العدد 2966 - الثلثاء 19 أكتوبر 2010م الموافق 11 ذي القعدة 1431هـ

حضور المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في الاقتصاد العربي

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

تناقلت وكالات الأنباء خبر إطلاق «وزراء المالية العرب رسمياً أمس صندوقاً بملياري دولار لتمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة في الدول العربية، الذي أقر تأسيسه في القمة العربية الاقتصادية في يناير/ كانون الثاني الماضي، وهو في الأساس اقتراح من أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح». وحول هذا الموضوع، قال وزير المالية الكويتي مصطفى الشمالي، بعد حفل إطلاق الصندوق: «إن الصندوق حصل على وعود بالمسـاهمة بمقدار 1.18 مليار دولار من قبل 11 دولة عربية، وإنه من المتوقع تسجيل مزيد من المشاركات».

وينص المشروع الأساسي على «تزويد الصندوق بملياري دولار، وقد كرر وزراء المالية هذا الرقم خلال اجتماعهم أمس الأول في الكويت. وكانت كل من السعودية والكويت قدمت 500 مليون دولار للصندوق فيما قدم الصندوق العربي للتنمية الاقتصادية والاجتماعية الذي مقره الكويت مئة مليون دولار مع العلم أن هذا الصندوق سيقوم بإدارة صندوق المشاريع الصغيرة والمتوسطة».

تعكس هذه المبادرة مجموعة من التحولات في ذهنية صناع «القرار المالي العربي»، يمكن أن نوجز أهمها في النقاط الآتية:

1. اهتمام صناع القرار العرب بأهمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في الاقتصاد الوطني، وتزايد إسهاماتها فيه، وهو ما يمكن اعتباره نقطة تحول نوعي في التفكير الاقتصادي العربي، الذي ظل، ولفترة طويلة يولي أهمية أكبر للشركات الكبيرة نسبياً، بالمقياس الخليجي، وخاصة تلك العاملة في قطاعات النفط والطاقة، أو في المجال المالي. وكلا القطاعين، لا يوفر أية فرصة أمام منظمات ليست من الحجم الكبير.

2. الرغبة في تفعيل العمل العربي المشترك، وهو أمر ألمح له الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى حين أشار إلى «أن جميع الدول العربية ستساهم في رأس مال الصندوق، حيث إن المجال ما زال مفتوحاً للدول الراغبة في الانضمام للصندوق، موضحاً أن جامعة الدول العربية تولي اهتماماً بالغاً بالقضايا التنموية والاجتماعية وتعمل جاهدة لتفعيل العمل العربي المشترك في القطاعات الحيوية بهدف الارتقاء بمعدلات النمو الاقتصادي لإحداث نقلة نوعية في البنية والهيكل الاقتصادي العربي ليواكب المتغيرات الاقتصادية الدولية ويستجيب لطموحات الشعوب العربية في تحقيق الاندماج والتكامل الاقتصادي العربي المنشود».

3. إحساس صناع القرار العرب بحمى المنافسة من الدول الأخرى، بما فيها الصغيرة مثل دول نمور الشرق الأقصى، والتي لم تعد تكتفي بما تحققه في أسواقها، بل شرعت تغزو أسواقاً عالمية أخرى، بما فيها الأسواق العربية. تزداد سخونة حمى المنافسة عندما تأخذ الدول العربية في الحسبان، هجرة رساميلها النفطية نحو تلك البلدان في هيئة استثمارات مالية، ثم تعود إلى الأسواق العربية في هيئة بضائع وخدمات ذات قيمة مضافة تعيد ضخ ما تبقى من سيولة الأموال الساكنة اقتصادياً. هذا يضاعف من خسارة الاقتصاد العربي، مرة عند هجرة تلك الرساميل، ومرة أخرى عند استيراد تلك البضائع والخدمات.

4. رغبة صناع القرار العرب في تنويع مكونات الاقتصاد الوطني، ومن ثم مصادر الدخل القومي، فالالتفات نحو الشركات المتوسطة والصغيرة يقود حتماً إلى التفكير في تشجيع قطاعات أخرى بخلاف النفط، الذي لايزال حتى الآن يشكل، المصدر الأساسي للدخل العربي، وخاصة في منطقة الخليج. هذا التنوع لن يقف عند تنويع المنتجات والخدمات فحسب، وإنما سيقود حتماً إلى التأثير إيجابياً في مخرجات التعليم كي تكون قادرة على تلبية التنوع الاقتصادي أولاً، والمهارات المتطورة التي تتطلبها المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، ثانياً.

5. معالجة مشكلات أخرى، وفي مقدمتها البطالة، مقنعة كانت أم طبيعية، وهذا أمر أشار له الشمالي عندما استعان بما جاء في التقرير المشترك بين الجامعة العربية وبرنامج التنمية الخاص بالأمم المتحدة، الصادر في العام 2009، والذي جاء فيه أنه «في نهاية 2009 أن الفقر يطال 40 في المئة من سكان الدول العربية، فيما يبقى التحدي الأكبر لهذه الدول إيجاد وظائف لـ 51 مليون شخص خلال عشر سنوات، دون أن يؤدي ذلك بالواقع إلى خفض نسبة البطالة بل للحؤول دون تفاقمها والإبقاء على مستوياتها الحالية حتى 2020». ما أراد الشمالي أن يقوله هنا إن التحول نحو المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، سيساعدنا على معالجة مشكلة في غاية الأهمية وهي البطالة.

لاشك أن حضور المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في الاقتصاد العربي، وبالقوة التي يطمح لها الصندوق المؤسس لذلك هي خطوة صحيحة، جاءت في الوقت المناسب، لكن الوصول إلى ذلك الطموح يتطلب مجموعة من السياسات الإستراتيجية، المتبوعة بتنفيذ البرامج ذات العلاقة، وفي المقدمة منها تهيئة الموارد البشرية الكفؤة القادرة على الترويج لمثل هذه الإستراتيجية أولاً، وتنفيذ برامجها ثانياً. ولعل ذلك يقودنا إلى نقطة لم ترد، إطلاقاً، فيما رشح من تغطيات إعلامية لقرار وزراء المالية العرب الأخير، وهو دور المؤسسات التعليمية المركزي لإنجاح هذه اللفتة نحو اقتصاد يقوم أساساً على المؤسسات الصغيرة والمتوسطة.

من هنا نأمل أن نسمع في القريب العاجل خطوة صحيحة أخرى يقودها وزراء التعليم العرب، تعانق ما أقدم عليه زملاؤهم وزراء المال، تقوم هي الأخرى على نقلة نوعية في سياسات وبرامح التربية والتعليم المرافقة لها، كي تلبي ما يحتاجه اقتصاد يرتكز على الشركات الصغيرة والمتوسطة، التي نأمل أن تنمو حصتها في الاقتصاد العربي، في المستقبل القريب.

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 2966 - الثلثاء 19 أكتوبر 2010م الموافق 11 ذي القعدة 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 10:31 م

      هذه رسالة نوصلها لمن يهمه الأمر

      بعض من أصحاب الإستثمارات والمؤسسات المختلفة الأحجام أصبحوا يزاحمون الفقراء في لقمة العيش ... يعني لديها دخل كبير من شركة إستثمارية وتغتصب وظيفة يمكن أن يكون فردا من الطبقة الفقيرة أن يحصل عليها ... أخلاقيات أصبحت تنمو في طبقة التجار ونأمل من طبقة التجار الذين سوف يدخلون المعترك النيابي أن يضعوا خطوط رئيسية لهذه المصطلحات وخاصة بأن ذلك يغلفه في بعض الأحيان العاطفة وممارستها

اقرأ ايضاً