العدد 1119 - الأربعاء 28 سبتمبر 2005م الموافق 24 شعبان 1426هـ

جماعة "الموالاة"ومطبخ"التطبيع"

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

طبعا لم يسمع أحد من القراء أو يتذوق يوما صالونة بالقبقاب المشوي والحمد لله، ولكن ما دمنا سنتحدث عن هذه الطبخة العجيبة، لابد أن نروي قصة ما حدث قبل أربعة وعشرين عاما، في إحدى ضواحي العاصمة المنامة الجنوبية، بطلتها امرأة عجوز، تكاد تكون كفيفة لضعف بصرها. كانت تجهز وجبة الغذاء وقت الضحى، ولأن الغاز لم يغز المنازل بعد، فقد كانت تستخدم موقد الغازولين "الجولة". وفي أثناء وضع قطع اللحم من الصينية الموضوعة على الأرض إلى القدر، التقطت صندلا خشبيا ودسته معها دون أن تدري. بعد عودة الحجي المتقاعد من المسجد ظهرا، استلقى بانتظار الغذاء كعادته، ولكن طال به الانتظار ذلك اليوم حتى نفد صبره، وكانت العجوز تتحسس اللحمة بالملاس بين فترة وأخرى، فتصطدم كل مرة بالقبقاب! عندما بلغت الساعة الثانية واستبد بالرجل الجوع، اتجه إلى المطبخ ليستطلع خبر الصالونة بنفسه، فأزاح الطبقة العليا فإذا بالقبقاب يسبح كالسمكة، وقد تحلل جزؤه العلوي حتى بدا كخيوط المعكرونة الايطالية، فصاح على زوجته: "حسبي الله على ابليسك، خفقتينا من الغدا اليوم، لا بارك الله في سوالفك"! طبعا لم يذق الحجي طعم الصالونة بالقبقاب، ولكني ذقت طعمها مرة في حلم قديم، كان تفسيره البقاء في سجن "أمن الدولة" لمدة عام كامل إضافي، تفضلا وتكرما من الحكومة على المعتقلين السياسيين! الطعم نفسه أحسست به وأنا أقرأ مقالا أمس الأول، لأحد كتاب "الموالاة"، احتوى على دفوعات "غير ناضجة"، لصالح فتح أسواقنا للبضائع الاسرائيلية، أشبه بالعذر "الأقبح من الذنب". وكان المقال أقرب إلى صالونة "العومة"، فجاء محاولة فاشلة بامتياز في الدفاع عن سياسة التطبيع مع الكيان الصهيوني. المقال لم يوفر أحدا من المعارضين لسياسة التطبيع، نوابا وكتابا وجمعيات، من مختلف التيارات السياسية. ولأنه صالونة "عومة"، فقد اختلط فيه العظم بالذيل والخياشيم! من ذلك أنه يتحدث عن "أحزاب" سياسية في بلد مازال يعتبر الأحزاب رجسا من عمل الشيطان الرجيم! صاحب المقال أقلقه وأقض مضجعه "سهولة الاستدراج الخارجي للأحزاب المحلية وتحريكها نوابا وكتابا وجمعيات، سواء كان استدراج غفلة وحماس "وهذا هو الغالب" أو استدراجا مخططا له" فذلك لا يهم عنده! المهم أن الشعب البحريني شعب من المغفلين! ويذهب في تحليله العميق إلى أن "الحملة كشفت قدر الاختراق وسهولة تشغيل ماكينة الإعلام والأحزاب "جمعيات يا جماعة افهموا" لصالح أجندات تقتحم علينا خصوصياتنا وتبدل أولوياتنا"! فمن أنتم؟ اكشفوا عن وجوهكم أولا لنعرف مع من نتحدث. ومن خولكم للحديث عن أولويات وخصوصيات؟

أبطال المؤامرة !

بالأمس نشر خبر عن رفض 19 جمعية بحرينية للتطبيع مع الكيان الصهيوني، ونشر إعلان نصف صفحة، ضم تواقيع 10 جمعيات اسلامية، مع 19 صندوقا خيريا. الجمعيات السياسية كلها رفضت التطبيع، عشرات الكتاب، وأئمة المساجد وخطباء الجمعة، كلهم رفضوه، فالمسألة موضع إجماع وطني لا نظير له، فعلى من تبيعون بضاعتكم يا جماعة التطبيع؟ ومن الذي خولكم للحديث باسم الرأي العام حتى تستخدموا صيغة الجمع؟ وليجرب أحدكم أن يصدق نكتة "الاستدراج الخارجي" لعله يكتشف خيوط المؤامرة، حيث "تمكنت أطراف إسلامية وعربية وأجنبية من فرض أجندتها على الماكينة الاعلامية الوطنية"! فمن الجائز أن يكون الطيب اردوغان "المشغول بتطبيع علاقات باكستان مع "إسرائيل"" هو الذي غرر بجمعية مقاومة التطبيع مع العدو الصهيوني، وربما يكون الجنرال برويز مشرف هو الذي حرض جمعية مناصرة فلسطين، لدفعها لمعارضة التطبيع في البحرين! عربيا، الزعيم الليبي ينتظر رفع اسمه عن قائمة الارهاب الاميركية خلال شهر، والرئيس المصري يبدأ عهدا جديدا لإصلاح بلاده، والرئيس السوداني عمر البشير مشغول بحكومته الجديدة، وهكذا بقية الزعماء العرب، كلهم فوق التهمة والإرتياب... فلا يظل أمامنا غير الرئيس إميل لحود، فربما تكشف لنا الأيام تورطه في تنظيم خلايا لمقاومة التطبيع في البحرين! أما الأيدي الأجنبية المتورطة في هذه المؤامرة، فلا يرد على البال غير ثلاثة أشخاص مشبوهين: الملك الاسباني خوان كارلوس، أو ملكة الدنمارك مارجريتا الثانية، أو الفنزويلي هوغو تشافيز، ولأننا لا نملك أدلة وافية فسيبقى كلامنا في خانة الظنون والاحتمالات! "مؤامرة"، و"اختراق"، و"جهات أجنبية"، و"أجندات خارجية"، أرأيتم إلى أين ينتهي الفكر الأمني الموبوء؟ والسبب؟ مجرد تعبير الشعب البحريني بطوائفه وشرائحه وتياراته المختلفة عن موقفه من قضية التطبيع مع "اسرائيل". هذا التعبير التلقائي الصادق، لا يمكن أن يفهمه أجناد ومجندات "حزب الموالاة"، الذين لا يستوعبون أن يكون هناك من يتخذ موقفا مبدئيا مستقلا في الدفاع عن قضية شعب عربي مسلم ومظلوم، ولذلك يبحثون عن خيوط "المؤامرة" في الخارج! ولا يتصورون أن هناك من يكتب بوحي من ضميره الوطني والانساني، ولا يتلقى الأوامر عن طريق الهاتف، أو تصله المقالات الجاهزة عن طريق الفاكس لتنشر باسمه دون أن يكون مخولا حتى بتصحيح الأخطاء الطباعية. آخر الأوامر وصلت لجماعة "التطبيل" بالدفاع عن "التطبيع"، وبدأت الكتيبة هجومها المضاد: لكن هذا المطبخ الفاشل لا ينتج إلا الهراء و"صالونة القباقيب"!

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 1119 - الأربعاء 28 سبتمبر 2005م الموافق 24 شعبان 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً