كان يا ما كان. .. في إحدى ليالي نيويورك "الصاخبة"، برز مشهد فرض هيبته على الساحة العربية والدولية، رئيس الوزراء اللبناني فؤاد السنيورة يحيط به من جهة الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان، ومن جهة أخرى، وزيرة الخارجية الأميركية "المرأة الفولاذية" كوندليزا رايس، بمباركة فرنسا وإيطاليا... مع عباءة عربية ممثلة بوزيري خارجية كل من مصر والسعودية، وطائلة من الكلام الواعد بشأن دعم لبنان. ولكن من دون معرفة لماذا، وكيف، ووفق أية شروط؟ وفي بيروت، بدا المشهد السياسي مضطربا، إذ بات الوسط اللبناني مشدودا أكثر لحملات التشكيك بمؤتمر دعم لبنان، وخصوصا بعد تصريحات رايس التي ركزت فيها خصوصا على القرار ،1559 ما اعتبر اللبنانيون تنفيذه شرطا لدعم بلادهم اقتصاديا. فالسنيورة - المنتظر عودته من باريس بعد زيارته "الناجحة" إلى نيويورك وواشنطن - أصابته مواقف هجومية من قبل رئيس مجلس النواب نبيه بري، كما طالته شظايا تصريحات النائب وليد جنبلاط وحزب الله. فعلى خلفية مؤتمر دعم لبنان برز تقارب سياسي بين بري وجنبلاط والأمين العام لحزب الله السيدحسن نصرالله، الذي حذر من ربط المساعدات الاقتصادية التي وعد بها لبنان بـ "صدقات مسمومة". فقد شن جنبلاط هجوما على الحكومة، معتبرا أن المطالب الأميركية بتنفيذ القرار 1559 تكشف نية واشنطن تجاه لبنان في المرحلة المقبلة "والتي تتلخص بالاستفراد به من قبل "إسرائيل" وإدخاله في المنظومة الأميركية الإسرائيلية في المنطقة". أما بري، فيعد اللمسات التحضيرية لجلسة "ربما تكون تشريعية أو جلسة أسئلة وأجوبة" ليستقبل بها السنيورة. في حين دعا نصرالله إلى مواجهة تحد جديد اسمه "الوصاية الأميركية على لبنان"، وقال: "من يريد أن يقدم المساعدة للبنان أهلا وسهلا به، ولكن من يريد أن يدس السم في عسل المساعدة ليفتن بين اللبنانيين فلا أهلا ولا سهلا". وحذر نصرالله من ربط المساعدات الاقتصادية بـ "صدقات مسمومة"، معتبرا أن ما قيل في نيويورك يثير القلق، لكنه فضل عدم استعجال الأمور في انتظار عودة السنيورة. من الطبيعي، وبعد كل هذه الانتقادات أن يعود السنيورة ويشرح ما حصل في مؤتمر نيويورك، وأن يزيل مخاوف حزب الله وجنبلاط، هذا إذا كانت مجرد مخاوف ولم تكن حقيقة!
إقرأ أيضا لـ "ايمان عباس"العدد 1114 - الجمعة 23 سبتمبر 2005م الموافق 19 شعبان 1426هـ