينص ويشترط عدم العمل في السياسة. وقد بدأنا في جمعية نهضة فتاة البحرين في تشكيل فريق «انتخبوها 2010» منذ أكتوبر/ تشرين الأول العام الماضي، وعملنا على موضوع الترويج لحث الناخبين على انتخاب المرأة، ولكننا واجهنا مشكلة أخرى وهي التمويل لهذا المشروع الذي خرج ضعيفاً. نحن على إيمان تام بأن مسألة توعية الناخبين في الانتخابات تطورت وتغيرت جذرياً عن 2002، لقد أصبح الناخب البحريني على علم بالتصويت الذي جربه مرتين سابقاً، لذلك فإن التوعية يجب أن تأخذ شكلاً نوعياً الآن.

يعتبر تقييد عمل الجمعيات الأهلية بخصوص الانتخابات موضوعاً ساخناً على أكثر من صعيد وليس فقط من خلال دعم النساء المترشحات، فهو يشمل كما نقرأ جمعيات حقوق الإنسان والمراقبة الأهلية للانتخابات، فإلى أي مدى يمكن أن نشهد ضغوطاً مدنية لتغيير قانون الجمعيات الأهلية؟

- الغائب: أقولها بقوة، الله يساعد الجمعيات النسائية على العقليات القديمة التي تتعامل معهم في وزارة التنمية الاجتماعية والبطء في الإجراءات وتقليديتها. وهنا أشير إلى نقطة مهمة أنه وسط الفوضى الانتخابية أحياناً لا نلاحظ أمراً مهماً وهو أن الجهات الرسمية وثقت في جمعية رعاية الأمومة والطفولة وهي مؤسسة أهلية ونسائية ليكون مقرها مركز اقتراع عام، وهذه إشارة إيجابية من صناع القرار بوجود ثقة في دور هذه الجمعيات الأهلية والذي يمكن أن يتطور مع الوقت.

- خلف: لا نشك في أن تعامل وزارة التنمية الاجتماعية مع الجمعيات الأهلية يحتاج إلى تدخل وتعديل جذري. لكنني ألوم هنا أيضاً جمعيات المجتمع المدني التي تبدأ متأخرة في حملاتها لدعم المرأة ومثلها الجانب الرسمي ممثلاً في المجلس الأعلى للمرأة، فلهذا التأخير دور كبير في عدم وجود استعداد مجتمعي لتقبل ترشح النساء في الانتخابات. فالجميع مطلوب منه العمل من الآن حتى الدورة المقبلة لتأهيل مشاركة حقيقية وفاعلة للمرأة.


المرشحات وأزمة الدعم المادي

أثار موضوع عدم وجود دعم مادي ولو بسيط للمرشحات في انتخابات 2010 من قبل المجلس الأعلى للمرأة الكثير من اللغط في داخل الشارع النسائي. فبعض المترشحات اعتبرنه مؤشراً على تراجع دعم المرأة، والبعض الآخر انسحب من الترشح. فما هي وجهة النظر الرسمية وسط ذلك كله؟

- العلوي: لاشك أن أي نقص في تمويل الحملات الانتخابية هو عائق رئيسي للرجل والمرأة معاً، فأول عامل يتم التفكير فيه في الحملة الانتخابية لابد أن يرتبط بالتمويل، فإن لم يكن لدى المرشح أو المرشحة على الأقل الحد الأدنى لدعم حملته أو حملتها الانتخابية فسيكون الأمر عائقاً رئيسياً أمام خوض الانتخابات. وأحب أن أؤكد هنا أن المجلس الأعلى للمرأة لا يمكنه أن يقدم الدعم المادي كجهة رسمية، وما تم تقديمه في العام 2006 كان أحد التدابير المؤقتة التي تكفل بها مكتب الأمم المتحدة الإنمائي وكان المبلغ بسيطاً جداً ولا يذكر مقارنة بتكاليف أقل حملة، وقد تم دفعه على شكل مساهمة لوجستية وليس نقدية.

أما من حيث الدعم المعنوي فقد بدأ المجلس الأعلى منذ العام 2002 خطة شاملة، فكانت التوعية هي عنوانه الأبرز وتزامنت مع زيارة سمو الأميرة سبيكة لجميع المحافظات في المملكة لتشجيع المرأة البحرينية على المشاركة، وقد جاءت هذه الزيارات بنتيجة باهرة أثبتتها نسب مشاركة المرأة البحرينية كناخبة.

أما بخصوص برنامج التمكين السياسي والذي يعتبر جزئية من محور المرأة وصنع القرار فهو برنامج متخصص ركز على تدريب وتقديم خدمات استشارية للمرشحات وفتح أبوابه لجميع فئات النساء في المجتمع البحريني. وقد استمر هذا البرنامج حتى انتخابات العام 2006 حيث ترشحت نساء من خريجات هذا البرنامج فيما عملت أخريات في إدارة الحملات وما شابه.

أما في انتخابات العام 2010 وبعد أن قام المجلس بإطلاق دراسة لتقييم تجربته في انتخابات 2006، فقد حول المجلس تركيزه على الجانب التوعوي لأنه اكتشف أن مشاركة النساء كانت كبيرة ولكن أصواتهن ذهبت للرجال. ولذلك أراد المجلس التركيز على محور التوعية للنساء والشباب بالذات، وتمت دعوة الجميع للتدريب ولكن الإقبال كان قليلاً بالمقارنة مع السابق.

أما بخصوص الدعم المادي المباشر فإنني لا أعتقد بأن أي مرشحة ستقوم بطلب الدعم المادي بشكل مباشر، وخصوصاً لكونه أمراً لا يخدمها في الانتخابات. فمثلاً لاحظنا أن بعض الكتاب في انتخابات 2006 أطلق لقب «صناعة حكومية» على النساء اللاتي تخرجن من برنامج التمكين السياسي، فكيف إذا قام المجلس بدعمهن مادياً بشكل مباشر؟

- المطاوعة: إننا كمرشحات بحاجة إلى كل أنواع الدعم وإيصال الرسائل عبر مختلف الجهات. فلا يخفيكم قلة التمويل وصعوبة إدارة الحملات الانتخابية، علماً أن النظام الاقتصادي ذكوري بامتياز ويجعل المرأة تابعة للرجل. كما أنني أرى أن الكثير من الجمعيات النسائية صار وجودها غير مبرر لأنها انتقلت إلى مرحلة جديدة مرتبطة بتنمية المجتمع والجيل الجديد وهي مرحلة جديدة ومهمة للغاية، لكنها لم تعد جمعيات نسائية بهذا التصنيف. مازلنا نعاني أيضاً من سيطرة التيار الديني المتعصب كمرشحات، ونستشعر الحاجة إلى وجود تيار تنويري لا يشجب عقل المرأة. ولا يمكننا أن نغفل وسط كل هذه التحديات أن النظام الانتخابي في البحرين لا يقف لصالح المرأة، ، فالكوتا لصالح النساء مرفوضة رسمياً لتعارضها مع الدستور، ولذلك فإننا لن نتحرك من هذا المربع ما لم يتغير كل ذلك.

العدد 2967 - الأربعاء 20 أكتوبر 2010م الموافق 12 ذي القعدة 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً