تنشط في كثير من مدارس المملكة نوادٍ شتّى من أبرزها نوادي الإذاعة والصحافة وتنهض هذه النوادي بوظائف كثيرة ليس أقلها وظيفة تكوين جيل من الطلبة قادر على التحدث المباشر أمام جمع من المستمعين هو جمهور الطلبة في الطابور مثلاً أو الكتابة والتعبير عن الرأي في مواقف مدرسية متنوعة بموضوعية وحرية مسئولة. لكن يشوب عمل هذه الجماعات نقائص وتحول دون تحقيق وظائفها عوائق كثيرة ليس المجال هنا لحصرها ولكن يمكن الإشارة إلى بعضها. فالمتمعّن في أنشطة هذه النوادي يمكن أن يضع يده على بعض هذه النقائص وتلك العوائق لتلافيها في قادم الأعوام الدراسية. لعلّ أبرز النقائص عدم توفّر المكان الملائم فغالباً ما يعطى لهذه النوادي قاعة صفّ عادية تذكر الطالب حين يلجها لأول مرّة بحصص الدرس اليومية وعدم توفّر الأجهزة اللازمة لإعداد برامج وأنشطة تشدّ انتباه جمهور المستمعين والقراء، كما أن الدافعية عند المشرف على هذه النوادي تزيد وتنقص من معلم إلى آخر حسب اهتماماته ومشاغله وتكوينه ويندر أن نجد في المدارس مختصين في مجال الإعلام لذلك يكون عبء هذه النوادي على عاتق مدرسي اللغة العربية حيث ترى فيهم إدارات المدارس الأقرب إلى تأطير الطلاب في هكذا أنشطة، وذلك بحكم إتقانهم للغة العربية ولعلّه هو الفارق الوحيد بين مدرسي اللغة العربية وغيرهم من المدرسين في مثل هذا السياق. بل لعلّنا أحياناً نجد مدرسين لديهم رغبة وقدرة مكتسبة من أنشطتهم الجانبية في مجال الإعلام وغيره لكن لا تعطى لهم الفرصة في تأطير الطلبة في أندية الصحافة أو الإذاعة بحجة عدم اختصاصهم في اللغة الفصحى، ومثل هذا التوصيف يدعو إلى مراجعة اختيارات إدارات المدارس للمعلمين المشرفين على النوادي عموماً ونوادي الصحافة والإذاعة خصوصاً. وإذا كان حظ الإذاعة أكبر من حيث الإقبال عليها بحكم ارتباطها بالطابور الصباحي وإجبارية الاستماع إليها فإن محتواها في بعض المدارس يكاد يكون روتينياً مملاّ لا يشد المستمعين إلا قليلاً على رغم حضورهم حيث ينهج المدرس المشرف على الإذاعة إلى تكرار نفس الفقرات (فبعد السلام الملكي تلاوة للذكر الحكيم ثم حكمة اليوم، خبر أو اثنين ثم إعلانات رياضية...) وقد يتساءل الواحد منا ماذا أعدّ نادي الإذاعة خلال الحصص الإثرائية لهذا الطابور وبشكل أوضح ما أثر نشاط النادي في تفعيل هذه الإذاعة الصباحية؟ وأين الفقرات الإذاعية التي تؤثث زمن الفسحة المطولة؟ إن بادرة إدارة الخدمات الطلابية في إنشاء مسابقات بين المدارس في الإنتاج الإذاعي والصحافي المكتوب محفّز مهمّ لتحسين إنتاج الإذاعة المدرسية لكن لماذا لا يقع تبادل هذه الخبرات بين المدارس؟ لماذا لا تنعقد لقاءات بين مشرفي الإذاعات والصحف المدرسية الطلابية لتبادل التجارب بين المدارس. أما من جهة الصحافة المدرسية الطلابية المكتوبة فليس حظها بمثل حظّ الإذاعة لكونها أقل مقروئية فالاتجاه السلبي العام النافر من قراءة المكتوب عموماً يؤثر بدوره على الإقبال على قراءة النشرات والمجلات الحائطية أو حتى المجلات التي تصدرها النوادي فما بالك إذا كان محتوى هذه النشرات وتلك المجلات جافاً لا حيوية فيه حيث يؤثر أحياناً المشرف على الصحافة المدرسية المكتوبة بحكم سنّه ومرجعياته الفكرية على اختيار موضوعات المجلة فيغلب على المجلة طابع الإرشاد والتوجيه المباشر الذي قد لا يجد صدى كبيراً في قلوب القراء، فبمجرد قراءة العنوان أو السطر الأول يتجاوزها إلى الصفحة الموالية فالتي تليها... لكن يمكن لهذه النشرات وتلك المجلات الحائطية أن تجذب قراء كثيرين إذا توافرت فيها عناصر نجاح العمل الصحافي الطلابي من حوارات حية وتحقيقات واقعية صريحة وغير ذلك... نعم نحن نحتاج اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى تطوير برامج النوادي الإثرائية في المدارس ونوادي الإذاعة والصحافة بصفة أخصّ.
إقرأ أيضا لـ "سليم مصطفى بودبوس"