العدد 2965 - الإثنين 18 أكتوبر 2010م الموافق 10 ذي القعدة 1431هـ

انحياز ديني في الكتب المنهجية الأميركية

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

تبنّى مجلس التعليم بولاية تكساس الأسبوع الماضي قراراً بعد تصويت بنسبة 6 – 7 «يتهم ناشري الكتب المنهجية بالانحياز إلى الإسلام مقابل المسيحية، ويطلب منهم التوقف عن ذلك». ورغم أن القرار غير مُلزِم للأعضاء المستقبليين للمجلس أو على ناشري الكتب المدرسية، إلا أنه يحاول وضع سابقة ويمثل قبولاً لادعاءات رغم كونها غير مثبتة، إلا أنها قد تُثار في ولايات أخرى. لم يتعلق القرار في الواقع بالكتب المدرسية المستخدمة حالياً بولاية تكساس.

يعتبر الادّعاء بأن الكتب المدرسية تنحاز إلى الإسلام ضد المسيحية غير شرعي وزائف، وقد جرى تضليل مجلس التعليم في تكساس.

إن إلقاء نظرة على الكتب المدرسية الأميركية الشائعة يمكنه أن يدحض هذا الادعاء، الذي يشوه دور التعليم عن الدين في مدارس الولايات المتحدة الحكومية.

تتطلب معايير مضمون الدراسات الاجتماعية في الولاية تعليم معتقدات وممارسات وتاريخ الديانات العالمية الرئيسية ضمن إرشادات دستورية عند التدريس الأكاديمي للدين. وعليه يتم التمحيص في الكتب المنهجية قبل تبنّيها في كل ولاية.

ويرتكز القرار على مقاطع حول الإسلام والمسيحية في الكتب الدينية. ولكن ماذا عن المذاهب الدينية الأخرى؟

كمراجِعة للكتب المنهجية المدرسية لمدة عقدين من الزمان، أؤكد أن معظم هذه الكتب متماثلة بشكل كافٍ للسماح بالتعميمات حول التغطية الدينية.

قد يحتوي فهرس كتاب مدرسي في تاريخ العالم على بنود أكثر عدداً حول الإسلام مقارنة بالمسيحية، ولكن عند إضافة كلمات مثل الكنيسة والقساوسة والدير والكاتدرائية والبابا وعصر الإصلاح والبروتستانت والإنجيل، فإن الميزان ترجح كفته لصالح الدين المسيحي. تغطي الكتب المدرسية جذور المسيحية في تاريخ اليهودية وشخصيات العهد القديم مثل إبراهيم وموسى. ويشكل المضمون حول المسيحية المبكّرة جزءاً يسيراً من المضمون الكلي عن هذا الدين.

يُعامَل التاريخ المسيحي في الواقع بأسلوب مثالي في معظم كتب التاريخ المدرسية. لماذا؟ لأن المسيحية متداخلة بشكل كبير مع تاريخ الحضارة الأوروبية.

تصف الكتب المنهجية صعود المسيحية في أواخر عهد الدولة الرومانية وانتشارها في آسيا وإفريقيا وأوروبا. وهي تسرد تأثير الكنيسة الكاثوليكية في روما على أوروبا القرون الوسطى وانفصالها عن الكنيسة الأرثوذكسية الشرقية. وتستشهد الكتب المدرسية بالمساهمات الثقافية للمسيحية في مجالات التعليم والفنون والحياة الاجتماعية. وهي تتعقّب التغيرات في التقاليد المسيحية، كالحركات الفكرية والتفاعلات مع الأنظمة السياسية والاجتماعية عبر القرون. وتغطي الكتب دور المسيحية في الحملات الصليبية وعصر الوعي والتنوير والإصلاح وعهد الاستكشاف والثورة العلمية والتاريخ الأميركي.

وبالمقارنة مع المسيحية، تعتبر التغطية للأديان العالمية الأخرى محدودة. يتم التأكيد على اليهودية في مضمون العصور القديمة، ولكن ذلك يتلاشى من القصة مع ظهور المسيحية. ولا تغطي الإشارة إلى حاخام وفيلسوف القرن الثالث عشر، موسى بن ميمون أو إلى المذابح إبان الحملات الصليبية على غياب المفكرين اليهود ومساهماتهم في الثقافة الأوروبية، أو مجتمعات اليهود التجار من الشرق الأوسط إلى الصين.

تقدم الكتب المدرسية الوصف للهندوسية والبوذية في الهند القديمة. انتشرت البوذية عبر درب الحرير، ويطيل ذلك في الرواية، ولكن القارئ لا يجد سوى القليل حول التغيير عبر الزمن. وتظهر الكتب المدرسية الناس يمارسون هذه الديانات اليوم، إلا أن الفجوة بين الأصول القديمة والديانات المعاصرة واسعة.

وقد يتوصل الطلاب من خلال انعدام التوازن هذا إلى أن المسيحية فقط هي التي تملك تقاليد غنية متعددة الوجوه. وترتكز التهمة بأن المسيحية محدودة الذكر في الكتب المدرسية على قراءة مشوهة للكتب، قُصِد بها رعاية شعور بالاستهداف بين المسيحيين.

وتماثل تغطية الإسلام في الكتب المدرسية للتغطية الهندوسية والبوذية واليهودية في تركيزها على الأصول المبكرة بدلاً من التغيّر عبر الزمن. وقد تأثرت العديد من فهارس الكتب بالاستخدام الزائد للتعابير الدينية مثل «الامبراطورية الإسلامية» بدلاً من التعابير الجغرافية. وينشأ الاستخدام من الأكاديميين الغربيين وليس من ناشري الكتب المدرسية. فتعابير مثل «الجهاد» و»الشريعة» تشكل مشكلة أخرى. يرغب النقّاد برؤية تعابير معقدة كهذه معرّفة على شكل «جيد» أو «سيئ» يدرك العلماء مدى تعقيدها عبر الزمن.

تتطلب مهارات التفكير التاريخية وجهات نظر مميزة. ويجب ألا تطبق الكتب المدرسية المفاهيم التي يجري بثها من قبل المتطرفين اليوم على قرون من التاريخ.

ليس المضمون حول الديانات العالمية جديداً على الكتب المدرسية، ولكن الكتب المدرسية عن ديانات «غير الغربيين» كانت أحياناً غير دقيقة وغير مناسبة. قام الهندوس الأميركيون مؤخراً بتحدّي تغطية الكتب المنهجية على هذه الأسس، تماماً كما عمل المؤرخون والتربويون المسلمون لتحسين مدى دقة المضمون حول الإسلام.

نتيجة لذلك فإن تغطية الإسلام وغيره من الديانات تحسّنت في السنوات الأخيرة. وتعكس الكتب المدرسية اليوم الانتباه إلى التوازن في عدد الصفحات والمواضيع والصور والنصوص المستقاة من الكتب الدينية. ويقوم المحررون بتجنيد المراجعين لمتابعة إرشادات التعديل الأول على الدستور حول تعاليم الدين.

وقد نتج عن ردة الفعل ضد التحسين في التغطية الدينية - ليس فقط الإسلام - ادعاءات بأن التغطية إيجابية جداً. يريد البعض عكس فكرة الخوف من الإسلام على قرون من التاريخ، فيحددون علاقات العالم المسلم مع الغرب بفكرة صدام الحضارات. وقد جرى إرباك جهود تحسين مستوى الدقة مع الدعوة إلى التحول أو تبييض ما هو سيئ، وليس أي منهما هدف أو نتيجة التعاليم عن الدين في المدارس الحكومية.

يشجع «مركز التعديل الأول»، وهو مجموعة استقطاب للرأي في الولايات المتحدة تعمل على حماية حريات التعديل الأول للدستور والحفاظ عليها من خلال الإعلام والتعليم، شجع التفاهم بين الأميركيين من معتقدات متنوعة عبر العقود، مستخدماً إطاراً يقدم للدول الأخرى التي تناضل مع التعددية الدينية نموذجاً يحتذى. تعكس معايير الولايات الإجماع الوطني بأنه يتوجب على المواطنين أن يكونوا على علم بديانات العالم. يجب ألا تمنع الانتهازية السياسية الطلبة من التعلّم عبر هذا الإطار الاجتماعي الأميركي.

* تربوية ومؤلفة عملت مسبقاً مع مجلس التعليم الإسلامي (ويسمى حالياً معهد الدين والقيم الاجتماعية)، وهي مستشارة تربوية مع مركز الوليد بن طلال للتفاهم بين المسلمين والمسيحيين بجامعة جورجتاون وطالبة دكتوراه بجامعة جورج ميسون، والمقال ينشر بالتعاون مع «كومن غراوند»

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 2965 - الإثنين 18 أكتوبر 2010م الموافق 10 ذي القعدة 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً