العدد 1109 - الأحد 18 سبتمبر 2005م الموافق 14 شعبان 1426هـ

السعودية وإيران والمصير المشترك

محمد عبدالله محمد Mohd.Abdulla [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

وصل رئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام الإسلامي الشيخ علي أكبر هاشمي رفسنجاني أمس الأول "السبت" إلى جدة، يرافقه المدعي العام الشيخ دري نجف آبادي، وممثل الولي الفقيه في المجلس الأعلى للأمن القومي حسن روحاني، ومستشار المرشد للشئون الدولية علي أكبر ولايتي في زيارة وصفت بأنها مهمة رغم أن عنوانها المعلن هو أداء مناسك العمرة وتقديم العزاء في وفاة الملك الراحل فهد بن عبدالعزيز الذي توفي مطلع أغسطس/ آب الماضي. عوامل كثيرة أدت لأن تتبدل مسيرة العلاقات السعودية الإيرانية من حال القطيعة إلى حال التواصل، أهمها التغيير الذي طرأ على خريطة المنطقة عبر احتلال العراق وصعود إيران كقوة مؤثرة في الخليج وقضايا الصراع العربي الإسرائيلي وما آلت إليه من أحداث تتعلق بموقف دول الخليج من ذلك الصراع بعد الإعلان القطري عن قيام محادثات علنية بين الدوحة وتل أبيب إلى قضايا الأوبـك. السعوديون والإيرانيون باتوا ينظرون إلى الأمور بواقعية أكثر، فطهران عضت على جراحها السابقة المتعلقة بقضية الحرم المكي "1987" والموقف السعودي من الحرب العراقية الإيرانية "1980 - 1988"، كما أن الرياض ثمنت لإيران مواقفها من احتلال الكويت ورفضها لسياسة الانزلاق في صراع سياسي وديني بينها وبين السعودية بحجة التنافس الإقليمي، لذا فليس غريبا أن يتجاوز ذلك التقارب المسائل الاقتصادية ليصل إلى اتفاق أمني بين البلدين، رغم خلوه من أية أبعاد عسكرية، وهو ما يعني تطورا نوعيا في مسيرة العلاقات الثنائية، رغم أن ذلك التقارب سبقته تمهيدات اقتصادية نشطة تمثلت في تشكيل أول لجنة تجارية مشتركة في العام ،1998 ثم الاتفاق بين البلدين على رفع أسعار النفط الخام بعد التراجع الرهيب الذي طرأ على الأسعار العالمية حتى وصلت إلى ما دون 6 دولارات للبرميل، إلى أن كلل ذلك التعاون إلى اتفاق 9 مارس/ آذار العام 1999 عن سقف ثابت للإنتاج النفطي وإيقاف كل سياسات الخلط في احتساب التخفيضات المقررة، الأمر الذي أدى لدخول كل من السعودية وإيران كطرفين في مباحثات رباعية ضمت أيضا فنزويلا والمكسيك بشأن إجراء تخفيضات جديدة في الإنتاج. كان الأميركيون إلى ما قبل العام 1996 ينفخون في نار الخطر الإيراني وما تشكله الأطماع الفارسية من تهديد لدول الخليج وبالذات للمملكة العربية السعودية، وكان حادث انفجار الخبر الذي وقع في 26 يونيو/ حزيران 1996 وأودى بحياة 19 أميركيا الإسفين الذي كانت واشنطن تود ضربه لمنع حدوث أي تقارب بين البلدين، فاتهموا لاحقا مسئولين إيرانيين بأنهم كانوا وراء تدبيره، وأرسلوا فريقا من الـ "إف بي آي" أوائل شهر مايو/ أيار 1998 إلى لبنان للتحقيق في تورط إيران بواسطة حزب الله لبنان، وأصدروا لائحة اتهام بحق 13 شخصا من الرعايا السعوديين مرتبطون بالمخابرات الإيرانية، ويشكلون خلية سرية تنعت بـ "حزب الله الحجاز"، حسب ما أشارت إليه لائحة الاتهام الصادرة من المحكمة الفيدرالية في فرجينيا ضد مجموعة من المواطنين في انفجار الخبر، إلا أن الرياض وعلى لسان وزير داخليتها نايف بن عبدالعزيز نفت تورط إيران في ذلك التفجير، وهو ما أغاظ الأميركيين كثيرا، فقد صرح مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي لويس فريه عن خيبة أمله بعدم تعاون السعوديين في إطار التحقيق بشأن اعتداء الظهران، وذلك خلال مأدبة غداء في واشنطن تكريما لوزير الدفاع السعودي الأمير سلطان بن عبدالعزيز. وأضاف فريه بأنه "ومن خلال الأخبار والتصريحات التي صدرت من الجانب السعودي والأميركي يلاحظ بأن النظام السعودي يريد أن يبعد شبهة تورط إيران في الانفجار". لقد كان الموقف السعودي جريئا عندما أعلن صراحة وفي العاصمة الأميركية واشنطن أيضا أنه وما دامت الدلائل والقرائن الجنائية لا تشير إلى تورط إيران في الحادث فما المسوغ إذا في إلصاق التهمة بها؟ إذن الهدف من الموضوع هو تسييس الحدث لتحقيق أهداف أخرى. الأمور آخذة في التحسن بين إيران ودول الخليج عموما، مع ترسخ القناعة الحقيقية لأصحاب الشأن وتجاوز جميع المسببات غير المبررة للدخول في توترات ومناكفات متبادلة، خصوصا وأن هذه المنطقة تعيش على كف عفريت ولا تحتمل استقواءات واستعداءات هنا وهناك ما دام الجميع مستهدفا.

إقرأ أيضا لـ "محمد عبدالله محمد"

العدد 1109 - الأحد 18 سبتمبر 2005م الموافق 14 شعبان 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً