يبدو أن الرئيس الأميركي لا يخجل عندما يتفاخر بتحويل الحرب ضد الإرهاب من أميركا إلى العراق، فهو لا يهتم أن يقوم إرهابي مثل أبومصعب الزرقاوي وجماعته التكفيرية بقتل أكثر من مئة عراقي باحث عن العمل، مادام أي أميركي في واشنطن أو منهاتن أو شيكاغو لم يصب بأذى. ربما يكون بوش بالنسبة للأميركان بطلا عندما يقدم عشرات الآلاف من العراقيين ضحايا لسياساته في الحفاظ على أرواح مواطنيه، باعتبار أن من أهم واجبات قادة الدول في العالم هي الحفاظ على أرواح أبنائهم، مهما كان الثمن، الذي يدفعه الآخرون. لكن من غير المفهوم أن يقوم البعض بدفع أبناء بلده لأن يتقاتلوا ويكونوا دروعا بشرية للسياسات الأميركية. لم يكن بوش يحلم بأن تتحول الحرب ضد الإرهاب والتي أطلق عليها صفة "الصليبية" إلى حرب إسلامية - إسلامية، خصوصا بعد أن تطرف الإرهابيون في القتل والتكفير، رافقه فشل تجنب وقوع العراقيين في دوامة العنف الإرهابي. وهو ما كانت إيران تتحاشاه على مدى سنين في أفغانستان. لقد تميزت الحرب الجارية على الإرهاب عن الحروب الأخرى بكونها حربا مخابراتية أساسها الحصول على المعلومات الكافية للوصول إلى الإرهابيين واعتقالهم أو قتلهم بشكل مباشر، لكن يبدو أن هذه الاستراتيجية قد بدأت تتغير بعد غزو العراق وارتفاع عدد القتلى بين الجنود الأميركان، إذ هنالك إصرار واضح على سحب العراق إلى حرب أهلية - طائفية قد يراها البعض في البيت الأبيض حلا لجذب التكفيريين إلى العراق و"حرق مفخخاتهم بأجساد الشيعة". نعم، نجحت واشنطن في تحويل شيعة العراق إلى دروع بشرية أمام أبو مصعب الزرقاوي وأذنابه، لكنها بالتأكيد ستفشل في تحويل حربها ضد الإرهاب إلى حرب سنية - شيعية مادام في هذا البلد مرجعيات دينية قادرة على إدارة النفوس باتجاه الوحدة والخلاص من التعصب الطائفي
إقرأ أيضا لـ "علي الشريفي"العدد 1107 - الجمعة 16 سبتمبر 2005م الموافق 12 شعبان 1426هـ