تخطئ أميركا إذا ظنت أن شيعة العراق هم حصان طروادة المنطقة في خططهم لتقسيم الشرق الأوسط. نعم، قد يكون الشيعة في العراق هم أكثر من تعرضوا للقتل والاضطهاد والقهر والتهميش خلال أكثر من خمس وثلاثين سنة، لكن تاريخهم يؤكد أنهم كانوا من أكثر العراقيين دفاعا عن بلدهم وإخلاصا على وحدة شعبه. لقد تعودت أميركا منذ الحرب العالمية الثانية أن تبحث عمن يقاتل بالنيابة عنها في كل الحروب التي خاضتها، مثلما هي تعودت أن تقسم كل البلاد التي حاربت فيها من كوريا التي انقسمت إلى كوريتين وفيتنام التي صارت فيتناميتين وقبليهما ألمانيا وبعد كل ذلك العراق، الذي تحاول أن تجعل من شيعته رأس حربة لتقسيم العراق والمنطقة وفق خارطة الشرق الأوسط الكبير. إن قراءة سريعة لتاريخ الشيعة في العراق تثبت أنهم لم يكونوا أداة بيد المحتل. الشيعة وطنيون حريصون على وحدة العراق وشعبه، فالعثمانيون لم يعاملوا الشيعة أفضل كثيرا من غيرهم، لكن أهل الجنوب والفرات الأوسط "ذات الغالبية الشيعية" كانوا أول المنضوين تحت لواء العثمانيين لمحاربة المحتل البريطاني خلال الحرب العالمية الأولى، وعندما انهزم العثمانيون بقي شيعة العراق عند موقفهم في محاربة البريطانيين على رغم قلة السلاح والتنظيم، كما لم يتأخروا عندما أعلن رئيس وزراء العراق عام 1941 "السني، حسب المسميات الحالية" رشيد عالي الكيلاني الحرب على البريطانيين، ودعا العراقيين إلى طردهم، فخرج كل الشيعة لتلبية الدعوة وبدأوا حربا بلا قيادة حقيقية أجبرت البريطانيين على الانكفاء في قاعدة الحبانية قرب الفلوجة لضرب الثائرين الشيعة وقيادتهم "السنية". قد يحاول البعض التشويش على موقف شيعة العراق ويحاولون استغلال الفضائيات للترويج عن آرائهم التي تنم عن موالاة مشبوهة للأميركان إلا أنهم بالتأكيد لن يمثلوا الأغلبية التي ما زالت بانتظار راية ثورة العشرين.
إقرأ أيضا لـ "علي الشريفي"العدد 1116 - الأحد 25 سبتمبر 2005م الموافق 21 شعبان 1426هـ