العدد 1109 - الأحد 18 سبتمبر 2005م الموافق 14 شعبان 1426هـ

واشنطن... تنتظر

وليد نويهض walid.noueihed [at] alwasatnews.com

كاتب ومفكر عربي لبناني

في ضوء التطورات الدولية التي شهدتها "القمة العالمية" في نيويورك والتداعيات الداخلية التي أسفر عنها إعصار "كاترينا"، كيف ستتصرف الولايات المتحدة ازاء الأزمات المتوقعة في الشهور المقبلة؟ السؤال عن السياسة الأميركية بات يخضع لمجموع شروط دولية دخلت على خط انفراد إدارة واشنطن في قيادة الأزمات. الظروف الآن اختلفت عن تلك الاجواء التي اعطت المبررات للرئيس جورج بوش في خوض حربه على أفغانستان في العام ،2001 واستئنافها باحتلال العراق في العام .2003 فهل يستطيع الآن ان يواصل بوش حروبه الطائشة ويستأنف قراراته العشوائية من دون مشورة دولية وتفاهمات مع دول كبرى معنية بمصالحها وحدودها ومستقبلها؟ الجواب يميل إلى نفي مثل هذا الاحتمال، نظرا إلى تبدل الاجواء والظروف. إلا أن الوقائع الميدانية تشير إلى تطورات معاكسة في حال وجدت واشنطن ان هناك فرصة لاستغلالها وتعويض ما فاتها من فشل اوقعها في مأزق. فاحتمال اعتماد سياسة الهروب إلى الامام لتغطية الفشل مسألة واردة في حال اكتشفت إدارة بوش ثغرات يمكن النفاذ منها لتمرير بعض خطط عسكرية اضطرت إلى تجميدها بسبب نمو المقاومة العراقية والإرباك الذي احدثته في مواجهة الغزو. الهدوء المؤقت الذي تمر به واشنطن ليس بالضرورة خطوة على إعادة التفكير بتلك السياسات التي ارتكبتها في السنوات الأربع الماضية. إعادة النظر من الاحتمالات إلا أن ذلك لا يسقط توقعات أخرى تقوم على فكرة الانتظار وكسب الوقت وتحضير المناخات الإقليمية المناسبة لتبرير عودة التحرك الهجومي في المنطقة. هناك ثلاثة ملفات تنتظر الولايات المتحدة وضوح أوراقها حتى تقرر الاتجاه الذي ستسير عليه في الشهور الثلاثة المقبلة. الأول يتعلق بالعراق والتصويت على الدستور المقترح. والثاني ملف التحقيق الدولي بشأن اغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري. والملف الثالث يتعلق بموضوع إنتاج الطاقة النووية الإيرانية لأغراض سلمية واحتمال احالته إلى مجلس الأمن. الإدارة الأميركية تنتظر وضوح أوراق الملفات الثلاثة حتى تتخذ الخطوات المناسبة بشأنها. فالتصويت على الدستور المقترح في العراق تعتبره اشارة إلى مدى نجاح سياستها في تشكيل إطار يمكن ان يسهم في هيكلة دولة جديدة تستطيع التعامل معها في سياق مختلف عن تلك الفترة التي أعقبت الاحتلال. وظهور نتائج التحقيق في موضوع اغتيال الحريري يضع النقاط على الحروف ويعطي ذريعة للتدخل في حال وجدت واشنطن في تلك النقاط ثغرات سياسية يمكن النفاذ منها للضغط على سورية إقليميا ونفسيا. والاتفاق مع اللجنة الثلاثية الأوروبية "الترويكا" في نقل الملف النووي الإيراني من دائرة وكالة الطاقة الدولية إلى مجلس الأمن يعطي فرصة اضافية للولايات المتحدة للمناورة وتجديد الضغط على طهران لانتزاع تنازلات منها في الشئون الإقليمية الخليجية والعربية. الهدوء المؤقت إذا، ليس بالضرورة اشارة على وجود بداية تفكير مختلف أو إعادة نظر أو قراءة نقدية للملفات التي تعاملت معها واشنطن بعشوائية ومن دون دراية لتداعياتها السلبية على مصالحها واستراتيجيتها. فالهدوء ليس دائما دليل عمق في التفكير، وإنما أحيانا يكون مجرد راحة زمنية لجمع الأوراق وإعادة خلطها على الطاولة... بانتظار أن تتوافر الفرص التي تبرر العودة إلى ما تسميه "الفوضى البناءة"، أي اللعب مجددا بمصير المنطقة ومصالحها وثرواتها واستقرارها وأمنها ومستقبلها. هذا الاحتمال ليس مرجحا، ولكن استبعاده نهائيا يضع الأطراف المعنية في رهان تنقصه الدقة في ملاحظة الوقائع وتطوراتها. وما حصل في الفترة الأخيرة أربك الولايات المتحدة وقلص من حيويتها إلا أن فرضية الانكفاء "الانسحاب من العراق" والعودة إلى العزلة الأميركية الداخلية ليست واردة الآن... وإلى فترة ليست قصيرة

إقرأ أيضا لـ "وليد نويهض"

العدد 1109 - الأحد 18 سبتمبر 2005م الموافق 14 شعبان 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً