المظهر الخارجي الأنيق ليس دليلا على التحضر، تراه يضع النظارة المصنوعة في ايطاليا على عينيه وربطة العنق الفرنسية الجميلة تزين رقبته وأحيانا يضع العقال المخملي الحريري اللامع، وقد ينظر لك في السياسة والعولمة و. .. و... لكنك لو فتحت عقله ستكتشف ان العقل تم استئصاله ووضع مكانه حذاء بلاستيكي لا يباع حتى في المحلات الشعبية. تجلس أحيانا مع "مثقف" قد يكون دارسا في أفضل الجامعات الغربية وعندما تدخل معه في العمق ينتابك شك ان مثقفنا الكريم خريج تورابورا وليس خريج جامعة إكسفورد أو جورج واشنطن. تشعر أن في مخه "جوتي" وليس معلومات استقاها من علوم انثربولوجية. يحلل السياسة بادوات عصر العباسيين لاغيا كل التغيرات والمؤثرات والظروف المحيطة بالزمان والمكان التي حدثت للعالم. انا لا اشك قيد أنملة أن هناك عقليات لم يغير فيها الواقع المتغير قيد أنملة فهي محصنة ضد التغيير والتطوير والمراجعة. مادة الكولسترول متكدسة على مفاصل العقل السياسي والاجتماعي والاقتصادي تركب الطائرة وروحها تحلق على ركوب الحمير، تقرأ عن أديسون والكهرباء ونقاشها دائما عن كعب الأحبار ماذا قال؟ على مسيرة ساعة من مدينة فيلادلفيا في أميركا توجد طائفة اسمها "الآميش" الصورة صورة انسان، والتفكير تفكير جحش. اميركا بلغت من التكنولوجيا صورة مذهلة وهم عقولهم في القرون الوسطى. هؤلاء يركبون الحمير والبغال ويرفضون استخدام الكهرباء والتلفون أو الموبايل. أنهم يرفضون التطور. يعانون مرضا سيكولوجيا وعقدة الغوبيا من التطوير والتحديث. لكن السؤال: هل نحن العرب نختلف عنهم كثيرا على رغم صرعات الموضة والملابس الأنيقة والعطور الباريسية والاثاث الفرنسي الانيق؟ وانظر إلى التفكير الإداري وإلى البيروقراطية والشللية؟ اصبحنا مبعثرين كحب الرمان تماما كبعثرة معلمي وزارة التربية في بداية هذا العام من يسكن عراد يدرس في الرفاع ومن يسكن في سترة يدرس في الدراز. بيروقراطيتنا أكلت صحتنا فانت بحاجة سنويا إلى 500 صورة شخصية توزعها على وزاراتنا المغرمة بالصور وتصوير المستندات في عالم تقوم حكوماته على النظام الالكتروني واذا ذهبت إلى وزارة تصبح كالكرة طالع من الطابق السابع نازل في الأول داخل في الثالث خارج إلى الرابع وبعد ذلك يقولون لك: تعال وقت ثاني! بعض الدول المتطورة بدأوا يفرضون استخدام اللابتوب بدلا من الكتب في الدراسات الابتدائية فضلا عن الجامعة ونحن هنا نشفق على ابنائنا الصغار. قبل أيام حملت حقيبة طفل من اطفالي وهي مليئة بالكتب فأشفقت على الاطفال كيف بوسعهم حملها وهي بهذا الثقل؟ فتذكرت نظام "اللابتوب". اقرأوا العربي في عصبيته وفي سكونه في التاريخ فهو مستعد لان يحرق كل بلاده العربية لكي يرضي غريزته التاريخية أو من اجل انتفاخه الايدلوجي أو الحزبي أو الضوئي. ألم أقل لكم اننا استدبرنا المستقبل واستقبلنا الماضي؟ يقول الصادق النيهوم "ولعل التاريخ يخبئ للعرب أكثر من مفاجأة غير سارة ان تجاهل التاريخ خطيئة عقابها ان يتجاهلك الواقع". نتعاطى مع الغرب بثقافة الفتوحات واننا دار سلام وهم دار حرب اذا كيف يستقيم التعايش. نتكلم عن حوار الاديان وبعضنا يرى في كل كتابية أو غربية جارية يأتي يوم تصبح اسيرة وأمة لبلاد الاسلام! كما يقول الفلاسفة: "هي جارية بحكم القوة وليس الفعل". عقدة الآبائية يجب ان نخفف من جرعاتها قليلا حتى نعيش العالم بواقعية. والسؤال كم من مثقف يسكن في عقله حذاء؟ فما اشفعت له النظارة الجميلة والعطر الأخاذ
إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"العدد 1119 - الأربعاء 28 سبتمبر 2005م الموافق 24 شعبان 1426هـ