هل يمكننا القول اننا نملك الكوادر الفنية المسئولة القادرة على التعامل مع المعطيات والمستجدات بروح ابداعيه ومبادرة؟ وهل أنماط التعليم والتربية والممارسة الاقتصادية تشجع على وجود مثل هذه الكوادر؟ وما هو دور القطاع الخاص في هذا المجال وفي تكريس دوره في التنمية الاقتصادية بما يعزز نمو اتجاهات الابداع والابتكار؟ ان احد اسباب ضعف المبادرات الابداعية هو النقص الفاضح في الشفافية والافصاح عن المتغيرات والمعلومات التي تهم التطور الاقتصادي والاجتماعي بما يفسح المجال امام تعاطي الاكاديميين والخبراء والمهتمين بها من مواقعهم المسئولة. كما أن المجتمع بحاجة الى تقوية وتعزيز أجهزة البحث الاكاديمي والعلمي والمعملي التي تهتم بدراسة كل شئون المجتمع وتضع الدراسات والبحوث التي تتخذ كأساس للاسترشاد بها في توجيه دفة المجتمع وعجلة نموه. ان التطورات العالمية والاقليمية المتسارعة تحتم ان تسعى البحرين الى ضرورة الاستجابة لما تفرزه من معطيات ومتغيرات مستارعة. وهذا لن يتأتى الا بوجود ادارة اقتصادية فاعلة وديناميكية تستقرئ تلك التطورات اولا بأول وتشخص انعكاساتها على اوضاعها الاقتصادية، وتبادر الى وضع التصورات والافكار للتعامل معها، وتدرك أن أيا من الاجهزة قادرة على التعامل معها، بل وتبادر الى وضع إجراءات تخطيطية تسعى إلى استباق آثار تلك التطورات وتتحاشى سلبياتها، مع الاستفادة من ايجابياتها. اننا بحاجة فعلا الى احداث طفرة كبيرة في مفهومها وممارستنا لإدارة شئوننا الاقتصادية. وقضية أخرى ترتبط بهذه الموضوع، وهي التحديث الإداري. ففي مواجهة الدعوات التي يطلقها فريق من الاقتصاديين للتسريع في تنفيذ برامج التخصيص وقليص أو إنهاء دول الدولة، يطلق فريق آخر دعوات التحديث والتطوير الاداري، وذلك من اجل تحسين اداء القطاع العام وزيادة كفاءته ليثبت جدارته وسط المتغيرات الاقتصادية الاقليمية والعالمية. لذلك فقد بات الحديث عن التحديث الاداري متزامنا مع الحديث عن التخصيص. ولاشك ان الحديث عن التحديث الاداري هو حديث مهم وقائم بذاته ولاسيما أننا على ابواب قرن جديد. كما أن موضوع التحديث الاداري هو موضوع عام يمثل مظلة لشيء مهم وهو رفع اداء الاجهزة الحكومية، إذ إن رفع ادائها هو الهدف النهائي وهو أحد المطالب المهمة. ولكن مجرد طرح هذا الموضوع من هذا الجانب لا يكفي، إذ يتوجب أن يتلازم مع ذلك الحديث عن أهمية توافر المتطلبات الرئيسية لرفع اداء هذه الاجهزة والتحديد الواضح لدور كل ادارة وقسم وموظف في تحقيق هذه الاهداف. هذه النقطة هي اول متطلبات رفع اداء الاجهزة الادارية. كما أن وجود مجتمع مدني فاعل بعيد عن مظلة الرسمية يساهم في تكوين رأي عام له القدرة على رفع درجة اهتمام المجتمع بموضوع الاصلاح على كل الاصعدة. كما أن اطلاق حرية الصحافة والاعلام، ما يتيح للقنوات الاعلامية نقل كل الآراء من دون رقابة من اصحاب القناة وخارجها سيكون من شأنه تشكيل جهة رقابية مستقلة للأجهزة الحكومية.
إقرأ أيضا لـ "علياء علي"العدد 1116 - الأحد 25 سبتمبر 2005م الموافق 21 شعبان 1426هـ