العدد 2789 - الأحد 25 أبريل 2010م الموافق 10 جمادى الأولى 1431هـ

لغة «الفيس بوك» وبعض المنتديات

سليم مصطفى بودبوس slim.boudabous [at] alwasatnews.com

-

من اللافت للانتباه على أيامنا هذه تعدّد استعمالات اللغة العربية فبعد موجة اللهجات المحلية وطغيان العامية على الخطاب اليومي والرسميّ أحيانا كاختيار إيديولوجي أو لمجرد ترسيخ للهويات المحلية الضيقة وبعد سيطرة اللهجات العامية على الخطاب الإعلامي في معظم الدول العربية نعيش إيقاعا نشازا للغة العربية اليوم؟
فمع الطفرة الالكترونية الحديثة شهدت اللغة العربية وجهة جديدة تستحق العناية والدراسة العلمية المركزة من قبل المختصين وما نحن هنا سوى من يفتح الباب للمتفرغين من الدارسين لمزيد التوغل في دراسة هذه الظاهرة وأقصد التحول الجديد لاستعمالات اللغة العربية عبر أجهزة التلفون المحمول من خلال الرسائل النصية أو من خلال الرسائل الالكترونية عبر البريد الالكتروني أو من خلال برامج المحادثات (skype) وأمثاله...
وفي الحقيقة ومع انطلاق ظاهرة الرسائل الالكترونية منذ سنوات استبشرت خيرا وقلت ها نحن نعود إلى فن التراسل بالوسائل الحديثة وأكيد أنها تجذب التلاميذ إلى الكتابة باللغة العربية بل كنت من أول من دعا تلاميذي إلى التراسل عبر البريد الالكتروني حين تدريس فن الرسالة في مقررات اللغة العربية.
لكن ومع استحداث برامج المحادثات السريعة المباشرة عبر برامج التواصل الفوري بدأت تظهر عادات لغوية غريبة تهدد اللغة العربية ومستعمليها من الطلاب إذ صرنا نقرأ لغة هجينة لا هي بالعامية ولا الفصيحة، لا هي شرقية ولا غربية، اختلط فيها الحابل بالنابل فراح المتحادثون يختصرون ويرمّزون ويحذفون ويغيرون حتى غدا كلامهم كالسحر لا يفقهه إلا الراسخون في «الفايس بوك» وما هؤلاء بقليل. ولمّا كانوا كُثْرا وكان الحال على ما نرى ونقرأ كان لابد أن أعلنها صيحة فزع.
ولا تحتاج - قارئي العزيز- لأمثلة فيكفي زيارتك للمنتديات الطلابية أو المحادثات التي تدور بينهم آناء الليل وأطراف النهار لتعرف مدى الخطر الذي يتهدد هويّتنا اللغوية، صحيح أن من احتياجات العصر الحديث السرعة والترقيم لكن لماذا يكون ذلك على حساب ما هو أهمّ على حساب اللغة الأمّ؟
إني أحاول أن أحصي الدقائق التي يستمع فيها الطالب العربي اليوم إلى اللغة العربية فلا أكاد أحصيها لا لكثرتها وإنما لقلتها، هذا من جهة، ومن جهة أخرى، يمكنك أن تلحظ عدد الرسائل على الموبايل أو المحادثات اليومية التي تتم بهذه اللغة الجديدة الغريبة، فماذا بقي لاستعمال اللسان الفصيح سوى امتحان اللغة العربية أو بعض المواد التي تعتمد العربية آنذاك لا نتعجب من تراكيب سقيمة وألفاظ هجينة وأخطاء إملاء تفوق الخيال وتتعدى المحال.
إذن آن أن تستنجد اللغة العربية: أن أنقذوني...
حقّ لها أن تصرخ بأعلى صوتها: وا متحدّثاه... وا فصحاه... وا عربيّتاه...
فمتى ترتعد الفرائص... وتضطرب الأنامل... وتتفطر القلوب الحية النابضة بحب اللغة العربية؟
متى تنتفض بعض العزائم... و تتحرك بعض العقول...
أم قد انفرط العقد وصار محض أمل بلا أمل؟ أم هي بداية النهاية؟
إقرأ أيضا لـ "سليم مصطفى بودبوس"

العدد 2789 - الأحد 25 أبريل 2010م الموافق 10 جمادى الأولى 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً