إن الإعلام الذي حظي به مشروع شرطة المجتمع في بداياته ومع أولى الدفعات التي تخرجت، وفرصة الصلح بين المدنيين (الشعب) والعسكريين المتمثلين في منتسبي وزارة الداخلية (الشرطة) تحديدا كان إعلاما خاض الكثير من النقاشات والاعتراضات المشوبة بالتخوف بين أفراد المجتمع دخل بعض منتسبي شرطة المجتمع أنفسهم وبين أصحاب المشروع وهم وزارة الداخلية، بألا يكونوا طرفا في أية صراعات مستقبلية شبيهة لما حدث في التسعينيات مثلا.
المتابع لأوضاع شرطة المجتمع الآن وبعد مرور هذه المدة الزمنية التي تخرّج منها الكثير من الدفعات التي استطاعوا من خلالها أن يتوزعوا وبشكل مناسب في مراكز الشرطة، وفي ضوء زياراتنا لتلك المراكز لا نرى لهم تأثيرا يُحسب لهم بل لم نرَ دورهم الذي سمعنا عنه في الحد من المشاكل الاجتماعية أو حل النزاعات مثلا، بل إني أراهم يتمخطرون في الأسواق مثنى مثنى وأراهم يمارسون دور رجل المرور المتورط بخجل على بوابات المدارس ووسط زحمة السائقين والسائقات وسط مدارس تقع في الأزقة الضيّقة حاملين كاميراتهم ودفاتر المخالفات المرورية، وآخرون تراهم ذائبين في غرف مراكز الشرطة يمارسون الأدوار نفسها التي يمارسها الشرطة العاديون من مهام كتابية وحراسية وأخرى استقبالية لا فرق بينهم غير تصميم بزتهم العسكرية. الخوف أن يضيع هذا المشروع الذي تحمّسنا له متأثرين بالحملة الإعلامية، والذي كنا نتمنى وجود أناس تخفف من حجم القضايا التافهة التي تُنقل إلى النيابة العامة والمحاكم وتضيّع وقت القاضي والجاني والمجني عليه، في واحد كفخَ بنت عمه وآخر سرق غرشة شامبو من بيت جيرانهم، غير ذاك إللي يتهم أخرى في تجاوز حدودها والاعتراض على لون سيارته!
أو تراهم استصعبوا الأمر ورضوا بالأمر الواقع وهو الأسهل في أن يكونوا شرطة تقليديين يمارسون المهمات العسكرية بحذافيرها وروتينها من غير إعطائهم أية فرصة إبداع مُرتقبة منهم في هذا الشأن... وكفى!
إقرأ أيضا لـ "حمد الغائب"العدد 2423 - الجمعة 24 أبريل 2009م الموافق 28 ربيع الثاني 1430هـ