في الفترة الأخيرة التي لا تتجاوز مدتها الأشهر المعدودات أصبح واقع البحرين مليئا بالقضايا الساخنة التي صارت تؤثر وبشكل مباشر على جميع المواطنين ومن مختلف طبقاتهم، إذ أصبحت القضايا الساخنة (وما أكثرها) لا تستطيع أن تأخذ وقتها بين ألسن وآذان الناس وفي المجالس والمقاهي، كما أنها أيضا لما تأخذ وقتها في البحث والتمحيص حتى تأتيك قضية (ساخنة) أخرى لا لأن السابقة انتهت أو حلت... بل لأنها أكثر سخونة لتراها صادحة في الأرجاء وتحتل نصيب الأسد في اهتمام الشارع بها.
وخذ لك أمثلة كثيرة... وهي قضايا ساخنة تبرد وتسخن مرة أخرى ودواليك... ولا من حل لها أو قضية جديدة تظهر على السطح أبدا... فهي مثل الدورة لتأخذ دورها في الاهتمام وتأفل من دون حلول جذرية غير تلك الترقيعية التي مل الناس منها... إذ لا ننسى عمدة القضايا الساخنة وهي البطالة التي هزت شوارع وأروقة ومساجد البحرين من مسيرة هنا واعتصام هناك وتفريق متظاهرين بالقوة هنا وتشويه أجسادهم من فرط الضرب (المبالغ فيه) هناك، كما أنها دوت من خلالها الندوات الجماهيرية على المستويين المحلي والخارجي مثلها مثل التجنيس (المنظم) الذي بات يأكل اليابس والأخضر والذي بدأ أبناؤنا يحصدون مصائبه من الآن، وإذا أردت أن تتأكد فما عليك إلا أن تأخذ لك زيارة لأية مدرسة حكومية لتسأل أحد المدرسين فيها وهو سيعلمك بما تعلمه وما لا تعلمه!!
فالتجنيس والتمييز وغيرهما أخذا لهما دورة قوية لاسيما عند المعارضة ومراكز حقوق الإنسان وتحمس لهما الشارع وأحرجتا الحكومة بسبب التقارير والأفلام والوثائق التي عرضت ونشرت... ولكن ماذا بعد؟!
ولنأت إلى قضية ساخنة قديمة متجددة وهي الإسكان... وما أدراك ما الإسكان... فهي كذلك بدأ ملفها بقوة وما لبث أن خمدت نيرانه من أول وعود حصلوا عليها... وما أكثرها من وعود! فهي كذلك قضية مصيرية حالها كما السابقة... دوت وأصدحت في الداخل والخارج... ولكن من دون جدوى، فالأراضي مازالت توزع هدايا وعطايا... والبحر كذلك مازال يدفن ويوزع هبات على المخلصين... كما أن ارتفاع الأسعار الخيالي المتسبب المباشر فيه هو الحكومة... فالسياسة التي تتبعها في التعامل مع العقارات من طرح العرض والطلب جعل سعر الأرض في البحرين يضاهي سعر الأرض في الجنة وربما أكثر؟!
ولزيادة الأسعار في البحرين قصة غريبة... يستغرب منها القاصي والداني وهي ببساطة سبب رئيسي لسوء الإدارة وكل في مجاله... فأسعار العقارات كما أسلفنا قصة، وارتفاع أسعار مواد البناء ومن جملتها الاصباغ قصة أخرى لا نعرف من أين نبدأ بها... فوسط هذه الدوامة من الالتزامات ومهما كان حجم القرض الذي تأخذه من المصرف سواء أكان كافرا أو مسلما لا يهم فهما عند المقترض سيان، وأرباحه الخيالية إلا أنه يظل لا يغطي كلف البناء... وكأنك ستبني قصر صديف! وليس بيت بوطابق!
ولا تتوقعوا مسلسل زيادة الأسعار سينتهي عند مواد البناء أو موضة الخبز الجديدة، بل إنها ستتعداها بأميال وأميال... علما بأن الكثير من المواد الاستهلاكية وغيرها ارتفع سعرها فعلا، وصرنا نرى رسائل الاعتذارات من أصحاب المحلات آبرز عند واجهات المحلات والتي تحمل في طياتها ديباجة كبيرة من الاعتذارات والمبررات التي تجبرهم على رفع أسعارهم مقابل ارتفاع كلف التصنيع ومقارنتها بارتفاع المعادن وكثر الرسوم والضرائب الحكومية عليها، وهذا كله يتحمله الزبون (المواطن) مقابل خدمة مميزة لا يستطيعون التنازل عنها.
ولكن للأسف... لايزال المواطن البحريني يجني حصادا مرا... بعدما توقع أن الوقت حان ليقطف الثمر الذي كان يحلم به، وهو الثمر الذي سيريحه من تعب وعناء درب طالت مسافاته وكثرت تضحياته وكان هو دائما الخاسر الأول والأخير، ولكن متى عسانا نرى تلك الأيام التي لم نعشها بعد؟!
إضاءة
في مثل هذه الأيام من كل عام... تتعالى هتافات بغيضة ممن لا يتحملون الطرف الآخر... فتراهم يستجمعون كل ما أوتوا من قوة (طائفية تكفيرية) ليوقفوا قطار احتفالات النصف من شعبان وهي مولد الإمام المهدي المنتظر (عج)... ولكنهم يتفاجأون عندما يرون أن هذه الاحتفالات الدينية تزداد وتزدهر وتتطور عاما بعد عام... وكل عام وأنتم بخير.
إقرأ أيضا لـ "حمد الغائب"العدد 1109 - الأحد 18 سبتمبر 2005م الموافق 14 شعبان 1426هـ