مرة تلو الأخرى، نطالب ونستغيث - حتى تتحقق المطالب - بجزيرة سترة التي تعتبر من أهم الجزر في أرخبيل مملكة البحرين التي تتألف من 33 جزيرة، فهي ثالث أكبر جزيرة بعد المنامة والمحرق ويقطنها أكثر من 60 ألف نسمة، وتشتهر وتتميز بعيونها العذبة وأراضيها الزراعية الخصبة، حيث كان معظم قاطنيها يمتهنون الزراعة قبل اكتشاف النفط، وبعد اكتشافه امتهن بعضهم العمل في شركة نفط البحرين (بابكو)، كما أن كثيراً منهم شارك في بناء الدولة الاقتصادية لاحترافهم مهنة البحر التي ورثوها عن آبائهم وأجدادهم.

تقع جزيرة سترة ضمن المحافظة الوسطى، وقد انتفت عنها صفة الجزيرة التي عرفت منذ قرون وتغيرت ملامحها بفعل ما طرأ عليها من دفان وتشييد المصانع والشركات ومعارض السيارات حتى أصبحت محاطة بالسموم.

بعد أن أقيم جسر سترة الذي ربط بينها وبين محافظة العاصمة من جهة الجنوب وجسر آخر ربطها بالقرى الواقعة في غربها ومنها المعامير والنويدرات والعكر من جهة الغرب بنته شركة «بابكو» العام 1938م بعد تدفق النفط على مستوى تجاري العام 1932م، ولكن للأسف لم تراع الشركات في الجزيرة أية خدمات للمنطقة تخفف من سمومها التي تقذفها ليلاً نهاراً، على سبيل المثال، من الواجب على هذه الشركات تشجير المنطقة المحاطة بالشركات للتخلص أو امتصاص بعض الغازات التي تتسرب من عملياتها الصناعية.

أشار إلى جزيرة سترة الشيخ محمد علي التاجر في كتابه «عقد اللآل في تاريخ أوال»، كما أشار إليها صاحب «التحفة النبهانية» في صفحة (49) من كتابه بقوله «سترة وهي جزيرة شرقي الرفاع على مسافة (45) دقيقة وإذا جزر البحر اتصلت به بشبه برزخ يعلوه ماء رقيق سمك ذراع فأقل»، وبها عيون كثيرة أكبرها عين «الرحى» ثم عين «مهزة» وتتكون من سبع قرى.

اشتهرت الجزيرة بعيونها وينابيعها العذبة وتنتشر فيها الكواكب العذبة وسط ماء البحر المالح وأشجارها المثمرة المتنوعة (اللوز والرمان والكنار)، كما أنها اشتهرت بمدارسها الأهلية لتعليم القرآن الكريم والخط العربي، وكان أمراء الأسرة الحاكمة آنذاك يبعثون بأبنائهم إلى تلك المدارس ليتعلموا القرآن الكريم على أيدي معلميها. كما اشتهرت بعض الأسر الستراوية بعمل عمدائها كوزراء لأمراء الأسرة الخليفية (كتاب لعبدعلي حبيل عن جزيرة سترة بين الماضي والحاضر).

لماذا جزيرة سترة منكوبة صحياً وبيئياً وتعليمياً؟

بعد هذا الاستعراض السريع لقرى وأهالي سترة، والتي أخذنا بعضاً منها، من كتاب عبدعلي محمد حبيل «جزيرة سترة بين الماضي والحاضر».

نستطيع القول في الوقت الحاضر، حكايتهم ومشاكلهم ليست مثل باقي الحكايات.. حكايتهم فيها غصة وألم.. فيها حسرة وندم، بسبب اكتظاظ سكاني من غير سكن.. بطالة من غير عمل.. أمراض غريبة تفقدك الأمل، فقدان أراض زراعية واقتلاع أشجار.. شواطئ مهملة، وبيئة مسممة.. غازات منتشرة - من تسريبات المصانع المحاطة بهم - وغيرها الكثير..

باختصار حكايتهم، أن جزيرتهم خارج الزمان والمكان من الناحية البيئية فلنهب لنجدتها، لابد ان نختم (بصرخة عالية) لنلفت عناية الحكومة ونطالبها بإعادة تأهيل جزيرة سترة زراعيا – زراعة الجزيرة بالأشجار المثمرة والنخيل الباسقة وبيئيا – تكملة الصرف الصحي وتنظيف الشواطئ وتأهيلها، تعبيد الطرقات والممرات الداخلية، وصحيا – بناء مستشفى صحي مكتمل الخدمات، وآخر للولادة – وتعليميا – بناء مدارس إضافية، لاسيما مدرسة ثانوية للبنات التي بأمس الحاجة إليها ومن غير تأخير، كما أن عامة الناس تطالب بالاهتمام ببيئتها التي غزتها الغازات السامة والنفايات الصلبة والسائلة من جميع الجهات.