أيدت الصحف العبرية تصميم "إسرائيل" على رفض مشاركة حركة "حماس" في الانتخابات التشريعية المقبلة، لكن هناك أيضا من انتقد هذا التدخل الذي يؤكد أن الدولة العبرية "لم تغلق وراءها جيدا أبواب غزة". وأبقى المعلقون الأنظار معلقة على مصير رئيس الوزراء الإسرائيلي ارييل شارون بعد قطفه ثمار انسحابه من قطاع غزة على الحلبة الدولية وعلى رغم ترجيح كثير من المراقبين أن يفشل شارون في مواجهة بنيامين نتنياهو على رئاسة الليكود فإن هناك من رأى أن الأول يقطف الثمار الداخلية أيضا فكتب عن "عودة البلدوزر" في إشارة إلى اللقب الذي حمله شارون طوال السنوات الماضية وما حمله من معاني القوة والزعامة المطلقة.
"هآرتس": "البلدوزر"... وخطاب في الأمم المتحدة
"عودة البلدوزر" هو عنوان مقال يوئيل ماركوس في "هآرتس"، إذ أثنى على خطاب شارون الأخير في الأمم المتحدة، معتبرا أنه أعاد شارون إلى موقعه السابق الذي كرسه قائدا لتكتل "ليكود" وزعيما للدولة العبرية من دون منازع. فما تضمنه الخطاب من تعهدات بالعمل على تحقيق السلام مع الفلسطينيين يؤشر إلى أن شارون قد وضع الأجندة الوطنية الإسرائيلية للأعوام القليلة المقبلة. وأشار إلى أن إيفاء رئيس الحكومة الإسرائيلي بتعهداته بخصوص الانسحاب من غزة يعزز ثقة زعماء العالم بكل كلمة في خطابه ويبشر بحصوله على دعم دولي لتحقيق الرؤية التي بلورها. وأكد أن كلمة شارون في الأمم المتحدة أثبتت أنه يتطلع إلى دعم المجتمع الدولي أكثر منه إلى كسب تأييد زعماء المستوطنين أو متمردي "الليكود" الذين يصلون ليل نهار كي تتدهور الأوضاع بين الفلسطينيين والإسرائيليين كي لا تنسحب "إسرائيل" من الضفة الغربية. وهنا لفت ماركوس، إلى ضرورة أن يلعب رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس "أبومازن" دورا في تحقيق رؤية شارون من خلال العمل على فرض القانون والنظام في غزة والكف عن الاختباء وراء ضعفه المزعوم. وعلى عكس وجهات نظر معظم المعلقين الإسرائيليين الذين رأوا في خطاب شارون انفصالا عن "الليكود"، اعتبر أن الخطاب كان تأكيدا على أنه مصمم على البقاء على رأس التكتل وقيادة البلاد بنفسه وخصوصا في السياق الذي قال فيه إن السلام هو مهمته ودعوته الأساسية خلال السنوات المقبلة. وختم ماركوس، مؤكدا أن هذا الأسبوع شهد عودة البلدوزر من جديد في إشارة إلى اللقب الذي طالما حمله شارون بما يعني القوة والزعامة المطلقة.
"جيروزاليم بوست": الرصاص أو الاقتراع
ونشرت "جيروزاليم بوست" افتتاحية تحت عنوان: "الرصاص أو الاقتراع" أيدت تصميم "إسرائيل" على رفض تقديم أي دعم للسلطة الفلسطينية في الانتخابات التشريعية المقبلة بسبب مشاركة حركة "حماس" فيها. وأوضحت أنه من غير المتوقع أن يدلي الفلسطينيون بأصواتهم بحرية بوجود السلاح مع "حماس"، مؤكدة أن مشاركة من اسمتها بـ "المنظمة الإرهابية" لن يساهم بأي شكل من الأشكال في تعزيز التعددية السياسية وفرض النظام والقانون، كما أعلن كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات. بل على العكس، رأت أن مشاركة "حماس" ستعزز التطرف الإسلامي، ما سيشكل تهديدا ليس على "إسرائيل" فحسب بل على الفلسطينيين أيضا. غير أنها استدركت بالقول إن مشاركة "حماس" ستكون مقبولة ومحل ترحيب إذا ما سلمت سلاحها وتخلت عن مشروعها الداعي إلى تدمير "إسرائيل" وطرد اليهود من الشرق الأوسط.
شارون يحشر أنفه في الشئون الفلسطينية
لكن ألوف بن في "هآرتس" لاحظ أن الإسرائيليين لم يقفلوا جيدا أبواب غزة وراءهم فمازال شارون يحشر أنفه في الشئون الفلسطينية من بوابة الانتخابات التشريعية. فانتقد مطالبة الأخير رئيس السلطة بمنع "حماس" من المشاركة في هذا الاستحقاق، معتبرا أن ذلك يقوض جهود "أبومازن" لإشراك المعارضة والمنظمات المسلحة في العملية السياسية لجعلها جزءا مما يعبر عنه عباس بـ "السلطة الواحدة والقانون الواحد والسلاح الواحد". وحذر من أن "إسرائيل" تخطط لإقفال المعابر والطرقات بين الضفة وغزة، ما سيمنع المرشحين والناخبين من التنقل في حال رفض الفلسطينيين الإملاءات الإسرائيلية باستثناء "حماس" من الانتخابات. فانتقد هذا الأسلوب "الملتف"، معتبرا أنه يؤكد استمرار السيادة الإسرائيلية على الفلسطينيين حتى بعد الانسحاب، الأمر الذي يصعب على السلطة الفلسطينية فرض نفوذها، ما يثير الشكوك في نوايا "إسرائيل" حيال تطبيق حل الدولتين.
وحدة تحقيق "قضية عرب 48" غير صادقة
من جهة أخرى، انتقدت "هآرتس" في افتتاحية قرار وحدة التحقيق في الشرطة الإسرائيلية تبرئة رجال الشرطة الذين فتحوا النار على متظاهرين من عرب 48 خلال أحداث أكتوبر/تشرين الأول العام ،2000 وإغلاق القضية متهمة وحدة التحقيق بعدم بذل الجهود الكافية لجمع الأدلة من مسرح الحوادث. وألمحت إلى تقصير عمل هذه الوحدة وهو ما منعها من تحديد المسئولين عن إطلاق النار الذي أدى حينها إلى سقوط 12 من عرب 48 ومواطن فلسطيني. هذا، وشككت أيضا بصدقية وحدة التحقيق لأن أعضاءها زملاء للمتهمين. لذلك رأت أنه كان من الأفضل أن يعهد بالقضية إلى محققين مستقلين
العدد 1114 - الجمعة 23 سبتمبر 2005م الموافق 19 شعبان 1426هـ