أحسن مجلس التنمية الاقتصادية عندما أعلن مطلع هذا الأسبوع انه سيطرح قريبا استراتيجية اقتصادية شاملة تقدم تسهيلات استثمارية تحت شعار "المواطن أولا"، لأن هذا هو الشعار الأكثر إنسانية، وهو يوضح ان الإنسان البحريني "المواطن" هو الهدف لبرامج التنمية، وانه الوسيلة أيضا لتحقيق التنمية المستدامة المنشودة. مجلس التنمية يعمل حاليا على استكمال الرؤية الاستراتيجية "تمهيدا لعرض تفاصيلها على الرأي العام ومشاركة مختلف القطاعات الاقتصادية والاجتماعية في تبنيها بعد التفاعل معها بآرائهم وتعليقاتهم"، كما جاء في البيان الرسمي للمجلس الذي بدأ ينشط بصورة ملحوظة في الأسابيع القليلة الماضية. البحرين تسعى حاليا للانطلاق مرة أخرى بعد فترة غير قصيرة من البطء الشديد في تنفيذ خطط بعيدة المدى مماثلة لما تم اتخاذه في الستينات ومطلع السبعينات من القرن الماضي. فالبحرين، ومنذ العام ،1985 جمدت تقريبا على ما حققته خلال سنوات مضت، وظلت تستفيد من تفوقها الذي حققته في السابق. غير ان الدنيا تغيرت كثيرا، وأصبحت بعض المناطق المجاورة أكثر تفوقا من عدة نواحي، ولاسيما فيما يتعلق بالبنية التحتية وتسهيل الإجراءات والقدرة على جذب الاستثمارات المحلية والإقليمية والاجنبية. غير ان المستقبل نصنعه من تجاربنا التي مازالت بين أيدينا، ونستطيع الانطلاق مرة أخرى بالاستفادة من نجاحات الآخرين، ومن اخفاقاتهم أيضا. فدبي تشهد نموا متواصلا، ولكنها أيضا تشبعت في عدد من المجالات، والبحرين يمكنها ان تدخل في مجالات تعتمد على ما يميزها من توافر الموارد البشرية المحلية، ومن الانفتاح السياسي، ومن قربها من السعودية التي تمثل مجالا رحبا لاجتذاب رؤوس الأموال. فالسعوديون يفضلون البحرين لأسباب عدة، وارتفاع سعر النفط خلق طفرة أيضا في التدفق المالي الذي يبحث عن فرص استثمارية مناسبة. الأساسيات التي تعتمد عليها التنمية المستدامة تشمل توفير البنية التحتية من مواصلات واتصالات وطاقة ومياه وخدمات ضرورية تتناسب مع متطلبات التطور الاقتصادي الذي نطمح اليه. كما تشمل الأساسيات ضرورة تسهيل الإجراءات، وتصغير الحكومة، وإزالة المعوقات البيروقراطية، وتعزيز مبادئ الشفافية والمساواة في المعاملة. ولاشك ان من الأساسيات أيضا تنفيذ حكم القانون العادل على الجميع بصورة سريعة ومقبولة للمنطق السائد دوليا. فحاليا هناك خلل واضح في هذا المجال، والمستثمر يود ان يستثمر في بلد يفسح المجال بصورة متساوية ومن خلال القانون الذي يشمل الجميع. وهذا يعني ان الحكومة أو الدوائر النافذة في الدولة لا تتدخل من أجل منع تطبيق القانون على هذه الجهة أو تلك، كما ان هذه الدوائر لا تتدخل في شئون القطاع الخاص لتغليب هذا على ذاك. لقد استبشرنا خيرا بتصريح الرئيس التنفيذي لمجلس التنمية الشيخ محمد بن عيسى آل خليفة الذي قال ان الاستراتيجية الجديدة ستولي اهتماما "لتقديم مزيد من التسهيلات للمستثمرين من خلال تنظيم إجراءات تسجيل مشروعاتهم الجديدة وتيسير إنهاء معاملاتهم، سعيا وراء توفير آليات واضحة في هذا الشأن تعزز ثقة المستثمرين في البيئة الاستثمارية البحرينية، وتحقق مبدأ الشفافية، وتؤدي إلى نمو المشروعات الاستثمارية في البلاد". ان جميع المخلصين سيقفون بلاشك خلف هذه الاهداف وسيسعون الى انجح استراتيجية توصلهم إليها.
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 1117 - الإثنين 26 سبتمبر 2005م الموافق 22 شعبان 1426هـ