أنحتاح إلى يوم نتذكر فيه المعلم؟ أم أن المعلم أكبر من أن يكون له يوم في السنة؟ هل صحيح أنّ من ينسى معلمه لم يكن متعلماً وإنما مجرد طالب شهادة وأوراق؟ أما زال البعض يقف على أطلال البيت الشهير: قم للمعلم ووفه التبجيلا كاد المعلم أن يكون رسولا أم أن كثرة الاشتكاء من سلوكيات بعض المعلمين انحرفت بالشطر الثاني إلى «كاد المعلم أن يكون شحاتا». أسئلة شتى تؤرق ذهني لكن مهما اختلفت الآراء في بلادنا حول صورة المعلم اليوم, فإن العالم بأسره يقرّ ويحتفل منذ سنة 1994 بيوم المعلم العالمي حيث أقرت المنظمة الدولية للتربية والثقافة والعلوم اليونيسكو يوم 5 أكتوبر من كل سنة يوماً عالمياً للمعلم ويعود الفضل في الانتشار السريع والوعي العالمي بهذا اليوم إلى منظمة Education International ولقد اختلفت بلدان العالم في الاحتفال بهذه المناسبة من حيث التوقيت والفعاليات: أما من حيث التاريخ فاليوم المشهور هو 5 أكتوبر من كل سنة ولكن بعض الدول اختارت يوماً آخر مرتبط بحدث وطني مهم يتعلق بالتربية والتعليم في بلدها. فالبيرو مثلا تحتفل به يوم 6 يوليو/ تموز تخليداً لذكرى تأسيس أول مدرسة سنة 1822 م وإندونيسيا تحيي هذه المناسبة يوم 21 نوفمبر/ تشرين الثاني بمناسبة ذكرى تأسيس جمعية المعلمين الإندونسيين... أما من حيث الفعاليات فقد اختلفت بلدان العالم في طرق الاحتفال ففي الفلبين مثلا تقدم مجموعات من الطلبة التهاني والتبريكات لمدرسيهم مرفقة بالأغاني والرقص فضلاً عن إلقاء الشعر والخطب ثناءً وشكراً للمربين كما هو الحال في الفيتنام التي تمتاز بفعاليات أخرى عن غيرها كتنظيم الرحلات مع المدرسين.... أما في سنغافورة فهو يوم إجازة رسمية يسبقه احتفال في النصف الثاني من دوام اليوم السابق له, ولعلّ نموذج كوريا الجنوبية حريّ أن يتبع حيث تبدأ الاحتفالات بزيارات خاصة من التلاميذ للمدرسين المتقاعدين وخاصة منهم المرضى . كما يؤدي الطلبة المتخرجون في هذا اليوم زيارات معايدة إلى مدرسيهم السابقين في المدارس أما في التايوان فإن الطلبة يعربون عن عرفانهم وتقدريهم للمعلمين بزيارات أو إرسال بطاقات وتقديم بعض الهدايا الرمزية كما في الولايات المتحدة الأميركية. أما في أفغانستان فهو يوم عطلة أيضاً يلتقي فيه الطلاب والمعلمون في المدارس وأولياء الأمور يتناولون الطعام والحلوى ويتبادلون الهدايا ويعبر التلاميذ الصينيون عن امتنانهم لمعلميهم وتقديم الورود والبطاقات والهدايا. أما في جامايكا فإن الآباء والطلاب يقدمون الهدايا للمعلمين وتغلق المدارس أبوابها في النصف الثاني من يوم الاحتفال. أما في بعض البلدان العربية فقد يمر مرور الكرام في خضمّ زحمة الأوراق وتخمة المشاكل أو تحجيماً لصورة المعلم وتقزيماً لها في المجتمع. أما في البحرين فقد عهدنا المدارس تحتفي بهذا اليوم سواءً منها الحكومية أم الخاصة. غير أن يوم 5 أكتوبر 2009 مرّ من هنا دون أن تلتفت إليه المدارس ولولا اللفتة الكريمة من وزير التربية وكلمته الطيبة التي ترفع من معنويات المعلم، ولولا بعض التحركات البسيطة من هنا وهناك لقلنا: إنّ يوم 5 أكتوبر 2009 قد أصابته انفلونزا H1N1 فعزلوه في غرفة لكن ليس لخمسة أيام فقط، بل يبدو إلى أجل غير معلوم. أما من جهتنا فاعتقادي راسخ أن اختياري مهنة التعليم دون سواها (رغم توفر القدرة على القيام بغيرها) وتربيتي لأولادي على حب العلم والمعلم أفضل تكريم لكلّ معلم درّسني فإليك يا معلمي تحية زكية وإليك من الشعر أحلى هدية لا في يومك العالمي بل في كل آن وحين إلى يوم الدين: إن المعلم والطبيب كلاهما لا ينصحان إذا هما لم يكرّما فاصبر لدائك إن جفوت طبيبه واصبر لجهلك إن جفوت معلّما.
إقرأ أيضا لـ "سليم مصطفى بودبوس"