يبدو واضحا أن مملكة البحرين مهتمة اهتماما كبيرا بالمحافظة على تراثها الأصيل، لما لديها من مخزون تراثي أورثه الأجداد والآباء، وأحد أوجه ذلك الاهتمام يتجلى في الدورة التي نظمها قطاع الثقافة في المتحف الوطني حديثا تحت عنوان: "الحفاظ على التراث وإدارة المواقع الأثرية"، والتي تمت بجهود ثنائية من قبل الوكيل المساعد للثقافة والتراث الوطني الشيخة مي بنت محمد آل خليفة، والتي حاضر فيها الأستاذ المساعد في الهندسة المعمارية والمتخصص في الحفاظ على التراث وتأهليه رامي طاهر، كما عمل في عدة مشروعات على الصعيد الإقليمي والدولي. وتعود أهمية تراث البحرين إلى التنوع الاجتماعي والبيئي والعمراني وحتى الاقتصادي الذي يعكس الكثير من مختلف جوانب الحياة آنذاك. واستغرقت الدورة التي شاركنا فيها مدة أسبوع وبلغ عدد المشاركين فيها 39 مشتركا وهي في الحقيقة غير كافية مقارنة بالموضوعات التي تحتويها الدورة، وقد شاركت مجموعة من دول مجلس التعاون الخليجي، ومنها دولة قطر، دولة الإمارات العربية المتحدة، المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان والتي تربطنا بها عدة روابط منها العادات والتقاليد والبيئة، وهي موضوعات تداخلت في مواد ورشات العمل التي ضمتها الدورة، فقد أقيمت زيارات ميدانية لبعض المباني والبيوت التراثية التي تم ترميمها ومن ثم إعادة استخدامها من جديد، وكنموذج على ذلك الاستخدام بيت الشيخ عيسى بن علي وبيت سيادي، استخدم هذان البيتان بعد ترميمهما كمتحفين يقوم بزيارتهما مختلف أطياف الزوار، وكذلك مركز الشيخ إبراهيم بن محمد آل خليفة في مدينة المحرق الذي استخدم كمركز تشع منه أضواء الثقافة على مدار السنة، وبيت عبدالله الزايد، الذي استخدم كمتحف لتاريخ الصحافة في البحرين، ويستطيع الزائر أن يستلهم منه واقع العالم العربي في ذلك الحين. وتعود أهمية المحافظة على التراث من خلال المحافظة على جميع أنواع المباني التراثية، بل على كل ما له علاقة بالتراث المحلي والعالمي، ويتعلق كذلك الأمر بالمحافظة على الحرف التقليدية بشتى أنواعها، والمخطوطات والأسلحة وغيرها مما خلفته الأجيال. إن إعادة استخدام المباني التراثية بعد مشروعات الترميم، هي في حد ذاتها اهتمام يرتقي إلى الوعي الحضاري - الثقافي الذي يتحلى به المسئولون، ويجب على الجميع إدراك أن مثل هذه المبادرات ليست بالأمر السهل، فهناك الكثير من الجهود يجب أن تبذل لتذليل العقبات التي تظهر من جميع الاتجاهات، بما فيها بعض العقليات التي تغتال هذا المخزون التراثي تحت عدة مبررات. بيت عبدالله الزايد، انتشله التفكير الحضاري من بين مجموعة بيوت آيلة للسقوط، وبعد عدة مراحل من الترميم والهندسية. اليوم هو مفخرة وشاهد على أن البحرين في طليعة السبق الصحافي في منطقة الخليج العربي، وكذلك مركز الشيخ إبراهيم الذي يحتضن عدة فعاليات خليجية وإقليمية ودولية على مدار السنة، والذي ساهم في نشر اسم البحرين على جميع الأصعدة الثقافية، وهناك بيوت أخرى كبيت الجسرة الذي بني في الثلاثينات واستخدم كمتحف يضم نمط الحياة التي تعود إلى تلك الفترة. وهذا الوعي الحضاري هو الذي جعل من موقع قلعة البحرين ضمن قائمة سجل منظمة اليونسكو للتراث العالمي، ونحن كوفد خليجي مشارك نهنئ مملكة البحرين على هذا الإنجاز، الذي بدوره يظهر إمكانات الوعي في منطقة الخليج العربي للعالم بأسره، وموقع القلعة ضم جميع المميزات التي أهلته للتسجيل ومنها واحة النخيل وساحل البحر والمباني التاريخية، ما أعطاها موقعا تاريخيا متميزا تشهده الأجيال الحاضرة والقادمة. وسيبقى التراث سجلنا نفتخر به ونقدمه للعالم مهما كان بسيطا
العدد 1106 - الخميس 15 سبتمبر 2005م الموافق 11 شعبان 1426هـ