العدد 1112 - الأربعاء 21 سبتمبر 2005م الموافق 17 شعبان 1426هـ

مع اقتراب ساعة الحسم "الوفاق" أمام مفترق طرق

الحل أو التسجيل... هل يسببان أزمة سياسية للجمعية؟

عبدالله الملا abdulla.almulla [at] alwasatnews.com

بعد أن أعلن الشيخ عيسى قاسم صاحب التأثير الأكبر في الساحة الشيعية، موقفه الصريح من تسجيل الوفاق في قانون الجمعيات الجديد، يبدو أن موقف الداعين إلى التسجيل سيزداد قوة وتتجه دفة الحسم نحو الانضواء تحت مظلة القانون. كما وازدادت الساحة سخونة مع الدعوات الأخيرة التي أطلقها الشيخ حسين النجاتي بشأن "عدم وجود شرعية حقيقية في التسجيل"، على اعتبار أن التسجيل لا يعدو كونه تنازلا وضياعا، وسبق ذلك إعلان نائب رئيس جمعية الوفاق الوطني الإسلامية حسن مشيمع استقالته. وعلى رغم هذا وذاك، وعلى رغم هذه التجاذبات، نتساءل هنا؛ لماذا يصر الداعون إلى التسجيل؟ وما هي مبرراتهم؟ ولماذا يصر الرافضون للتسجيل على موقفهم؟ وما هي مبرراتهم؟ على أية حال، إن قانون الجمعيات السياسية لم يلب الآمال، بل هو قانون معوق للعمل السياسي ولا اختلاف على ذلك لدى مجمل أعضاء الجمعية، لكن المشكلة ليست في ماهية القانون، فلا اختلاف ولا دفاع عن القانون، فهو قانون جائر، ولكن المشكلة تتلخص في؛ ما الذي يجب أن تفعله الجمعية في هذا الوقت بعد صدور القانون؟ ما العمل؟ ولعل المراقب لجمعية الوفاق يلاحظ أن هناك خلطا في البدائل المتاحة، فالذين يخلطون بين خيار التسجيل، ومن ثم العمل على تغيير القانون وتحديه في بعض فقراته، وبين المشاركة في الانتخابات النيابية المقبلة لا يعون الحقيقة كما هي، والكل يعلم بأن الداعين للتسجيل سيصوتون فقط على تسجيل الجمعية أو حلها، أما المشاركة في الانتخابات المقبلة فالقرار بيد إدارة الجمعية. ولذلك يحتج دعاة التسجيل على المعترضين بطرح هذا السؤال: كيف يجوز تزييف الحقيقة واعتبار الأمر وكأننا نصوت على قرار المشاركة في الانتخابات المقبلة؟ كما أن هناك خلطا في البدائل المطروحة، فهناك من يدعو إلى التسجيل لأن الخيارات الأخرى لا تلبي الطموحات بل انها تميت عملا سياسيا دام ردحا طويلا من الزمن، وتبنى هؤلاء سياسة "خذ وطالب"، وعلى هذا الأساس لم الابتعاد عن العمل السياسي في الوقت الذي نستطيع فيه أخذ بعض المكتسبات شيئا فشيئا، وكما يقال "عصفور في اليد أفضل من عشرة على الشجرة". وفي الجهة المقابلة، يرى آخرون أن عملية التسجيل هي خطة للدخول في الانتخابات النيابية المقبلة، ولكن الملاحظ يرى أن الأمر لا يتعلق بالانتخابات المقبلة لأنها لم تطرح في أجندة الدعاة للتسجيل، فما دخل ذلك في التسجيل من عدمه، لأن قرار الدخول في المجلس انما يتخذه مجلس إدارة الجمعية ويخضع للتصويت، وهو ما نصت عليه العملية الديمقراطية التي صدق عليها جميع الأعضاء الذين انتموا بمحض إرادتهم إلى جمعية الوفاق الوطني الإسلامية. وبما أن أي عمل سياسي، يجب أن يستند إلى مرجعية، فقد استند الوفاقيون على أن تكون مرجعيتهم الإسلام، وبما أن المرجع الأول حدد موقفه من العملية فإن الغموض زال عن الساحة بشكل كبير يوم الجمعة الأخيرة إذ أعلن فيها قاسم الموقف الحاسم بعد أن حرف البعض ما أورده قبل أسبوعين وفسروا عبارة " لا حل... لا حل" على أنه لا يوجد أي حل للموضوع حتى الآن.

الخيارات المتاحة

الخيارات الواقعية المتاحة للجمعية بعد صدور قانون الجمعيات السياسية تتمثل في أن توفق الجمعية أوضاعها وفقا لأحكام هذا القانون، إن رغبت أن تمارس النشاط السياسي، في فترة ثلاثة أشهر، "الموعد النهائي لذلك هو 2 نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل". أو أن تخضع لقانون الجمعيات الذي ينظم نشاط الجمعيات غير السياسية التي كانت مسجلة وفقه، وستطبق عليها المادة التي تحظر عليها ممارسة العمل السياسي. بمعنى آخر تتحول إلى جمعية خيرية، أو ثقافية، أو اجتماعية. أو أن تعلن حل نفسها، وتصفي ممتلكاتها وأموالها، وينتهي كل شيء بالنسبة إلى الوفاق وتصبح ذكرى من الماضي ولن تتمكن من لملمة شتاتها مرة أخرى، وتخرج من المعادلة السياسية بصورة نهائية. وهناك خيارات أخرى طرحها البعض مثل؛ تنظيم حزب مواز للجمعية، أو الإعلان عن التحول إلى حزب، لكنها ليست خيارات متاحة في الواقع السياسي بل لا تتماشى وطموح الوفاقيين وعملهم ولا تتناسب مع ما قاموا به. وبالنظر إلى الخيارات الثلاثة المتاحة، سنجد أن الخيار الثاني "الخضوع لقانون الجمعيات السابق، والتحول إلى جمعية خيرية أو ثقافية، أو اجتماعية"، والخيار الثالث "حل الجمعية، وتصفية ممتلكاتها وأموالها" غير عمليين، لأنهما لن يتيحا فرصة ممارسة العمل السياسي المسموح به. أما الخيار الثالث المتمثل في التوافق مع القانون، فإنه يعطي فرصة ممارسة العمل السياسي وفقا لما أتاحه القانون على الأقل. ولأن هذا القانون يمنع ممارسة العمل السياسي، كما ينبغي أن يمارس، من خلال بعض مواده المعوقة، مثل؛ تحديد سن عضوية الجمعية في ،21 ومنع استعمال المؤسسات الدينية في أي عمل سياسي، ومنع الاتصال مع الخارج، إلا بعد إخطار الوزير المعني وغير ذلك، تصر الغالبية في الجمعية العمومية على خيار التسجيل والتحدي. ويعني هذا القرار أن نقوم بتسجيل الجمعية وفقا لقانون الجمعيات السياسية في المدى الزمني المحدد. ولعل عملية التسجيل تتطلب إعادة صوغ للنظام الأساسي للجمعية كتنظيم حزبي، ذي هيكلية حزبية. وعليه، فإن موافقة الجمعية العمومية على تسجيل الجمعية تعني الموافقة على إعادة كتابة النظام الأساسي. ويعني التحدي، أن تتعامل الجمعية مع المواد غير الواقعية التي أدرجها القانون من قبيل؛ سن العضوية، وعدم استعمال دور العبادة، ومنع التواصل مع الهيئات الخارجية إلا بإخطار، وكأنها لم تكن.

مبررات خيار التسجيل

يطرح الداعون إلى التسجيل عدة مبررات، وهي أن التسجيل لا يسبب إشكالا شرعيا، ولا إشكالا قانونيا، كما أنه أفضل الخيارات المتاحة، لأن عدم التسجيل يعني إما البقاء على الوضع السابق الذي سيحول الجمعية إلى جمعية غير سياسية، أو حل الجمعية، هذا إلى جانب أنه يعطي فرصة للتفكير في خيارات أخرى، فالتسجيل يعني استمرارية ممارسة العمل السياسي، ويعني إثبات الوجود، أما عدم التسجيل فيعني إلغاء الجمعية كجمعية سياسية. ان قرار التسجيل لن ينقص من العمل السابق شيئا، ولا يؤثر على مسيرة العمل السياسي، فكل ما مورس سابقا يمكن أن يمارس بعد التسجيل، والتسجيل يمنح فرصة إعادة النظر في النظام الأساسي، وإعادة كتابته كنظام حزبي ذي فروع وهيكلية حزبية

إقرأ أيضا لـ "عبدالله الملا"

العدد 1112 - الأربعاء 21 سبتمبر 2005م الموافق 17 شعبان 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً