العدد 2614 - الأحد 01 نوفمبر 2009م الموافق 14 ذي القعدة 1430هـ

تصوّرات الطلاب في عرب 201 المطوّر

سليم مصطفى بودبوس slim.boudabous [at] alwasatnews.com

-

لا تنفكّ علوم التربية تتطور وتفتح لها أبوبا جديدة وتخصّصات أقرب إلى حقيقة التعلم، ولعل من أبرز هذه العلوم اليوم تعلميّة المواد التي أنتجت مفاهيم ومصطلحات جديدة نابعة من العلاقات الديناميكية بين أقطاب المثلث التعليمي (معلم - متعلم - معرفة) وبالنظر إلى التفاعل بين المتعلّم والمعرفة تشير التعلميّة إلى مفهوم تصوّرات التلاميذ ويعتبر Astolfi أنّ هذا المفهوم من أهم ما استنبطته تعلميّة المواد، إذ لا يأتي الأطفال صفحة بيضاء يمكن المعلم أن يكتب عليها ما يشاء وهذا يكون أكثر بداهة مع طلبة الثانوي؛ لأنهم اغتذوا من مقررات سابقة فضلا عن المعارف العامة الصحيحة والخاطئة. هذه التصورات وجب الاستماع إليها والانطلاق منها، فإذا كانت سليمة تمّ تطويرها وإثراؤها أو تعديلها إن كانت خاطئة، وذلك بإجراء حوار أفقي يلعب فيه المدرس دور المنشط حتى يقتنع ذوو التصورات الخاطئة بخطئهم ثم يتم دعوتهم إلى بناء معرفة جديدة تستجيب لقواعد علمية في موضوع الدرس. ولاغرو اليوم أنّ المتعلم يمثل الرهان لكل تنمية بشرية تسعى إليها المناهج التعليمية فكل تجديد أو تطوير للمناهج والمقررات يهدف إلى الارتفاع بمستوى المتعلمين وتحقيق نتائج أفضل على المدى القريب أو المدى البعيد ولقد امتدت موجة التجديد إلى مناهج اللغة العربية منذ العام الدراسي الماضي، فشملت مقرر عرب 101 وعرب 102 وهاهي اليوم من بداية العام تشمل مقرر عرب 213 وعرب 201. وبما أن هذا الأخير يهمّ عددا كبيرا من طلبة المستوى الثاني فإن التعرف إلى تصورات التلاميذ إزاء التجديد عموماً ومحتوى المقرر خصوصاً يصبح ضرورياً وخاصة أنّ التجديد في مقرري عرب 101 وعرب 102 اختلفت بشأنه الآراء في السنة الماضية سواء بين صفوف الطلبة أوبين الأولياء وحتى المدرسين. لقد أردت التعرف إلى تصورات التلاميذ ووجهات نظرهم فلم أجد غير المنتديات سبيلا إلى ذلك. فتحت بطريقة عفوية أحد المنتديات الذي طرح فيه رأي الطلبة في مقرر عرب 201 الجديد وبعد تفريغ آرائهم لاحظنا: 1 - تخوفا شديدا من المقرر الجديد بسبب: لغة النصوص نفسها (ليش يحطون لنا قصايد جاهلية وخصوصاً قصيدة وعيد ابي قابوس الي حتى الأستاذ ماعرف يقراها وماعرف يشرحها فكيف الطلبه يبونهم يحفظونها.) كما علق صاحب الموضوع في المنتدى. وكذلك لغة الشرح والتحليل المعقد في المقررات (الشرح اللى بالكتاب كلش مو واضح و يستخدم كلمات وبلاغات فوق عقلية ومستوى الطالب... «تعقيدات وطبيعية وكلمات وايد صعبة) فضلا عن تخوفهم من البلاغة (يعني احنا نعاني هالسالفة مثلا في البلاغة تجي أمثلة ووظائف خارجة ومختلفة عن الكتاب). بالإضافة إلى تخوفهم الشديد من التعبير (المفروض ما يعطونا تعبير جدي... المشكلة في التعبير هذا الكتاب مأساوي) وآخر (صعب علينا، أول مرة نجوف أشياء جدي). إنّ قراءة سريعة في هذه التصوّرات تدعو الدارس إلى الاستماع إلى الطلاب قصد تبديد الخوف البادي من أقوالهم وهو خوف مشروع؛ لأنّ الطالب غايته التفوّق ولم لا الامتياز كما قال (وحبينا نشوف رايكم بالمقرر وناخذ آرائكم ونصايحكم عشان نعرف كيف نتفوق بهذا المقرر) 2 - ارتياح بعض الطلاب للمقرر واعتباره أسهل مما سبق (أحسّه أسهل من المقررات اللي أخذناهم في أوّل) وأخرى ترى (انه احس هذا الكتاب سهل وايد النسبه للكتاب مال الفصل الثاني اللي عقدني حسيت المقرر أسهل بواجد من 101 و 102). وربّما يعود هذا الارتياح إلى غياب القواعد واقتصار البلاغة فقط على درس الخبر والإنشاء اللذين وقع التمهيد لهما في مقرر عرب 101 و102 العام الماضي أثناء الشروح. ومهما يكن من وجاهة رأي هذا الفريق أو ذاك فإن الاعتماد على تصورات التلاميذ نحو المادة العلمية المدروسة يساعد المعلّم كثيرا على تذليل بعض الصعوبات التي تعترضه خلال الموقف التعليمي، إذ إن البناء الحقيقي للمعرفة العلمية يبدأ بإزالة الأخطاء والعوائق المعرفية النفسية لتجد المادة العلمية الجديدة التربة الصالحة التي تنمو فيها. لكن من جهة أخرى على المتعلّم أن يعرف أن التطوّر سنّة الحياة وتطوير درس العربية دليل على أنّ لغتنا حيّة والاستفادة من طرائق التحليل الجديدة للنصوص دليل على قدرة أدبنا القديم والحديث على استيعاب الجديد وهضمه. كما أن على الطلبة بذل الجهد في تقبل الجديد وتجنّب العقلية الاستهلاكية إذ مازال البعض يبحث عن الجاهز لاستهلاكه (مافيه أي تلخيصات ومافيه أي تحليلات لحد الآن للمواضيع والقصايد) هكذا علّق بعض الطلبة. وفي اعتقادي أنّ تبادل الخبرات بين الحضارات أمر مشروع تاريخيا وعقليا فكيف تسمح لنفسك بقبول كل مستجدات الموضة القادمة من الغرب وترفض تجديد المناهج وفق نظريات أثبتت جدواها في تحسين مخرجات التعليم في كثير من الدول عربيا وعالميا؟ إقرأ أيضا لـ "سليم مصطفى بودبوس"

العدد 2614 - الأحد 01 نوفمبر 2009م الموافق 14 ذي القعدة 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً