العدد 1115 - السبت 24 سبتمبر 2005م الموافق 20 شعبان 1426هـ

بوابة غزة

وليد نويهض walid.noueihed [at] alwasatnews.com

كاتب ومفكر عربي لبناني

عادت "إسرائيل" للضغط على السلطة الفلسطينية من بوابة غزة. فالانسحاب الأحادي الجانب الذي قررته حكومة أرييل شارون لتحقيق مكاسب دولية من دون تقديم تنازلات جدية. والمكاسب التي حققها شارون من تلك الخطوات الجزئية أكثر من تلك "الخسائر"... وهي في معظمها مدروسة سياسيا. فالبوابة حتى الآن هي أقرب إلى الحصار من كونها بداية التحرير. الانسحاب المبرمج جاء في توقيت دولي وفي مناسبة احتفال الأمم المتحدة بذكرى الستين لتأسيسها. وشكلت الذكرى مناسبة لشارون للادعاء أمام زعماء العالم أن "إسرائيل" قدمت تنازلات مؤلمة وهي على استعداد لتقديم المزيد بشرط أن تعطى ضمانات دولية وتقدم لها الدول العربية والمسلمة ما هو مطلوب منها لاستكمال ما تبقى من نقاط نصت عليها "خريطة الطريق". شارون إذا سارع إلى تطبيق فكرة الانسحاب من قطاع غزة قبل انعقاد "القمة العالمية" في نيويورك حتى يقبض ثمن موقفه من الولايات المتحدة وبعض الدول العربية والمسلمة مقابل تحميل الطرف الفلسطيني مسئولية العرقلة. وهذا ما حصل قبل قمة نيويورك وبعدها. والمحصلة السياسية حتى الآن ترجح كفة "إسرائيل" في حسابات الربح والخسارة. شارون ربح كثيرا من خطوة الانسحاب الجزئي من القطاع. فهو اكتسب سمعة دولية تصفه بالشجاع و"بطل السلام" وبأنه الرجل الوحيد القادر على إنجاز ما يعجز غيره عن تحقيقه. يضاف إلى هذه السمعة والأوصاف التي لا يستحقها نجح شارون في توظيف خطوته التكتيكية لتحقيق قفزات خطيرة نجحت في اختراق الكثير من الحواجز النفسية والسياسية بدءا من باكستان وانتهاء بالمغرب. كذلك حقق سلسلة نقاط إلى جانبه حين اتهم "حماس" و"الجهاد" بعرقلة مسيرة "السلام" وتعطيل "خريطة الطريق" بسبب رفضهما تسليم أسلحتهما والإقلاع عن سياسة التحرير. وجد شارون الكثير من الحلفاء في نيويورك وواشنطن وحصد التهاني من جهات دولية وعربية ومسلمة مقابل خطوة جزئية يستطيع أن يتخلى عنها أو يتراجع عن غيرها في الوقت الذي يختاره. فالانسحاب من القطاع تم من دون اتفاق أو حتى التفاهم مع السلطة الفلسطينية... وهذا يعني أنه يستطيع أن يعود إلى القطاع ويحتله مجددا بذريعة أن "الجهاد" و"حماس" رفضتا التجاوب مع مبادرته "السلمية". الانسحاب من غزة غير مضمون دوليا ولم يعط شرعية فلسطينية ولم يضمن سيادة السلطة على القطاع حتى تمنع لاحقا أية محاولة إسرائيلية لإعادة الاحتلال أو اجتياحه عسكريا حين تجد حكومة شارون فرصة لذلك. فشارون يستطيع إذا أراد أن يخترع الذرائع ويختلق المبررات المناسبة لإرسال قواته إلى القطاع وملاحقة من يتهمهم بعرقلة خطوات "الانسحاب" و"السلام". مقابل عدم وجود ضمانات دولية تمنع شارون من تكرار الاعتداءات وتجديد الاجتياح العسكري نجح أيضا في استصدار تصريحات وبيانات من هيئات أميركية ودولية و"اللجنة الرباعية" تتهم ضمنا "حماس" و"الجهاد" بتعطيل الديمقراطية بسبب إصرارهما على التمسك بسلاح المقاومة. فالمقاومة برأي "اللجنة الرباعية" أصبحت الآن خارجة على القانون، ومجرد وجودها يعني سياسيا أنها تمنع الديمقراطية من النمو والازدهار في قطاع غزة. هذا النوع من الكلام الذي صدر تباعا من جهات دولية وأميركية أعطى الغطاء السياسي لشارون حتى يجدد عدوانه على غزة بذريعة أن سلاح المقاومة يشكل خطرا على أمن "إسرائيل" والديمقراطية في آن. وبالتالي يستطيع شارون أن يستأنف حروبه، وإذا أراد يستطيع أن يجدد احتلاله للقطاع إذا استمرت المقاومة تحمل سلاحها وتعطل ما يسمى بفرص "السلام" ونشر "الديمقراطية". هذا الكلام الأعوج الذي يقلب الحقائق بات الآن يتمتع بشرعية دولية وبغطاء مباشر من "اللجنة الرباعية". ومن هذا الاعوجاج يمكن قراءة المستقبل العربي ومصير الشعب الفلسطيني في ضوء تسارع خطوات "الهرولة" من الدول العربية والمسلمة باتجاه تل أبيب لا القدس. عادت "إسرائيل" للضغط على الفلسطينيين من بوابة غزة... إلا أن هذه البوابة، كما يبدو، أخذت بالاتساع من المحيط إلى الخليج

إقرأ أيضا لـ "وليد نويهض"

العدد 1115 - السبت 24 سبتمبر 2005م الموافق 20 شعبان 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً