الخطاب الذي ألقاه الرئيس الإيراني محمود احمدي نجاد أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة كان حماسيا وثوريا أرسى فيه مجمل توجهات إيران التي أخذت تتبلور جليا خلال فترة في العام 1979 وأسست من خلالها منهجا دينيا يقوم على أسس ومبادئ الشريعة ومنطلقا صلبا يقودها في التعامل مع مختلف القضايا الدولية وخصوصا القضية الفلسطينية ومحاربة "إسرائيل". الخطاب انتظر بفارغ الصبر من قبل مختلف الأطراف الدولية وخصوصا "الترويكا" الأوروبية وأميركا اللتين تسعيان إلى احالة ملف إيران النووي إلى مجلس الأمن. لكن وزير الخارجية البريطاني جاك سترو اعتبر الخطاب مخيبا للأمل فيما استمرت فرنسا على موقفها بشأن تحويله إلى المنظمة الدولية. تضمن خطاب احمدي نجاد شواهد قرآنية وأدلة من الأحاديث النبوية دلل بها على سياسة بلاده الخارجية التي تحرم استخدام القنبلة النووية وأكد عليها فلخصها قائلا في كلمته "إن النظام المستديم والمولد للأمن والسلام يتحقق من خلال العدالة والقيم الروحية، وان التمييز هو الارضية الخصبة للأحقاد والحرب والإرهاب وان جذور كل هذه الظواهر هو الابتعاد عن القيم الروحية وانعدام العدالة. عبارات "السلام" و"العدالة" تكررت في كلمة الرئيس الأميركي جورج بوش الذي أطلق هو الآخر خطابا ناريا ألقاه في حال الاتحاد في شهر فبراير/ شباط الماضي وشمل بعض الجمل المشابهة لكلمات الرئيس الإيراني قائلا "وفي الأمد البعيد فان السلام الذي ننشده سيمكن تحقيقه فقط بإزالة الظروف التي تغذي الراديكالية وعقائد القتل... والقوة الوحيدة لوقف تنامي الاستبداد والإرهاب ولاستبدال الكراهية بالأمل هي قوة حرية الإنسان". و"نحن من جانبنا أعلنا نيتنا وهي أن أميركا ستقف إلى جانب حلفاء الحرية دعما لحركات ديمقراطية في الشرق الأوسط و لإنهاء الطغيان". الخطابان كلاهما لرئيس دولة احدهما ذو توجه إسلامي محافظ والآخر مسيحي راديكالي متشدد يعكس تصور جماعة المحافظين الجدد الذين يقبعون خلف جدران البيت الأبيض في رسم وصناعة قرار بوش السياسي، الأول هو عدو لآخر لكنه على خلاف بوش إذ يشكل بالنسبة لغالبية الأمة الإسلامية الملهم الروحي الذي يشفي غليل حال الأمة المتردي بخطابه الصادق، فيما الآخر ذهب من منطلق استعماري بحت يهدف من ورائه التغلغل في كيانات الشعوب المقهورة مستغلا حرياتها المكبوتة... والشعب العراقي ابلغ مثال على ذلك
العدد 1110 - الإثنين 19 سبتمبر 2005م الموافق 15 شعبان 1426هـ