توالت الضغوط الدولية وخصوصا الأميركية أخيرا على سورية واتهمت بالتورط المباشر فيما يجري في العراق من عمليات إرهابية يقودها مسلحون عراقيون وأجانب. فقد قال السفير الأميركي في بغداد زلماي خليل زاد، الذي يفترض أنه أكثر ضبطا للنفس كسفير دولة عظمى، "إن صبر الأميركيين أخذ في النفاذ تجاه السوريين" وان جميع الخيارات بما فيها العسكرية محتملة للتعامل مع دمشق على رغم استبعاد رئيسته كوندليزا رايس أمس اللجوء إلى القوة في هذا الموضوع. وكان الرئيس الأميركي جورج بوش جدد خلال استقباله الرئيس العراقي جلال الطالباني تحذيراته لسورية من أنها قد تعرض نفسها لمزيد من العزلة بسبب عجزها عن مراقبة حدودها لمنع المتسللين المتطرفين إلى العراق. وسبقت تصريحات المسئولين الأميركيين شكوى من وزير الدفاع العراقي سعدون الدليمي بأن سورية ترسل الدمار إلى العراق عبر حدودها. وهكذا وجد السوريون أنفسهم في موقف حرج سواء من جهة مضاعفات الاحتلال الأميركي لبلاد الرافدين أو من ناحية ما آلت إليه التحقيقات الدولية بشأن اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري. فقبل أسبوعين أخبر المحقق الألماني في القضية ديتليف ميليس الأمم المتحدة بأن دمشق غير متعاونة معه في التحقيق إلى أن حصل على رضوخ سوري بالسماح له التحري مع مسئولي الاستخبارات السورية الذين عملوا في بيروت سابقا ورفع السرية المصرفية عن حساباتهم. كل هذه الاتهامات جعلت الرئيس بشار الأسد يعزف عن حضور القمة العالمية للأمم المتحدة في نيويورك. لكن السؤال الذي يطرح نفسه لماذا توبخ سورية بالذات وفي هذا الوقت فيما يتعلق بالوضع الأمني في العراق؟ لا أحد يستطيع أن ينكر تعاون سورية مع العراق وبقدر استطاعتها كدولة صغيرة ونامية في مراقبة الحدود. كما أن دمشق تجاوبت وبسرعة مع القرارات الدولية وسحبت قواتها من لبنان. ولكن يبدو أن الولايات المتحدة تريد أن تغطي على الانتقادات التي يتعرض لها بوش في إخفاقاته تجاه كارثة إعصار كاترينا وإخفاقه في الوصول إلى وفاق بشأن الدستور العراقي وكذلك فشله في إقناع المعارضين للحرب الذين طاردوه حتى في إجازته. وتهدف الضغوط على سورية إلى تركيعها وبالتالي انتزاع اعترافات كبيرة من قادتها الأمنيين في عملية اغتيال الحريري. ولذلك ستظل دمشق شماعة لتعليق المآرب الأميركية في المنطقة في ظل غياب قوة متكافئة وحرة تحد من هذا الابتزاز الأميركي
إقرأ أيضا لـ "عزوز مقدم"العدد 1107 - الجمعة 16 سبتمبر 2005م الموافق 12 شعبان 1426هـ