في الوقت الذي يعاني فيه العراق من احتدام أعمال العنف والعمليات الإرهابية التي أوشكت أن تدخله في حرب طائفية، كشفت التقارير أخيرا عن عمليات فساد كبيرة في جميع وزارات الدولة المترنحة وخصوصا وزارة الدفاع التي شهدت واحدة من أضخم عمليات السرقة في التاريخ بفقدان أكثر من مليار دولار. ونشرت صحيفة "الاندبندنت" البريطانية نقلا عن وزير المالية العراقي علي علاوي قوله: "اختفت مبالغ ضخمة ولم نحصل في المقابل سوى على قطع من المعدن" في إشارة إلى صفقة أسلحة كان من المقرر تزويد الجيش العراقي بها. وأصبح الفساد في تقديم العطاءات ومنح العقود وإدارة المكاتب العامة من أكثر الاتهامات شيوعا التي يكيلها عراقيون للحكومة والشركات الأجنبية العاملة في البلاد. وتتعلق أسوأ الاتهامات بشأن مخالفات عقود شراء معدات عسكرية أبرمتها وزارة الدفاع في حكومة إياد علاوي السابقة وتشمل أكثر من 230 مليون دولار أنفقت لشراء مروحيات بولندية مستخدمة عمرها 28 عاما. وذكرت بعض المصادر أن المبالغ المفقودة من جميع الوزارات قد تصل إلى ملياري دولار. ولذلك قال محقق في قضايا الفساد إنه من المتوقع أن تصدر السلطات خلال أيام أمرا بالقبض على وزير الدفاع السابق حازم الشعلان المقيم حاليا في الأردن. وطبعا ربما اشترطت عمان تسليمها أحمد الجلبي المتهم بالاختلاس سابقا فيها. وهكذا تحكم أشخاص لا ضمير لهم مثل الشعلان الذي كان يدعي في وسائل الإعلام أنه من أكثر الوزراء وطنية وإخلاصا لبلاده وحمايتها، فلطالما اتهم مرارا إيران ودولا مجاورة أخرى بالتدخل في شئون العراق والزج بالإرهابيين عبر الحدود المشتركة. ولكن إذا ثبتت هذه السرقة على الوزير السابق "الذي وقع عقودا مع وسطاء أسماؤهم غير معروفة ودفع ملايين الدولارات من ماله الخاص مقابل عقود متجاوزا الحد المالي المسموح له بالتعاقد عليه ثم أمر بدفع تلك المبالغ له على الفور. كما طلب أن تظل تفاصيل جميع العقود وتعاملاتها سرية حتى على رئيس الوزراء ورئيس الدولة في ذلك الوقت ونال الموافقة على ذلك" فإنه سيكون من أكثر عناصر التخريب في العراق. فالعقود الخاصة تشمل شراء عربات مدرعة سيئة الصنع تسمح باختراق دروعها برصاصة واحدة من بندقية كلاشنكوف، وبالتالي يكون الشعلان ساهم في العجز المستمر للحكومة العراقية في التصدي للإرهابيين الذين يستهدفون حتى الأبرياء من المدنيين، وتجد نفسها مضطرة لوجود قوات أجنبية بصفة دائمة
إقرأ أيضا لـ "عزوز مقدم"العدد 1112 - الأربعاء 21 سبتمبر 2005م الموافق 17 شعبان 1426هـ