لم أتعود أبدا أن أتجاهل الحقائق المخجلة أو المأسوية الموجودة في المجتمع حتى لو كانت قاسية إذا كان في إمكاني ككاتبة أن أتناولها لتوعية أفراد المجتمع بمدى خطورتها حتى يدرك أصحابها المآسي الناتجة عن أنانيتهم. .. وحتى يعلموا أنهم لا يعيشون وحدهم في المجتمع عليهم واجبات ومسئوليات عليهم القيام بها لأفراد أسرهم ومجتمعهم... مثلما لهم من حقوق من أبنائهم أو أزواجهم نساء ورجالا أو مجتمعهم. في الأسبوع الماضي تناولت موضوعا حساسا عن خيانة الأزواج لزوجاتهم ومعاملتهم القاسية لهن التي لا تقوم على المودة والرحمة وهي الأسس التي جعلها الدين الإسلامي للزواج الناجح. ما يحدث في غالبية الزيجات... هي معركة بين الزوج وزوجته، من منهما يسيطر على الآخر... والغالبية ينتصر فيها الزوج إذا كان مقتدرا ماديا ويحرم زوجته من امتلاك أي شيء لتكون تحت سيطرته ذليلة خانعة... تتقبل خياناته ولا تستطيع أن تنفصل عنه لأنها لن تعيش في المستوى المادي الذي يوفره لها... وسيحرمها من أولادها.. فتتعذب بالفقر وحرمانها من أبنائها... وعندما توضح له الزوجة أن تصرفاته المشينة تشعرها بالذل والإهانة... يسخر منها ويسمعها عبارات جارحة تمس أنوثتها أو طعنها بزوال جمالها أو أية جملة تخطر على باله... المهم أن يوجع قلب أم أبنائه التي وصاه الرسول الكريم "ص" أن يعاملها أحسن معاملة ويراعي عاطفتها ويتقرب ويتودد إليها قبل أن ينام معها... كل هذه التعاليم الفاضلة الطيبة طارت من عقول الأزواج، المنحرفين الذي يتزايد عددهم كالفطر في المجتمع بسبب تشجيع الرجال لبعضهم بعضا... وكأن ما يمارسونه لا يغضب الله وليس حراما عليهم كالنساء. ان هذه المعاملة القاسية والإذلال المهين لتلك الزوجات... ويئسهن من تعديل سلوك أزواجهن المنحرف... وعدم قدرتهن على الانفصال والعيش بكرامة... دفعت عددا كبيرا من الزوجات الشقيات اليائسات إلى البحث عن حب آخر روحي ليسمعن كلمات الإعجاب بشخصياتهن التي أشبعها الأزواج المستهترون تجريحا... وأخريات أخذن يبحثن لعدم توافر الوازع الديني لديهن عن عشاق لمدة طويلة أو قصيرة لمهم أنهن ينتقمن من أزواجهن لما يلاقينه من ذل ومهانة يومية... على رغم أن المرأة عندما تخون لا تنتقم من زوجها وإنما تهدر كرامتها هي وتذل نفسها أكثر... لكن أولئك النساء تعميهن الرغبة في الانتقام من وضع يائس لا رجاء فيه ولا فجوة أمل لكي تعود المودة والالفة إلى حياتهن الزوجية... والزوج بدل أن يعود إلى صوابه ويعود إلى إخلاصه لزوجته... نراه يمعن في إهاناته عندما يهددها إذا لم يعجبها ذلك سيتزوج عليها زوجة أخرى أصغر منها... فالأفضل لها أن تخرس وتقبل بالأمر الواقع ويتمادى هو في متعه مع الساقطات... هل هذه حياة؟ وهل حلل الله تعدد الزوجات لينصر به الرجل على المرأة لإذلالها؟ طبعا لا... لكننا مع الأسف لا نطبق تعاليم الدين الإسلامي كما نزلت... وإنما أضافت العقول المتخلفة الكثير إليها لصالح الرجل وإذلال المرأة وشوهت صورة هذا الدين العظيم. لقد وصف الله سبحانه الزواج بالمودة والرحمة وجعلهما كقاعدة له "ومن آياته أن جعل لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة" "الروم/21". فأين هذه السكينة النفسية للمرأة والرجل معا إذا كان أحدهما إما الرجل أو المرأة أحيانا أيضا يدمر حياته الزوجية بتصرفات شائنة تشبع شهواتها... إذ يحدث أحيانا أن تخون بعض النساء أزواجهن الأخيار لمجرد إشباع الشهوات أو للحصول على المادة التي تمكنهن من شراء ما تشتهيه أنفسهن من ملابس ومجوهرات ثمينة؟ فأين المودة والرحمة من هذه التصرفات اللا أخلاقية التي لا تعرف معنى المودة والرحمة بين الزوجين؟ لقد ذكر الله سبحانه المودة لا الحب لأن المودة تعني الحب والتعاطف بين الزوجين... بينما يكون الحب قائما أحيانا على الشك والتسلط والأنانية إذا كان حامله مضطرب الشخصية وغير واثق من نفسه... وأضاف الله سبحانه الرحمة إلى المودة لتكون ظلا يظلل حياة الزوجين والأبناء وينشر في البيت السكينة والراحة النفسية التي تمكن الوالدين من تربية أبنائهما تربية سليمة وصالحة... أما ما يحدث اليوم فهو زواج معارك ومشاحنات إما سببها الزوج وتسلطه وأنانيته مع زوجة طيبة مخلصة... وهناك أسر تعكس الآية لديهم فالزوج هو الطيب الحنون وتكون الزوجة هي الخائنة... هذا ما يحدث في الكثير من الزيجات مع الأسف ولا نستطيع أن ندفن رؤوسنا في الرمال ونظن أننا اختفينا مثل النعام... علينا أن نواجه هذه الحقائق المرة المؤلمة... لعل ذلك يجعل الرجال يفكرون ويبتعدون عن خيانة زوجاتهم... وكلنا نعلم بالأمراض المدمرة التي ينقلها الخائنون في الزواج إلى الطرف الآخر المخلص والوفي... وإذا كان الأزواج فعلا لا يطيقون نساءهم فليطلقوا سراحهن بكرامة ورحمة بأن يجعلوا الزوجة قادرة أيضا أن تبدأ حياة أخرى بكرامة لربما وجدت يوما رجلا يحترمها ويحبها... إن ذلك أرحم للأبناء من أن يعيشوا في جو من الكراهية والمشاحنات والكلام الجارح... فالجو الأسري المريض يسري كالسم في نفوس الأبناء فتتعقد نفوسهم وتشقى قبل أن تعرف الفرح... وقد لا تعرفه كاملا أبدا فاتقوا الله أيها الأزواج في أبنائكم وعودوا إلى كلام الله سبحانه كأساس للحياة الزوجية وهو المودة والرحمة لتسعدوا ويسعد أبناؤكم معكم.
إقرأ أيضا لـ "سلوى المؤيد"العدد 1114 - الجمعة 23 سبتمبر 2005م الموافق 19 شعبان 1426هـ