أقر قانون الجمعيات السياسية بعد أن أثير بشأنه الكثير من الصخب والضجة، ومازال قانونا التجمعات والإرهاب رازحين في البرلمان، وليس من المستبعد مرورهما، وإقرارهما! هذا في الوقت الذي تنشط فيه لجنة العاطلين ولجنة المطالبة بالإسكان، واللجنة الوطنية لمكافحة الفقر، بالقيام بأنشطة وفعاليات واعتصامات. وعلى الضفة الأخرى، الكثير من النصوص الدستورية والتوصيات التي تنتظر التطبيق، وقد أوصت لجنة مكافحة التمييز في الأمم المتحدة في شهر مارس/ آذار الماضي بوضع قانون يجرم التمييز، وطالبت الحكومة بتقديم تقرير يحتوي على الأرقام وعدم الاكتفاء بعرض النصوص، وتشكيل "مؤسسة وطنية" لمتابعة ذلك. وطالبت لجنة مناهضة التعذيب بالأمم المتحدة، الحكومة بإلغاء قانون 56 "الذي يساوي ما بين الضحية والجلاد"، وتطبيق ما جاء في الاتفاق، و ضرورة تشكيل "مؤسسة وطنية" لمتابعة كل ذلك. على رغم ذلك، فإن النشطاء الحقوقيين لم يولوا مسألة "المؤسسة الوطنية" اهتماما، ولم يلحوا على البرلمان لكي يصدر قانونا لتشكيل هذه المؤسسة. كثيرة هي المعضلات الحقوقية والمسائل العالقة، والتي تحتاج إلى تحرك حقيقي، و"لمؤسسة وطنية" مؤلفة من نشطاء حقوقيين، لا يشك في نزاهتهم، ممثلين عن الحكومة وعن الجمعيات الحقوقية، لتعمل بشكل جدي على كل تلك الملفات! الجمعيات الحقوقية "مركز البحرين لحقوق الإنسان المنحل، الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان، جمعية الحريات العامة ودعم الديمقراطية، جمعية مراقبة حقوق الإنسان، جمعية شباب البحرين لحقوق الإنسان "تحت التأسيس""، كل هذه الجمعيات لا تمثل عمليا أو فعليا ثقلا كبيرا، إذ إن المركز غير معترف به رسميا، وجمعية حقوق الإنسان تقوم بعقد المؤتمرات والنشاطات النخبوية وتطوير أعضائها أكثر من العمل على الملفات الحقوقية العالقة، أما جمعية الحريات، فقد أعلن فترة انتهاء موتها السريري لتدخل إلى مرحلة الانتهاء والموت الفعلي. وجمعية المراقبة، تأسست لتنفيذ أجندة حكومية أكثر منها شعبية، بحسب بعض المراقبين وحجتهم في ذلك أننا لم نسمع لها أنشطة معينة أو حتى فعاليات خجولة، سوى مشاركتها في اجتماعات لجنة مكافحة التمييز، ولجنة مناهضة التعذيب في الأمم المتحدة بجنيف، وذلك للمساهمة في لعبة "تحسين الصورة" للحكومة ليس إلا! أما جمعية شباب حقوق الإنسان ، فمازالت فتية وتعتمد على تقوية أعضائها من الداخل قبل الانخراط في النشاط الحقوقي. على الضفة الأخرى، تبرز اللجان الحقوقية في الجمعيات السياسية، وهي في الغالبية غير نشطة جدا، سوى لجنة الحريات في جمعية الوفاق الوطني الإسلامية التي تعمل الآن على ملف "القوائم السوداء"، كما تعمل على "ملف الشهداء". زاد عدد القوانين المقيدة للحريات، فهي ليست محصورة في قانون العقوبات الصادر العام ،1976 بل امتدت إلى قانون الجمعيات وقوانين أخرى قادمة في الطريق، كما زادت نسبة الملفات الحقوقية العالقة، وكل ذلك يحتاج إلى "مؤسسة وطنية" وإلى نشاط حقوقي، يبدو ان الجمعيات الحقوقية مازالت غير قادرة على القيام به
العدد 1107 - الجمعة 16 سبتمبر 2005م الموافق 12 شعبان 1426هـ