العدد 1118 - الثلثاء 27 سبتمبر 2005م الموافق 23 شعبان 1426هـ

الخارجية البحرينية والحصاد المر!

محمد العثمان Mohd.Alothman [at] alwasatnews.com

خطوة الخارجية البحرينية في إنهاء المقاطعة هي الهدية المدفوع ثمنها من كرامتنا كشعب عربي أصيل. وهذه الخطوة تتويج لرحلة عمل مضنية؛ بدأتها البحرين منذ ما يقارب عقدا من الزمان، من خلال استضافتها وزيرا في حكومة الكيان الصهيوني، في ندوة أقامتها إحدى وزارات الدولة، وحضرها وزير مهم في الحكومة. منذ تلك الحادثة، قطعت على نفسي عهدا بألا أصافح هذا الوزير البحريني، ولكن جرت الظروف في مقبرة المنامة، وكنت من المشيعين لإحدى المتوفيات، وإذا بي أجد نفسي أمام سعادة الوزير ومددت يدي ناحيته، ولكني استفدت من الرئيس القذافي في عدم المصافحة والملامسة المباشرة، وعلى رغم أنني لم يكن بحوزتي قفاز حريري كالذي يرتديه القذافي، فهممت بإسبال طرف ثوبي على يدي اليمنى ومددتها محاولا اجتناب ملامسة يده مباشرة، فكان لي ذلك. المغزى ليس في المصافحة أو الملامسة بحد ذاتها، بل هي في الموقف الذي كان لزاما على الحكومة البحرينية أن تتخذه، فنحن لا تربطنا بالكيان الصهيوني حدود أو مياه إقليمية أو اتفاق سلام الشجعان أو "الخرفان"... السلطة الرسمية أقدمت على تلك الخطوة بملء إرادتها ولم تكن هناك ضغوط عليها لكي تقوم بهذا العمل المخالف لكل المبادئ والأعراف والنخوة العربية والغيرة الإسلامية. إلغاء المقاطعة يعد جرحا لمشاعرنا كبحرينيين، ولم تتم استشارة الشعب البحريني في ذلك الأمر، فالسلطة التي تستفتي شعبها في تغيير الإجازة الاسبوعية؛ ألم يكن من الأجدر بها استفتاؤه في اتخاذ مثل هذه الخطوة المصيرية؟! ذلك بدلا من الاصطدام بعقائد الشعب ومسلماته بهذه الطريقة السمجة، والتملق الأبلق للإدارة الأميركية! لو كانت الحكومة تقيم للمجلس النيابي وزنا في المعادلة السياسية لشاورته في الأمر أولا! ولكن لا تخرج السلطة الرسمية في البلد، عن سرب التغريد في الوطن العربي الكبير، والذي تصب قرارات دوله دائما في عكس اتجاه إرادة الشعوب. إذ إن الحكومات العربية الاستبدادية تعلم يقينا أن الشعب العربي كله لن يوافق على مثل هذه الخطوات التطبيعية القاسية، وتدرك الحكومات أيضا، أنه لا منجى لها إلا أميركا وليس الالتفاف حول شعبها في القضايا المصيرية. خطوة الإلغاء هذه، تتبعها خطوات وخطوات... وكل ذلك في اتساق تام ومتكامل، ومرتبط بمشروع الشرق الأوسط الكبير أو الجديد، والأخير كتاب نظري لاختراق الدول العربية وضعه "شمعون بيريز"، واليوم يتم تطبيقه على أرض الواقع أسبق مما توقعه بيريز نفسه! طالما كتبنا عن مغبة الابتلاء بهذه الخزعبلات الأميركية المتصهينة قبل وضع الحلول التوفيقية التي يرتضيها الفلسطينيون والعرب قاطبة. أما ركض العميان هكذا وبلا سراويل فلا يسترجع الحقوق ولا يقر عودة المبعدين الفلسطينيين، ولا عودة القدس؛ بل هو الأقرب لضياعها كما ضاعت عربستان ولواء الاسكندرونة، وجزر أبوموسى وطنب الكبرى والصغرى، وأجزاء من العراق... إلخ من قصص الضياع والاستهتار بحقوق الأمة!

عطني إذنك...

الخارجية البحرينية، بعد فشلها الذريع في الإفراج عن المعتقلين في غوانتنامو، وبعد رحلة العمر المديدة في الدبلوماسية، إذ يعتبر وزيرها أقدم وزير خارجية في العالم، كان ختامها إشهار الزواج غير الشرعي البحريني/ الصهيوني، بعد كل هذا الخزي لا نملك إلا أن نقول: ختامها وحصادها مر! نرجو التحقق من الخبر الآتي: نقلت صحيفة "هآرتس" الصهيونية عن وزير المالية البحريني الشيخ أحمد بن محمد آل خليفة جزءا من رسالة كان بعثها إلى المرشح لتسلم منصب رئيس الممثلية التجارية الأميركية في البحرين، نصها: "إن البحرين تقر بالحاجة إلى إلغاء المقاطعة الاقتصادية لإسرائيل وبدأت جهودها لتحقيق هذا الهدف"... الاخوة أعضاء المجلس النيابي: ألا يحتاج هذا العمل إلى "موقف" واضح وصريح من قبلكم؟!

إقرأ أيضا لـ "محمد العثمان"

العدد 1118 - الثلثاء 27 سبتمبر 2005م الموافق 23 شعبان 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً