العدد 2761 - الأحد 28 مارس 2010م الموافق 12 ربيع الثاني 1431هـ

القراءة الحرّة: تجربة ناجحة بالمدرسة التونسيّة

سليم مصطفى بودبوس slim.boudabous [at] alwasatnews.com

-

ما انفكّ موضوع القراءة يشغل بال المدرسة بل وأولياء الأمور فضلا عن المسئولين كلّ من موقعه نظرا لعزوف الطلاب على اختلاف فئاتهم العمرية عن القراءة. ودون الخوض في أسباب ذلك لأنها تطول وتطول قرأت حديثا عن فكرة إنشاء صندوق القراءة الحرّة بدول الخليج، حيث اختتم المركز العربي للبحوث التربوية لدول الخليج ندوة «تنمية اتجاه طلاب التعليم العام نحو القراءة الحرّة» والتي شارك فيها عدد من خبراء تعليم اللغة العربية والخبراء من مراكز بحوث المناهج بوزارات التربية والتعليم بالدول الأعضاء بمكتب التربية العربي لدول الخليج على مدى أربعة أيام بقاعة السفراء الكبرى بفندق الدبلومات.
وإن هذه البادرة من شأنها أن تبحث من جديد ثقافة القراءة وخاصة إذا ما رفدت بتشجيع المؤسسات التربوية والتثقيفية والإعلامية وغيرها من المؤسسات والأفراد قصد تعزيز اتجاه الطلاب العام نحو القراءة.
ولعل الشعار الذي رفع خلال الندوة «كتابنا ثقافتنا» خير دليل على وصل حاضرنا بماضينا، وفي هذا السياق تأكيد على سلامة القرارات المتخذة خلال هذه الندوة ووجاهتها أود أن أعرض تجربة مشابهة في إحدى الدول العربية الشقيقة، إذ إنّ تجربة البلاد التونسية في القراءة الحرة بدأت تقريبا العام 2000 في المدارس الحكومية والخاصة بين الطلاب في مختلف المراحل التعليمية.
كانت حصة المطالعة مسيرة ودوريّة أي مرة في الشهر، حيث يوزع المدرسّ على الطلاب نفس العنوان ثم يناقشونه بعد شهر. فلوحظ عزوف الطلاب عن المطالعة كما هو الحال هنا اليوم. ثمّ أقرّت وزارة التربية والتكوين بتونس برنامج المطالعة الحرة حيث تفتقت طاقات الطلاب القرائية وصار للطالب حرية اختيار الكتاب الذي يقرأه.
وتختلف طرائق الحصول على الكتاب فأحيانا يأتي به الطالب من البيت وأحيانا أخرى يستعيره من المكتبة العامة أو من المكتبة المدرسية، وطورا يأتي المدرس بكمية من الكتب مختلفة العناوين ويعرضها على الطلاب في الصف ليختار كل حسب رغبته العنوان المناسب، أو أن يأخذ كل الصف إلى مركز مصادر التعلم بالمدرسة ليختاروا بمساعدته الكتاب.
وهنا تطرح قضية حرية اختيار العنوان ما حدودها؟
طبعا الطالب حين يختار سيكون اتجاهه نحو القراءة أقوى لكن أحيانا تقع بين أيدي المتعلم مؤلفات بعيدة عن مستواه أو عناوين غير أخلاقة أو، أو... هنا كان لابد من مراجعة المدرس أو وليّ الأمر أو أمين المكتبة. بل إن بعض المدرسين في التجربة التونسية لا يسمحون للطالب بأن يشرع في قراءة كتاب المطالعة الحرة الذي اختاره إلاّ بعد مصادقة المدرس عليه.
وتتواصل هذه التجربة في المؤسسات التربوية التونسية بنجاح إلى اليوم بل لعلها كانت الحل الأمثل للخروج من عنق الزجاجة، حيث عدل كثير من الطلاب عن القراءة الموجهة فاستطاعت المؤسسات التربوية استمالتهم من جديد إلى القراءة بإقرار حصة القراءة الحرة.
كما تجاوز مفهوم القراءة الحرة مستوى اختيار الكتاب إلى مجال الإعداد وفسح المجال للطالب أن يبتكر ويعد عمله عن الكتاب المقروء بالمنهج والطريقة التي شاء.
فكان منهم من يحاكي القصة بلوحات فنية وكان منهم من يركز على ظاهرة واحدة من مستويات التحليل ويوليها الأهمية، وكان أيضا من مظاهر الابتكار أن يكون إعداد الطلبة لعملهم بإخراج القصة في شكل تمثيلي بدءا بكتابة السيناريو المستوحى من القصة مرورا بإعداد الممثلين وصولا إلى إخراجها. ثم تقديمها أمام الصف أو في حفل مدرسيّ.
هكذا تمتع المتعلم في تونس منذ 10 سنوات بهامش من الحرية يدفعه إلى مزيد من التطلع نحو الأفضل. لذا فإن الإسراع في العمل بتوصيات ندوة تنمية اتجاه الطلاب نحو القراءة الحرة بدول الخليج العربي يعدّ أمرا حيويا وضروريا يستحسن العمل على تنفيذه في أقرب الآجال وتزويد المدارس بالكتب المتنوعة لنمنح للطالب فرصة أكبر من الحرية في الاختيار والأهم من ذلك بإدراج ساعة شهرية على الأقلّ للاستماع إلى أعمال الطلاب وتحفيزهم لمزيد من الابتكار في إعداد القراءة الحرة.
إقرأ أيضا لـ "سليم مصطفى بودبوس"

العدد 2761 - الأحد 28 مارس 2010م الموافق 12 ربيع الثاني 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً